الرئيس عبدالفتاح السيسى مع القادة المشاركين فى قمة «محيط واحد»
الرئيس عبدالفتاح السيسى مع القادة المشاركين فى قمة «محيط واحد»


مصر تؤسس لشراكات إقليمية متوازنة تدعم ركائز الجمهورية الجديدة

آخر ساعة

السبت، 19 فبراير 2022 - 12:58 م

أحمد جمال

رسخت مصر حضورها الإقليمى والدولى على مجموعة من الأسس الثابتة للدبلوماسية المصرية التى تمكنت من خلق علاقات متوازنة مع أطراف دولية عديدة بما يحقق متطلبات الأمن القومى المصرى ولا يضر بمصالح الغير، ما انعكس على الحضور الفاعل للرئيس عبدالفتاح السيسى فى العديد من الفعاليات الدولية المهمة فى مجالات سياسية واقتصادية ومناخية، بما يؤشر إلى قوة التأثير المصرى فى تلك الملفات.
 

فى خضم التوترات الإقليمية المتصاعدة بشأن الأزمة الأوكرانية وغيرها من القضايا التى تشهد تعارضا فى مصالح القوى العظمى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حاضراً فى أقصى الشرق، عبر مشاركته فى افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية فى بكين، وبعدها بأيام متواجد فى قمة "محيط واحد"، فى العاصمة الفرنسية باريس غرباً، وذلك فى إشارة مهمة إلى أن مصر تؤسس لشراكات إقليمية متوازنة تدعم ركائز الجمهورية الجديدة.


وجاء احتفاء السفارة الروسية فى القاهرة بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين تزامناً مع «يوم الدبلوماسية الروسية» الأسبوع الماضى وكذلك تصريحات السفير الروسى جيورجى بوريســـينكو، التى أكــــد خـــــلالها أن الرئيـــس عــبدالفتاح السيســـي، بصــدد زيـارة روسـيا، للمشاركة فى فعاليات منتدى سان بطرسبورج الاقتصــادى الـدولــــى بنسـخـــــتـه الخـــامســــة والعشرين معبراً عن قدرة القاهرة على تنويع علاقاتها شرقًا وغربًا دون أن يؤثر ذلك على متانة علاقتها مع أىٍ من القوى الإقليمية.


وأعلنت مؤسسة "روس كونجرس"، الثلاثاء الماضى مشاركة مصر كضيف شرف فى منتدى سان بطرسبورج الاقتصادى الدولى 2022 فى نسخته الـ"25"، المقرر عقده فى شهر يونيو المقبل.


وقال السفير الروسى - فى كلمة نشرتها سفارة روسيا بالقاهرة على موقع التواصل الاجتماعــــــى (فيـســــبوك) - إن موســـكـو تـرى فى الأصدقاء المصريين شركاء اقتصاديين مهمين للغاية وحلفاء مهمين على الساحة العالمية، مشيرا إلى التعاون الثنائى الوثيق الذى يشمل مشروعات البنية التحتية الجديدة واسعة النطاق، مثل بناء محطة الطاقة النووية بالضبعة.


وعبر السفير الروسى عن امتنانه للغاية للقيادة المصرية والمسئولين بوزارة الخارجية لاهتمامهم الكبير بالتعاون مع روسيا، معربا عن يقينه بأن التعاون مع مصر بالسياسة الخارجية والاقتصادية والثقافية وغيرها سيزداد قوة بفضل الجهود المشتركة.


طالما كان الحديث فى السابق عن أن توطيد العلاقات مع روسيا أو الاتحاد السوفيتى سابقًا دلالة مباشرة على تدهورها مع القطب الآخر متمثلاً فى الولايات المتحدة الأمريكية غير أن الدبلوماسية المصرية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى السلطة استطاعت إدخال تعديلات جذرية على هذا الاعتقاد ودشنت علاقاتها مع كلا البلدين على أسس استراتيجية راسخة بل إن الشراكة الاستراتيجية مع كلٍ منهما حظيت بتطوير كبير منذ العام 2014.


بحسب السفير عزت سعد، المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية الذى شغل من قبل منصب السفير المصرى فى موسكو، فإن تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن سياسة مصر الخارجية منفتحة على كافة القوى الإقليمية وأن ما يشغلها هو تحقيق مصالحها واحترام مصالح الآخرين مما جعل هناك نظرة مختلفة من العالم للدولة المصرية، وهو ما حصدت مصر ثماره فى تلك الأثناء بعد أن أضحت فاعلة فى قضايا إقليمية عديدة وحاضرة بقوة فى مسارات التعاون المشترك بين العديد من دول العالم.


وأضاف أن السيسى كان من الرؤساء القلائل الذين جرت دعوتهم لحضور حفل افتتاح دورة بكين الشتوية للألعاب الأولمبية وكذلك فإن مشاركته فى قمة محيط واحد دليل على الدور الذى أضحت تقوم به مصر للحفاظ على سلامة البيئة، كما أن الدعوة للمشاركة فى منتدى سان بطرسبورج الاقتصادى الدولى تبرهن على قدرة الاحتفاظ بمسافة واحدة على قاعدة المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة التى أضحت تلقى قبولاً لدى القوى العظمى فى العالم.


وأشار إلى أن العلاقات بين مصر وروسيا شهدت تطوراً ملحوظاً فرضته التطورات الحاصلة على الصعيد الداخلى فى كلا البلدين، وبدا أن هناك رغبة مشتركة فى البناء على ما جرى التأسيس عليه فى علاقتهما التاريخية وذلك منذ العام 2014، وأن الدعوة لحضور المنتدى الاقتصادى كضيف شرف للدورة المقبلة تنبع من تلك العلاقات المتطورة التى ترجمتها زيارات الرئيس السيسى الست السابقة إلى موسكو.


ولفت إلى أن هناك جملة من الملفات الاقتصادية التى من المتوقع أن تشهد تشاورا بشأنها هذا العام على رأسها اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادى الأوروآسيوي، وكذلك إتمام المباحثات حول إنشاء المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد التى شهدت جملة من اللقاءات على مستوى مسئولى البلدين خلال الفترة الماضية، وكذلك متابعة الأعمال التحضيرية للانتهاء من أول مفاعل ضمن محطة الضبعة النووية.


وارتفع  حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا فى العام 2021 بنسبة 10% وبلغ 5 مليارات دولار، أى بزيادة 10% مقارنة بعام 2020، وبالرغم من الصعوبات المرتبطة بالوباء، لا تزال مصر الشريكة التجارية الرئيسية لروسيا فى أفريقيا، حيث تمثل حوالى ثلث التجارة مع القارة.


وتصدر روسيا إلى مصر القمح والحبوب الأخرى والمعادن والأخشاب والآلات والمعدات والمنتجات الكيماوية، وتستورد الفواكه والخضراوات والمنسوجات، وهناك 470 شركة روسية تعمل فى الأسواق المصرية وتستثمر أكثر من 8 مليارات دولار.


وبلغت الاستثمارات الروسية فى مصر 8 مليارات دولار بنهاية عام 2020، بحسب أرقام إحصاءات مصرية وروسية، بينما وصلت التجارة الثنائية بين البلدين إلى 3.3 مليار دولار بزيادة تقدر بـ34% خلال الفترة يناير ــ سبتمبر من عام 2021، من بينها 2.8 مليار دولار صادرات روسية إلى مصر و490 مليون دولار صادرات مصرية إلى روسيا.


وشدد السفير عزت سعد، على أن التعاون الاقتصادى والعسكرى منح القدرة على تعزيز التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين فى ملفات إقليمية عديدة بما فيها القضية الفلسطينية والملف الليبى والأوضاع فى السودان والقارة الأفريقية بوجه عام، وأن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة الأفريقية الروسية باعتباره رئيسًا للاتحاد الأفريقى فى ذلك الحين ساهمت فى خلق أطر عديدة للتعاون والتنسيق بين البلدين فى الملفات التى تهدد أمن القارة السمراء.


وأكد أن توالى المشاورات ساهم فى تطابق الرؤى حول حل الأزمة الليبية، وبدا أن هناك تفهما روسيا كاملا للمقاربة المصرية التى تهدف فى النهاية لاستقرار وأمن ليبيا ووحدة سلامة أراضيها وإخراج كافة المرتزقة والمليشيات الأجنبية الموجودة على أراضيها، مشيراً إلى أن هناك تشاورا بين البلدين بشأن التعامل مع المهددات العدائية فى منطقة شرق المتوسط والملف السوري.


وذهب الدكتور نبيل رشوان، الخبير فى الشأن الروسي، إلى أن مصر اتخذت لنفسها طريقاً خاصاً فى السياسية الدولية قام بالأساس على الحياد، ورغم أن القاهرة لديها علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة إلا أن ذلك لم ينفِ وجود علاقات وطيدة تأخذ فى التطور مع روسيا بل إن هناك تنسيقا مشتركا للمواقف بما يدعم مصلحة الأمن القومى المصري، مشيراً إلى أن العلاقات مع موسكو حالياً والاتحاد السوفيتى سابقًا راسخة ولا يمكن إلغاؤها من حسابات السياسة الدولية حتى فى أثناء فترات الفتور تحديداً عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
وأضاف أن هناك مواقف مصرية روسية متطابقة من الأزمة الليبية والسورية وأن كلا البلدين لديهما رؤية تقوم على أن تغييرا ينبغى أن يكون من خلال الشعوب وليس التدخلات الأجنبية وأن موسكو تدرك ثقل دور مصر الإقليمى وتقنع بأنها من دون مصر من الصعب أن تلعب أدواراً مهمة فى المنطقة خاصة فى القضايا ذات البعد الإقليمي، وهو ما يجعل هناك تفهما روسيا للرغبة المصرية فى استقرار ليبيا وفى المقابل فإنها توظف تلك الرغبة فى إقامة علاقات راسخة مع ليبيا الجديدة.


وشدد على أن هناك تعاونا وثيقا بين البلدين فى مجال مكافحة الإرهاب سواء على مستوى مجابهته فى إطار المنطقة العربية أو فى أفريقيا وأن الحضور الدورى فى أفريقيا الوسطى وبوركينافاسو ومالى تشاد ووسط أفريقيا والسودان يجعل هناك تعاونا استخباراتيا وأمنيا عالى المستوى بين البلدين فى ظل الاهتمام الفاعل الذى توليه مصر لمجابهة انتقال المليشيات المسلحة إلى القارة السمراء.


وأكدت الدكتورة نهى بكر عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن تعدد أشكال التعاون والتنسيق بين مصر وروسيا وعدم تأثيره على أىٍ من العلاقات المصرية مع أطراف دولية أخرى عديدة يرجع للسياسة المصرية الخارجية التى تقوم على مبادئ عدم التدخل فى شئون الدول الداخلية والحفاظ على وحدة الدول وتماسكها، إلى جانب الحفاظ على علاقات خارجية متوازنة مع جميع القوى وعدم التحالف مع قوة على حساب الأخرى.


وأوضحت أن ذلك منح مصر مصداقية فى العمل كوسيط لحل أزمات المنطقة إقليميا وكان لها دور فى وقف الاشتعال الفلسطينى الإسرائيلى والمحافظة على الهدنة ومحاولات تفكيك الأزمة الليبية ودعمها لبناء الدول التى عانت من ويلات الحروب الأهلية، ودعم الدول التى تعانى من أزمات قى إمداد الطاقة حيث ستمد مصر لبنان بالغاز فى القريب، بالإضافة لدور مصر فى قوات حفظ السلام، حيث يأتى ترتيب مصر السابع على العالم فى دعم قوات حفظ السلام أمميا، كما أن مصر لها دور فى التعاون الأمنى لمكافحة الإرهاب لما لها من خبرة فى هذا المجال.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة