محمد ياسين
محمد ياسين


أتعبتنا يا ريان

آخر ساعة

الثلاثاء، 08 فبراير 2022 - 09:54 ص

جلسنا‭ ‬جميعا‭ ‬نتابع‭ ‬أزمة‭ ‬الطفل‭ ‬المغربى‭ ‬ريان،‭ ‬الذى‭ ‬أدمى‭ ‬قلوبنا،‭ ‬وأحيا‭ ‬فينا‭ ‬الأمل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لظهور‭ ‬الإنسانية‭ ‬التى‭ ‬رحلت‭ ‬عنا‭ ‬دون‭ ‬رجعة‭.‬

نجح‭ ‬ريان‭ ‬فى‭ ‬توحيدنا‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬واحد،‭ ‬نجح‭ ‬فى‭ ‬نزع‭ ‬أى‭ ‬خلاف‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بيننا،‭ ‬لنتابع‭ ‬أزمته‭ ‬بعين‭ ‬الإنسانية‭ ‬والعطف‭ ‬والترقب‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬قادم،‭ ‬لم‭ ‬يقصِّر‭ ‬فريق‭ ‬الإنقاذ‭ ‬المغربى،‭ ‬فقد‭ ‬سخّرت‭ ‬الدولة‭ ‬كل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استخراجه‭ ‬من‭ ‬حفرته‭ ‬التى‭ ‬حُشر‭ ‬بها،‭ ‬ظل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬96‭ ‬ساعة‭ ‬محشورا‭ ‬بين‭ ‬الأمل‭ ‬والرجاء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬منها‭.‬

ريان‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬مثالا‭ ‬للأمل‭ ‬الذى‭ ‬كنا‭ ‬ننتظره،‭ ‬والحلم‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يأتِ،‭ ‬والفرحة‭ ‬التى‭ ‬ضاعت‭ ‬من‭ ‬وجوهنا،‭ ‬والإنسانية‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬طريق‭ ‬قلوبنا‭.‬

لم‭ ‬يتعاطف‭ ‬العالم‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬فلسطين‭ ‬الذين‭ ‬تقتلهم‭ ‬آلة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الصهيونى،‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬سوريا‭ ‬الذين‭ ‬يحصدهم‭ ‬البرد‭ ‬والصقيع،‭ ‬حتى‭ ‬أطفال‭ ‬اليمن‭ ‬الذين‭ ‬يموتون‭ ‬جوعاً‭ ‬لم‭ ‬نشعر‭ ‬بهم‭ ‬مادامت‭ ‬بطوننا‭ ‬ممتلئة‭ ‬وموائدنا‭ ‬عامرة،‭ ‬لم‭ ‬تتحرك‭ ‬ضمائرنا‭ ‬لأب‭ ‬مات‭ ‬فى‭ ‬الصقيع‭ ‬وهو‭ ‬يحتضن‭ ‬طفليه‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬المخيمات‭. ‬

نجح‭ ‬ريان‭ ‬فى‭ ‬إحياء‭ ‬الإنسان‭ ‬الميت‭ ‬داخلنا،‭ ‬ظللنا‭ ‬نتابع‭ ‬أخباره‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭ ‬وفى‭ ‬قمة‭ ‬الأزمة،‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬تجرد‭ ‬من‭ ‬إنسانيته،‭ ‬وينشر‭ ‬فيديو‭ ‬مفبرك‭ ‬عن‭ ‬خروج‭ ‬ريان،‭ ‬ليحصد‭ ‬مشاهدات‭ ‬يجنى‭ ‬بها‭ ‬أموالا‭ ‬توضع‭ ‬فى‭ ‬جيبه،‭ ‬ولكنها‭ ‬أموال‭ ‬الخزى‭ ‬والعار،‭ ‬كيف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬بعواطف‭ ‬الملايين‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرون‭ ‬الفرج‭ ‬والفرحة‭ ‬بخروج‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬لحده‭.‬

ريان‭ ‬أنهكنا‭ ‬وأتعبنا،‭ ‬إصاباته‭ ‬كانت‭ ‬بالغة،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬جسده‭ ‬النحيل‭ ‬احتمالها،‭ ‬وكأن‭ ‬السماء‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬ترسل‭ ‬رسالة،‭ ‬فبمجرد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬ضيقته‭ ‬وانفراج‭ ‬أزمته،‭ ‬تُوفى،‭ ‬فوفاته‭ ‬هى‭ ‬عنوان‭ ‬الأزمة‭.. ‬الأمل‭ ‬مات‭.. ‬والفرصة‭ ‬الأخيرة‭ ‬ماتت‭.. ‬وكأن‭ ‬لحظة‭ ‬لقائه‭ ‬كانت‭ ‬لحظة‭ ‬وداعه،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يُقال‭.‬

الله‭ ‬يرحمه‭ ‬ويصبَّر‭ ‬أهله‭.. ‬نعزى‭ ‬أنفسنا‭.. ‬

Email‭: ‬[email protected]

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة