خـالد مـيرى
خـالد مـيرى


نبض السطور

ريان سيظل حياً

خالد ميري

الأحد، 06 فبراير 2022 - 07:12 م

مات ريان بعد أن علّمنا أهم دروس الحياة، صعدت روح الطفل المغربى ريان إلى خالقها بعد أن أضاء الأرض بأنوار الإنسانية والسلام والمحبة.. وبعد أن تجمعت حوله قلوب البشر أجمعين.
ريان جمعنا على كلمة سواء وعلى دعوة سيدنا يونس - أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين -، وعلى مدار خمسة أيام لم نتوقف لحظة واحدة عن متابعة جهود رجال الإنقاذ المغربى الأبطال، وهم يحاولون إخراجه من وضع مستحيل فى غيابة الجب.. تابعنا الأخبار لحظة بلحظة ويقيننا راسخ أنه سيخرج سالماً، لم نفقد الأمل وتعالت دعواتنا بأن يخرجه الله من البئر على عمق يزيد على ثلاثين متراً كما خرج سيدنا يونس من بطن الحوت ولم يلبث فيه إلى يوم يبعثون، دعونا أن يعود إلى أمه كما عاد سيدنا يوسف إلى والده وعاد إليه بعد أن أصبح عزيز مصر، اجتمعنا على الاستغفار والذكر والتسبيح ونحن نترقب لحظة خروجه حياً، لم نفقد الأمل ولو كان كمثل - ثقب الإبرة - وكان يقيننا راسخاً أن الله قادر على كل شىء وبيده وحده مفاتيح الموت والحياة.
اجتمعت قلوبنا على كلمة سواء وعادت إلينا إنسانيتنا من بين مخالب صراعات الحياة ومتاهاتها التى لا تنتهى، دعوناك ربنا - سبحانك إنا كنا من الظالمين - وفعل رجال الإنقاذ ما يشبه المعجزة.. حفروا بدقة طريقاً وسط الصخور على عمق ثلاثين متراً دون أن يسقط حجر واحد على الطفل الصغير، وصلوا إليه أخيراً وانتظرنا أن يردوه إلى صدر أمه كى تقر عينها كما قرت عين أم سيدنا موسى بعد أن أعادوا إليها رضيعها لتمنحه الحب والحنان.. لكن ريان لم يخرج حياً.. روحه فاضت إلى بارئها ومن أعماق الأرض خرجت روحه عالية تحلق فى السماء.. خرجت وأرواحنا معلقة بها بعد أن علمنا أهم دروس الحياة، وبعد أن أعادنا لإنسانيتنا وفطرتنا الأولى ومسح على صدورنا بلمسة الحنان والحب التى جمعتنا على كلمة رجل واحد.
مهما كانت الخلافات بيننا ومهما باعدت بيننا المسافات ومهما تصورنا أن التقارب مستحيل، أثبت ريان أن كلمة الحب والإيمان والعطف والإنسانية أقوى من كل خلاف وفوق كل مسافة وأقرب من حبل الوريد، أثبت لنا من جديد أننا بشر نحب ونؤمن ونتمسك بالأمل وما بيننا من مسافات مجرد أصفار على ورق، فالروابط بيننا أقوى وأعمق وتلامس الروح. مات ريان وعاد إلى خالقه طيراً من طيور الجنة وترك لنا دروساً  يجب ألا تغيب، ما بيننا كعرب ومسلمين أكبر من أى خلاف وفوق كل مسافة أو اختلاف، ما بيننا رباط لم ولن ينفصم مهما حاول البعض أن يفرقوا بيننا، علمنا ريان أن الإنسانية تجمع كل أهل الأرض مهما كانت الأعراق والأجناس والألوان والأديان، كلنا من آدم وآدم من تراب.. كلنا من نفس الأصل وإليه سنعود.


ريان سيظل حياً فى قلوبنا ولن ننساه، ريان هبة إلهية أحيا قلوبنا من جديد وجمعنا على كلمة سواء، إلى جنة الخلد ذهب ريان، وفى قلوبنا سيظل حياً إلى أن نلتقيه بمشيئة الله.


وداعاً ريان وإلى لقاء، وداعاً ريان لكن الدروس ستظل حية فى القلوب والنفوس، وداعاً طفلنا العربى الذى علمنا أن الأمل أقوى ما يمتلكه الإنسان.


قصة ريان الحية فى قلوبنا ستظل تذكرنا دوماً أن هناك أطفالاً يدفعون أرواحهم ثمناً لصراعات لا ذنب لهم فيها.. فى عالمنا هناك ملايين الأطفال فى حاجة إلينا.. دعونا نتعلم من ريان أن ننحى خلافاتنا جانباً وأن نصطف كالبنيان المرصوص، لنمنح الأمل والحياة للأطفال.


ريان إلى جنة الخلد ورسالته ستظل حية بعلم الوصول.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة