كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الحوادث الفردية ليست ظاهرة!

كرم جبر

الثلاثاء، 01 فبراير 2022 - 07:41 م

فى كل بلاد الدنيا تحدث الجرائم الشاذة والغريبة، وتتناولها وسائل الإعلام فى حجمها الحقيقى، إلا فى مصر، يحلو للبعض أن يجعلها ظاهرة.


 وتنقل عنا وسائل الإعلام فى الخارج، وكأنها حوادث لا تحدث إلا فى مصر، وعندما تتحدث مع المسئولين فيها، يقولون ليس ذنبنا أننا ننقل عنكم.


 وزادت مُعدلات التهويل والتعميم، عن حُسن نية أو سوء قصد أو جرياً وراء التريند، وتحقيق مُعدلات مُشاهدة كبيرة، فأصبحت تجارة فاسدة.


 يحدث فى كل بلاد الدنيا أن تترك امرأة أولادها لتتزوج بآخر، وأن يعانى الأطفال مشاكل كثيرة بين الأبوين وأسرتيهما، وإذا حدث ذلك فى مصر تبدأ فصول من التشويه والإثارة، وكأن الأمر شأن مصرى فقط.


 زادت جرائم الابتزاز الإليكترونى وأسقطت ضحايا، ليس البنات المُنتحرات فقط، ولكن على مستوى الأزواج والزوجات ونشر الفضائح، ولا يخلو مجتمع خارجى منها، ولكنهم ينشرون هناك على استحياء.


 وفى مصر يتم التضخيم وكأننا نعوم فوق بحيرة فضائحية، دون مراعاة لاعتبارات حفظ سمعة الأسر والعائلات والروابط الاجتماعية والقواعد الأخلاقية.
 من حق الإعلام بمُختلف أنواعه أن يتناول ذلك ولا يستطيع أحد أن يمنعه طالما التزم بالضوابط القانونية، ولكن شتان بين التناول بهدف الوعى والإصلاح والردع، وبين التهييج والإثارة والتحريض وفضح سُمعة الناس.


 سوشيال ميديا قلبت الموازين وغيرت المفاهيم واختصرت الزمن والمسافات، ووضعت فى أيدى الناس أجهزة صغيرة، ولها مفعول أقوى من القنابل والمُتفجرات.


 منذ سنوات كانت المنشورات والخطابات السرية مجهولة الهوية وغيرها من الأساليب، هى أسلحة الحروب الخفية، وكُنا نرى فى أفلام «أبيض وأسود» المنظر المألوف لأحد المُخبرين يرتدى بالطو صوف طويلا فى عز الحر، وفى يده جريدة فيها ثُقب ليراقب الآخرين، ثم يقول لأحد المارة عبارته الشهيرة «تسمح تولعلى».


 كانت الدُنيا غير الدُنيا، والأخلاق فى حدها الأدنى تتضمن سلوكيات لا يمكن انتهاكها، و«كنا» فى مصر نزهو بأخلاق القرية والأرياف والعادات الأسرية المتوازنة.


 «كنا».. ولم يكن أحد يتناول الشأن المصرى والأحوال المُجتمعية والأُسرية إلا فى حدود الاحترام، ولكن فى زمن الإنترنت اُنتهكت كل المُحرمات.
 لا يجدى البكاء على اللبن المسكوب.


 ولكن فلنحفظ للمجتمع قدراً من تماسكه وللأُسر شيئاً من احترامها وللناس سُمعتها وخصوصيتها، ولا تكون الفضائح هى الأسلوب المُعتمد للشُهرة والانتشار والتريند، اللعب على أحبال الإثارة والبحث عن مُتابعين.


 كأس سيذوقها الجميع، إذا لم يتم إفراغها من السموم، وحرب وقودها الملوثات، ودُنيا جديدة اختلطت فيها الثقافات الرديئة ببقايا الفضيلة.
 على الأقل الحفاظ على الخيط الرفيع بين الحُرية والاغتيال.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة