الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء استقباله نظيره السنغالى
الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء استقباله نظيره السنغالى


مصر والســــنغال.. علاقات اقتصادية وثيقة بين أكبر اقتصادات أفريقيا| تقرير

أخبار اليوم

الجمعة، 28 يناير 2022 - 09:45 م

 إمانى عبد الرحيم -رشا صبيح-محمد رياض-نهال مجدى- مى فرج الله ​​​​​​​

حالة من الترابط الثقافى اضافت مزيدا من العمق والقوة فى العلاقات بين مصر ودولة السنغال منذ سنوات، فالسنغال والتى تعد واحدة من الدول الأفريقية التى تتمتع بمستوى تعليمى مرتفع، هى من أكثر دول أفريقيا ارتباطا بمصر من الناحية التعليمية والثقافية. 


ويرجع الفضل فى ذلك الى الأزهر الشريف الذى لعب دورا محوريا فى توثيق العلاقات المصرية السنغالية، من حيث نشر الدين الإسلامى الحنيف الوسطي، إضافة إلى تعزيز الانتشار المصرى بالسنغال. كما تعد السنغال ثانى أكبر دولة لديها طلاب يدرسون بالأزهر الشريف، بعد السودان، فى أفريقيا، حيث يصل عددهم إلى نحو 600 طالب سنغالى منهم نحو 30% يحصلون على منح دراسية. وتعتبر مصر الدولة الأولى فى إعطاء المنح الدراسية للسنغاليين على مستوى الدول العربية كما يعد الأزهر ثانى جامعة بعد جامعة داكار السنغالية يتخرج فيها الطلاب السنغاليون سنويا.

كما ان لدولة السنغال السبق كونها هى الدولة الأفريقية الأولى فى طرح مبادرة «علاقات ثقافية « مع مصر، كدليل على العلاقات الوطيدة بين البلدين والشراكة الاستراتيجية الممتدة. فقد اوضحت وكالة « اوول أفريكا» الاكثر شيوعا فى افريقيا ان مصر وقعت مع الحكومة السنغالية على اتفاق للمساهمة حول ترميم التراث الثقافى السنغالى والمخطوطات الإسلامية، إضافة إلى منحهم بعض القطع الأثرية المصرية المقلدة لعرضها فى « متحف الحضارات الأفريقية « الذى تم افتتاحه بالسنغال نهاية عام 2021 الماضى.

وقد تراوح عدد هذه القطع ما بين 26 و27 قطعة اثرية غير اصلية.
واشارت « اوول افريكا» الى مدى تأثر دولة السنغال بالثقافة المصرية وصلت الى حد تدريس الحضارة المصرية القديمة فى المناهج الدراسية لطلاب الشهادة الإعدادية بالسنغال، حيث يحمل اول درس بالمقررات السنغالية عنوان «مصر القديمة»، ولذلك على حد قول الوكالة إنه قل أن تلتقى سنغاليا إلا ويعرف الكثير عن مصر وتاريخها القديم.


يذكر انه فى بداية 2020 اهتمت وزارة الثقافة السنغالية بحضور افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب، ومن ثم حضور الندوات والفعاليات الثقافية، والتعرف على الأدب المصرى والالتقاء بالكتاب والشعراء لتوطيد العلاقات المصرية السنغالية. وكان «الى سى ببى» السفير السنغالى بالقاهرة قد اوضح أن السنغال مهتمة بالثقافة والفنون والأدب المصرى بكافة أشكاله، واشار الى عدد من علماء السنغال المتأثرين بمصر، منهم الشيخ « أنتا ديوب» الذى ما زالت كتاباته حول مصر والفراعنة تدرس فى جامعات أفريقيا كلها.

والزعيم والعالم « ديوب « الذى قدم كل مجهوداته للبحث عن قيمة (أفريقيا السوداء)، دافع عن مقام مصر حول العالم وتعمق فى تاريخها وحفظ كل ما يتعلق بها ووثقه عبر كتاباته، حيث قدم ما يقرب من 14 بحثا وكتابا عن مصر، وأصبح هذا الرجل الذى نشأ فى أقصى ريف السنغال ينور الدنيا ببحوثه حول قيمة مصر العظيمة، ويعرّف مصر الفرعونية.

 

الإرهاب وكورونا والاقتصاد..أهم أولويات الرئاسة السنغالية للاتحاد الإفريقى

 

يقول موقع «فينشرز أفريكا» المتخصص فى الشئون الاقتصادية الأفريقية إن صعود السنغال الإقليمى والقارى يأتى فى وقت حرج بالنسبة للقارة ككل، حيث أصبحت العاصمة داكار ساحة مختارة لمناقشة قضايا القارة مع الشركاء الدوليين.

وعن التحديات التى تواجه الرئاسة السنغالية للاتحاد الأفريقى قال الموقع فى تقريره المطول إن القارة تواجه أزمات متداخلة بسبب جائحة كورونا والاضطراب الاقتصادى ، وتغير المناخ ، والانهيارات السياسية ، وهو ما يعنى أن قيادة السنغال للاتحاد الأفريقى خلال العام الحالى ستكون محورية بالنسبة لجهود القارة الرامية إلى العودة إلى طريق الديمقراطية والتنمية.  

 


وستكون الدورة المقبلة هى الدورة الرابعة التى تتولى فيها السنغال رئاسة الاتحاد الأفريقي، حيث كانت المرة الأولى فى عهد الرئيس ليوبولد سيدار سنجور عام 1980 ثم الرئيس عبده ضيوف عامى 1985 و1992 وأخيرا يأتى دور الرئيس الحالى ماكى سال اعتبارا من فبراير المقبل. 


وبحسب موقع أفريكا ريبورتر فإن قائمة أولويات الرئاسة السنغالية للاتحاد الأفريقى تشمل إدارة ملف الحكومات الانتقالية فى كل من غينيا وتشاد ومالى والتى تمثل أزمة بالنسبة للاتحاد الأفريقى الذى يعلق عضوية هذه الدول حتى يتم تشكيل حكومات مدنية.


 أما الأولوية الثانية فتتمثل فى التعامل مع ملف الأمن الإقليمى وتصاعد خطر الجماعات الإرهابية المسلحة خاصة فى دول الجوار السنغالى مثل مالى وتشاد. وأضاف التقرير أن سال سيسعى إلى حشد الدعم الدولى والإقليمى لجهود احتواء هذا الخطر المتزايد، خاصة وأن الرئيس السنغالى دعا مرارا وتكرارا إلى زيادة التفويض الممنوح لقوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بمواجهة خطر الجماعات الإرهابية فى أفريقيا. 


وإلى جانب القضايا الأمنية، تأتى قضية جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية فى أفريقيا على رأس أولويات الرئاسة السنغالية للاتحاد الأفريقي. ويعتبر نقص اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد أهم المشكلات التى تواجهها القارة حاليا خاصة وأن نسبة من حصل على التطعيم الكامل من سكان أفريقيا لا تزيد على 10% ،حيث تحصل القارة على 1% فقط من احتياجاتها من اللقاحات وتعتمد بشدة على تبرعات الدول الغنية التى تحتفظ بالجزء الأكبر من إمدادات اللقاحات. 

 

الوكالة المصرية للشراكة.. دعم وتعزيز للتنمية فى السنغال

منذ ان تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئاسة عام 2014، حرص على الانفتاح على القارة الأفريقية، وتعزيز علاقات مصر بدولها فى كل المجالات، وسعت «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية» منذ أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى كلمته أمام القمة الـ23 للاتحاد الأفريقى فى العاصمة الغينية مالابو فى يونيو 2014 إلى تعزيز علاقات التعاون القائمة بين الدول الافريقية ودعم إمكانيات التعاون المتاحة مع عدد من الدول الافريقية وهيئات التنمية الدولية بهدف توفير مزيد من الموارد والدعم للأشقاء الأفارقة من خلال التعاون مع هذه الجهات فى التدريب والدعم الفنى المقدم من مصر للدول الأفريقية. 


وتركز الوكالة بشكل أساسى على دعم المشروعات التنموية الكبرى فى إفريقيا، لا سيما مع دولة السنغال حيث قامت الوكالة بدعم مجالات التنمية، مثل مجالات الاتصالات والنقل وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الصحية، والزراعة، والطاقة، ونقل الخبرات المصرية وتأهيل الكوادر السنغالية فى مختلف المجالات. 

 


وعملت الوكالة بالتنسيق مع الوزارات الاخرى المعنية فى الدولة نحو إقامة شراكة حقيقية مع القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية إلى جانب تطوير آليات التعاون مع وكالات ودول أخرى فى مجال توفير الخبرات وإقامة دورات تدريبية وغيرها من برامج التعاون للكوادر السنغالية، من اجل تحسين أداء بيئة العمل فى السنغال. 


ومنذ شهرين تقريبا كان هناك جولة مشاورات سياسية على المستوى الوزارى بين مصر والسنغال والتى تم استضافتها فى العاصمة داكار، وتناولت المشاورات تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خاصةً فى مجال الاستثمار والتبادل التجارى والتعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، وتباحث الجانبان حول نقل الخبرات المصرية المكتسبَة خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى عام 2019 إلى الجانب السنغالى الذى سيتولى رئاسة الاتحاد هذا العام. .

وتم استعراض الدورات التى تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وإمكانية استفادة السنغال من هذه الدورات، خاصة فى مجال بناء القدرات والتدريب والمجالات الشرطية والفنية وقطاعى الاتصالات والزراعة، بالاضافة الى فتح المجال أمام الشركات المصرية للدخول إلى السوق السنغالى والاستفادة من الخبرة المصرية فى قطاعات السياحة والصحة والإسكان والطرق. 


ومؤخرا قامت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بتقديم العديد من الشحنات والمساعدات الطبية من أجل مساعدة الحكومة السنغالية على مواجهة انتشار جائحة كورونا.كما تقوم الوكالة بإيفاد العديد من البعثات الثقافية المتخصصة من اجل المساهمة فى ترميم التراث السنغالي.

وتولى مصر من خلال الوكالة أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها التجارية مع السنغال لتعكس الإمكانات الاقتصادية الهائلة التى يتمتع بها البلدان خاصة فى ظل دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية حيز التنفيذ، الأمر الذى سيكون من شأنه بدء مرحلة جديدة للتعاون بين البلدين من خلال فتح الأسواق الأفريقية أمام المصدرين والمستثمرين.

وتسعى السنغال لمضاعفة حركة التبادل التجارى مع مصر خاصة ان الميزان التجارى الحالى يميل لصالح الجانب المصرى حيث تحتل مصر المرتبة الرابعة فى الدول المصدرة للسوق السنغالي. 

 

جامعة «سنجور».. رمز سنغالى فى قلب الإسكندرية

تعد جامعة سنجور» للتنمية الإفريقية التى أنشئت بمدينة الإسكندرية فى مايو 1989، احد اهم معالم التقارب المصرى السنغالى. فالجامعة التى تهدف لخدمة قضايا التنمية فى قارة أفريقيا سميت بهذا الاسم نسبة إلى الأديب والرئيس السنغالى الأسبق ليوبولد سنجور، (اول رئيس للسنغال بعد الاستقلال) ويجرى العمل حالياً على إنشاء المقر الرئيسى الدائم لها بمدينة برج العرب الجديدة..

وتعود فكرة إنشاء الجامعة لأوائل السبعينيات عندما قررت المنظمة الدولية للفرانكوفونية عمل دراسة أولية لإنشاء رابطة الجامعات الفرنسية، وكان الهدف من إنشاء الرابطة هو أن تصبح نواة لإنشاء جامعة مستقلة تهدف إلى تطوير العلوم، حوار الثقافات، وحماية القيم الأفريقية.

 

ولكن تأجل المشروع حتى مايو 1989 حين عُقد مؤتمر قمة لرؤساء دول وحكومات البلدان الناطقة بالفرنسية فى مدينة داكار (عاصمة السنغال)، وتم خلاله عرض مشروع إنشاء الجامعة الفرنكوفونية للتنمية الأفريقية واعتمد المشروع فى نهاية المؤتمر، وتم الاتفاق على تسمية الجامعة باسم «الجامعة الدولية الناطقة بالفرنسية للتنمية الإفريقية» ثم تحول الاسم إلى «جامعة سنجور» نسبة إلى الرمز السنغالي الكبير. كما تم الاتفاق على أن يكون المقر الرئيسى للجامعة فى مصر.

بعد ذلك تم توقيع اتفاقية إنشاء الجامعة بين المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية والحكومة المصرية، واختيار مدينة الإسكندرية مقراً لها.
فى أكتوبر 1990 تم افتتاح الجامعة بشكل رسمي، وتم تعيين ألبرت لوردى رئيساً لها، وبدأت الدراسة فى قسمين فقط هما الإدارة، والصحة، ثم افتتح قسم البيئة سنة 1991، ثم قسم الثقافة سنة 1993،

وإدارة المخاطر العالمية والأزمات سنة 2000، وكانت الجامعة تستقبل منذ إنشائها 50 طالبا فقط سنوياً، وذلك حتى سنة 2003 عندما ارتفع عدد الطلاب الذين تستقبلهم الجامعة إلى 100 طالب، ثم إلى 150 طالبا سنة 2009، ثم 200 طالب سنوياً سنة 2013. 

علاقات اقتصادية وثيقة بين ثانى أكبر اقتصادات أفريقيا ورابع اقتصاد فى الإيكواس


الاقتصاد المصرى هو ثانى أكبر اقتصاد داخل أفريقيا، وفقًا لما ذكره البنك الدولي. فى المقابل السنغال هى رابع أكبر اقتصاد فى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «الإيكواس»، وهى مُنظمة سياسية واتحاد اقتصادى إقليمى يتكون من 15 دولة تقع غرب أفريقيا. فى نفس الوقت تتمتع مصر بعضوية الإيكواس بصفتها عضوًا مراقبًا رغم أنها ليست من دول غرب أفريقيا.

الأمر الذى يرجع إلى أهمية الدور المصرى فى كل أنحاء القارة الأفريقية. من هذا المنطلق تبدو آفاق التعاون بين مصر والسنغال واسعة، خاصة ان أفريقيا إحدى الأسواق الجغرافية المستهدفة للصادرات المصرية، كما تمتاز القارة بسهولة نفاذ المنتجات المصرية إليها..

​​​​​​​

 

وتملك السنغال مقومات تجعل منها واحدة من الدول المتقدمة على مستوى القارة، إذ تحتوى على احتياطات من الفوسفات وخام الحديد والذهب والتيتانيوم، وزراعيا تشتهر بالفول السودانى والسمك، والذرة الرفيعة والأرز..

ويرى موقع «ذا افريقيا دوت كوم» ان البعثات التجارية التى أطلقتها مصر إلى وسط وغرب إفريقيا تهدف إلى استكشاف فرص التجارة والاستثمار المتاحة فى هذه الأسواق الواعدة وتعزيز التعاون مع مجتمعات الأعمال فى جميع أنحاء القارة وقد بدأت مصر بعثاتها بالتوجه الى السنغال والكاميرون وذلك بالتنسيق والتعاون مع الدائرة التجارية المصرية (ECS) والتجارى وفا بنك وهو أحد أهم البنوك العاملة فى هذين البلدين. ويأتى هذا التوجه فى إطار حرص الحكومة المصرية على تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للدول الأفريقية وذلك بهدف رفع قدراتهم فى جميع المجالات المتعلقة بتحرير التجارة وتشجيع الاستثمار ومشاركة التجربة المصرية فى دعم القطاع الصناعى ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs)..

وتعّد الطاقة المتجددة أحد ابرز النقاط المشتركة بين البلدين، فالسنغال موطن «لأكبر مزرعة للطاقة الشمسية فى غرب إفريقيا»، مع العديد من أنظمة الطاقة الشمسية الخاصة المثبتة فى المنازل. وتعتمد السنغال بشكل كبير على واردات النفط للحصول على الوقود؛

ومع ارتفاع أسعار النفط تحولت مشاريع الطاقة المتجددة لمركز جذب للمستثمرين، مما يمنح البلاد المزيد من الفرص لزيادة الطاقة المستدامة، بما فى ذلك الطاقة المائية وطاقة الرياح والغاز الطبيعى والغاز الطبيعى البحري.. من هنا يرى المراقبون أن المجال مهيأ تماما لدخول الشركات المصرية فى العديد من المشروعات التنموية ومشروعات المقاولات والطاقة داخل السنغال، وهو ما يعنى توسيع آفاق التعاون الاقتصادى بين البلدين.
اقرأ ايضا | «سى. إن. إن»: نمو الاقتصاد المصري يتخطى توقعات صندوق النقد الدولى​​​​​​​

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة