لوحات الفنان محمد هريدى
لوحات الفنان محمد هريدى


«محطات» محمد هريدى.. تلقائية محملة بالتراث

آخر ساعة

الأحد، 06 فبراير 2022 - 12:57 م

رشيد غمرى

فى معرضه الذى اختتم أيامه بمتحف مختار، قدَّم الفنان محمد هريدى تجربته الممتدة على مدى سنوات تحت عنوان محطات 13..13،  وحملت اللوحات مشاعر وذكريات، صاغها فى أفكار بسيطة، وأسلوب تلقائي، يشع بالصدق، والتعاطف. الفنان الذى لم يدرس الفن أكاديميا، له خبرة طويلة فى مجال الطباعة، طوَّعها، وولج من خلالها إلى عالم الفن، محملا بتراث ممتد، ظهر فى أعماله عبر الموضوعات والمفردات والتقنيات.

الهموم الشخصية التى يحملها كلٌ منا، كانت الدافع وراء رسم لوحات المعرض، وقد صورها الفنان بطريقة مفرطة فى البساطة، واضعا إياه على رأس الشخص، وفق التعبير الشعبي، ممثلة فى أرنب، سمكة، طائر، أو حتى مزهرية. وشخوصه أغلبهم شعبيون، رسمهم ببساطة الرسوم الشعبية على جدران المنازل. ويبدو الفنان ابنًا أصيلًا لتلك الفطرة العفوية، رغم تمتعه بثقافة معرفية وبصرية، أكثر تعقيدًا، أتاحت لتنويعات أعمق من التراث المصرى أن تظهر فى أعماله.

التوازن فى أبسط صوره يبدو مساحته الآمنة، لبناء اللوحة. ومع قلة المفردات يتجاوز المتلقى بساطة الأشكال، باحثا عما بداخلها. ولأن شخصياته مقتصدة فى إظهار مشاعرها، نجد أنفسنا مضطرين للبحث عما وراءها، من خلال إعادة النظر فى المشهد برمته. وهنا ينفتح المعنى، ويغدو قابلا لتأويلات متباينة، فالمزهرية ذات الغطاء على رأس الفتاة، يمكنها أن تتواصل مع عدد لا نهائى من الآنية الحقيقية والرمزية، من الأوانى الكانوبية فى المقابر الفرعونية، إلى فكرة الأنوثة نفسها، مرورا بكل ما هو مجوف، ومقفل، وكل ما يصلح أن يحوى الماء أصل الحياة، أو أفعى قاتلة. وعند استجلاء معنى محدد من ملامح الفتاة، نجد التحدى يمزج بالتماهى مع القدر. فالحِمل مفروض، ولكن الفتاة تحمله بمسئولية. فهل يمكن أن يكون ذلك المحمول هو الحياة نفسها؟

فى لوحة أخرى لامرأة جالسة، وعلى رأسها تاج، أو زهرة، نجد النظرة المبهمة والمهمومة نفسها، ما يشير لمفارقة أن بعض الميزات هى أعباء، كالأنوثة نفسها. كذلك يظهر الحزن والتساؤل، فى نظرة المرأة التى تجلس خلف سياج قصير مزخرف، وإلى جوارها إصيص فيه زهرة كبيرة، وزهور وليدة، لم تقطف، ولكنها أيضا لا تنبت فى أرضها، ومقتطعة من الطبيعة، لتؤدى أدوارا، يمكن بسهولة حملها إليها. وقد تقدم أيضا تعاطفا مع حال المرأة، الذى يظهر فى لوحات عديدة.

ويظهر القط الأسود بطلا لإحدى اللوحات، بعينين حمراوين، وهو ليس الحيوان الأليف الذى نعرفه، بل المفترس، الذى يعلق بفخر حلية على شكل فريسته المفضلة، ممثلة فى سمكة، لكنه يتحوَّل إلى قط أخضر، فى لوحة أخرى، بصحبة امرأة على خلفية بحر وثمار، متراوحا بين حقيقتين وطبيعتين متداخلتين، مثلنا جميعا.

وفى لوحة أخرى تظهر امرأة على رأسها طائر، تم تدجينه حتى صار عبئا. وهو قد تنازل عن التحليق، مقابل الأمان، غير عابئ بالمصير، الذى ربما يعرف أنه ينتظر الجميع، من طاروا ومن بقوا.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة