الناشرة فدوى البستانى
الناشرة فدوى البستانى


أقلام مارونية فى الصحافة المصرية

آخر ساعة- عبدالهادي عباس

الأحد، 13 فبراير 2022 - 01:37 م

يوضح الكاتب اللبنانى فارس يواكيم، مؤلف كتاب «الأسراب الشامية فى السماء المصرية»: كثيرة هى الأقلام اللبنانية التى كتبت فى الصحافة المصرية، خصوصا فى بداياتها، أصاب بعضهم شهرة، ولم تُسلَّط الأضواء كفاية على البعض الآخر، من هؤلاء حبيب جاماتى، الذى كتب فى صحف مختلفة باللغتين العربية والفرنسية، وكان ضمن فريق التحرير فى «روز اليوسف» لدى صدور العدد الأول منها، إلى أن استقر به المقام فى دار الهلال التى عمل بها محررا فى «المصور»، وإنْ كان يمدّ مجلات الدار المختلفة بمقالاته، ومعظمها فى الشئون العربية وهو صاحب خبرة أكيدة، كان من الصحفيين القلائل فى زمانه، الذين ربطتهم بعدد من الملوك والرؤساء العرب علاقات صداقة، قبل أن يصلوا إلى سدة الحكم؛ إذ إنه شارك مناضلا فى الثورة العربية التى قادها الشريف حسين ضد العثمانيين سنة 1916، إلى جانب لورانس العرب الشهير وفيصل الأول (ملك العراق لاحقا) وعبد الله الأول (مؤسس المملكة الأردنية) ونورى السعيد رجل العراق القوى وسواهم، وكان الحبيب بورقيبة يحلّ ضيفا فى منزله فى زياراته إلى القاهرة قبل أن يتسلم رياسة تونس؛ الأمر الذى أتاح له عندما عمل فى الصحافة، أن يكون واسع الاطلاع، يستقى الأخبار من منبعها الأول أحيانا، تميّز حبيب جاماتى أيضا بسلسلة مقالات بعنوان «تاريخ ما أهمله التاريخ» كان ينشرها فى مجلة «كل شىء والدنيا» وبعد توقفها أكمل السلسلة فى «المصور»، أفاد المسرح العربى بترجمة بعض المسرحيات العالمية التى قدمتها فرق جورج أبيض وفاطمة رشدى ويوسف وهبى، وبعد أربعة عقود متتالية توقف نشاطه فى دار الهلال بسبب وفاته سنة 1968، وكان فى السنوات الأخيرة تولى رياسة تحرير مجلة «إيماج» الفرنسية. 


 ويضيف: ومن هذه الأقلام التى تألقت وكان لها دور بارز فى الحياة الثقافية، يوسف الخازن الذى وفد إلى مصر عام 1885 واشتغل فى وظائف مختلفة إلى أن خاض مجال الصحافة محررا فى صحيفة «الوطن» وتدرّج فيها حتى تولّى رئاسة تحريرها، وأصدر مجلة «الخزانة» الشهرية فى يوليو 1900، وهذه لم تعمر كثيرا؛ فحلّت «بريد الأحد» محلها بدءا من نوفمبر 1902 لمدة عام، وفى عام 1920عاد إلى بيروت ومارس العمل السياسى وانتخب نائبا فى البرلمان، ولم ينس دوره الصحفى فأصدر عدة جرائد آخرها «البلاد» التى أوقفتها سلطات الانتداب الفرنسى سنة 1940 ووضعت صاحبها فى الإقامة الجبرية، لكنه نجح فى الفرار إلى تركيا ومنها إلى إيطاليا حيث توفى سنة 1944. 


ويقول د، رياض نخول مؤلف كتاب «داود بركات شيخ الصحافة العربية»: يُعد بركات من أغزر الكتاب إنتاجًا صحفيا وأدبيا وسياسيا نظرًا لِعَدد المقالات التى كان ينشرها على مدى أربعين سنة فى الصحف، توسَّل فيها العِلم سبيلًا لِتَحقيق أى إصلاح، ودعا إلى إجراء تعديلات جذرية تَطُول المناهِج التعليمية، وطالب بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وتعزيز مَكانة المرأة وتعليمِها لأنها نصف المجتمع المربى، وبإلزامية التعليم ومجانيته لكل فئات المجتمع، ودعا إلى احترام جميع الأَديان وخصوصيات الأقليات وحضارات الشعوب وتراثِها، عدَّ التعددية الدينية فى الشَّرق مصدر غنى حضاريا يؤمِّن تفاعلا إِنسانيا راقيا، وأن تعميم ثقافة الحوار تزيد من وَحدة البشريَّة وارتقائها بِتَضامُنها، الأمر الذى يُسقط الحدود المصطنعة ويسمح بتلاقى البشر على قيم حضارية وَفْقَ عولمة إنسانية شاملة. 

 

أوراق من سيرة «آل البستانى» 

 الناشرة فدوى البستانى، عضو الهيئة الاستشارية العليا للمركز المارونى اللبنانى، التى كرمها المطران شيحان مؤخرا بمنحها وسام «الأرز» الأول، تحكى ذكرياتها عن عائلة البستانى العريقة، فتقول: جدى الشيخ يوسف توما البستانى، كان صديقا للأديب الكبير جبران خليل جبران وكانت بينهم مراسلات كثيرة، وقد عرض عليه جدى ترجمة كتابه الأشهر «النبى» إلى العربية، ولم تكن مؤلفات جبران وقتذاك قد تُرجمت بعد إلى العربية، فوافق جبران على ترجمتها ولم يأخذ من جدى أى أموال لاعتبارات الصداقة بينهما، وكان جدى يُلقب بشيخ الناشرين، فقد أسس «دار العرب للبستانى» عام 1900 وهى من أقدم دور النشر العربية، ونشر لكبار الأدباء العرب، فبجانب أعمال جبران خليل التى قدمها بالعربية، نشر لإبراهيم اليازجى، وأحمد فارس الشدياق وغيرهما، وقد حصل جدى على عدة أوسمة ونياشين منها: «نيشان نشر المعارف» من باى تونس (حاكم تونس فى ذاك العصر)، ونيشان «الاجتهاد والتقدير» من حكومة العراق فى عهد الملك فيصل. 


وأكمل أبى الدكتور صلاح البستانى المسيرة من بعده، فمن خلال موقعه كأستاذ زائر فى قسم المكتبات بكلية الآداب جامعة القاهرة وما ورثه من تراث العائلة كان معتزا بالتراث العربى فوضع وحقق وألف عدة كتب منها: «ألف كلمة للإمام على بن أبى طالب»، و«تاريخ الصحافة خلال الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801) بالإنجليزية، و«الصحافة السرية البريطانية خلال الاحتلال»، و«صحف بونابرت فى مصر (عشر مجلدات، ونشر بثلاث لغات: العربية، والإنجليزية، والفرنسية)، و«جدار العار» الذى تنبأ فيه بسقوط الشيوعية وسور برلين وقبل وقوع هذه الأحداث بنحو 30 عاما، وكتاب «معركة القنال كما شاهدتها 1951- 1952»، وكان الصحفى الوحيد، الذى تمكن من تصوير جثمان الراهبة أنطونى تيمبرز، التى قتلها الإنجليز فى الإسماعيلية كى يظهر للعالم بشاعة الاحتلال، وبقى أبى مدافعا عن جبران وعروبته طيلة حياته فكتب فى مقدمته لكتاب «النبى» يقول: «عاش جبران عربيا ومات عربيا». 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة