يحيى وجدى
مشروع القراءة الذي نريد
الجمعة، 11 فبراير 2022 - 02:17 م
كتبت هنا في الأسبوع قبل الماضي، عن مجتمع المسرح ومجتمع الملعب، وقلت إنه لا تعارض أبدا بين الاهتمام بالرياضة وبين دعم النشاط الثقافي وتجذيره شعبيا، وأن امتلاء المدرجات بجماهير الكرة يجب أن يكون موازيا لامتلاء المسارح ومقاعد الندوات وطاولات المكتبات.. المجتمعات السوية هي التي تستوعب دروس التاريخ، وتدمج في اختياراتها بين مجتمع روما القديم (مجتمع الملعب) ومجتمع اليونان القديم (مجتمع المسرح) صحيح أن ذلك محكوم بتفاعلات إجتماعية وظروف موضوعية وذاتية، وليس بقرار فوقي، لكن دعم الاتجاه مهم ومؤثر.
في يوم الجمعة الأخيرة من أيام معرض القاهرة الدولي الكتاب وقبل انتهاء فعالياته بثلاثة أيام، زار المعرض بحسب بيانات الهيئة العامة للكتاب منظمة الحدث ما يقارب 300 ألف زائر في هذا اليوم، ولأنني كنت هناك، فقد شهدت هذا الإقبال الرهيب الذي تحدى الطقس السيء والأمطار الغزيرة، ولمست حرص الآلاف ممن نقلتهم الأتوبيسات من المحافظات في رحلات خاصة، على حضور الحدث، ولم يكن حضورهم لمجرد “تغيير جو” أو قضاء يوم مختلف في العاصمة، بل كان شغفا حقيقيا بالحصول على الكتب واقتناءها..
لاحظت هذا في أسئلة الجمهور في أجنحة دور النشر المختلفة عن عناوين معينة، وفي الإقبال الكبير على الجناح المخصص لسور الأزبكية حيث تباع الكتب المستعملة بأسعار أقل من نظيرتها الحديثة.. في الواقع كان الأمر يشبه الهجوم المتعطش أكثر من كونه مجرد إقبال، ذلك أن الشكوى الرئيسية للجمهور كانت هي ارتفاع أسعار الكتب الجديدة!
لم ينافس سور الأزبكية في حجم المبيعات سوى جناحي هيئة الكتاب وهيئة قصور الثقافة، لكن احتياجات هذا الجمهور الواسع والمتنوع لا يكفيها إنتاج المؤسستين الحكوميتين، فهناك العديد من العناوين الحديثة والترجمات مطروحة في دور النشر الخاصة المحلية والعربية بأسعار ليست في متناول الغالبية العظمى من هذا الجمهور الذي يقول لنا بوضوح إننا نحتاج إلى مشروع قومي لدعم الكتب والنشر على غرار مشروع القراءة للجميع في بداياته.. مشروع يعطي دفعة أكبر لمؤسسات النشر الحكومية، ويجذب المؤلفين والمترجمين للنشر عبرها، وفي الوقت نفسه يدعم دور النشر الجادة ويساعدها على خفض تكاليف الإنتاج، ويقدم لها مزايا إذا ما وفرت كتبا جيدة بأسعار مخفضة، ويعطي تسهيلات لدور النشر العربية عند مشاركتها في معرض القاهرة وغيره من المعارض المحلية، التي يجب أن تتوسع وتزيد..
لدينا جمهور واسع من القراء، وهذا أمر عظيم.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة