علي سعده
علي سعده


نقطة على حرف 

علي سعده يكتب: الارتقاء بفن الحوار 

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 22 فبراير 2022 - 12:47 م

بقلم م. علي سعده

في ثمانينيات القرن الماضي وقبل الهجمه الوهابيه الشرسه علي عقولنا ونساءنا بل وديننا الوسطي .. كان هناك ايضا صراعا يدور بين العلمانيين والازهريين لكنه لم يصل ابدا الي ماوصلنا اليه في القرن الواحد والعشرين من تطرف فكري بين الطرفين وتبادل السباب والاتهامات بالكفر والجهل .

تحضرني واقعه ذكرها الدكتور احمد عمر في احدي مقالاته حدثت من فضيله الشيخ متولي الشعراوي والذي لايختلف اثنان علي ثقافته الدينيه وفكره الراقي ومحبه ملايين المسلمين  له شرقا وغربا حتي الآن .. ففي احدي البرامج التليفزيونيه سخر  فضيلته من الحضاره الغربيه وما وصلت اليه من العلم فقال: إنهم في الغرب فرحون بصعودهم إلى القمر.. وهو انجاز لاقيمه له ولا فائده ترجي منه وأمسك فضيلته بعلبه مناديل ورقيه ( كلينكس ) واخرج منها منديلا وهزه في الهواء قائلا بإسلوبه الممتع : "هذه الورقة أنفع للبشريه من الوصول إلى القمر".

‏‎استفز هذا التصرف الدكتور زكي نجيب محمود وهو أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وأحد أهم المفكرين المصريين، وأكثرهم حضورًا وفاعلية وخصوبة في الانتاج الفكري في النصف الثاني من القرن العشرين والحاصل علي درجه الدكتوراه من بريطانيا والمتبني لافكار نظرية الوضعية المنطقية فما كان منه الا ان علق علي كلمات فضيله الشيخ  الشعراوي قائلا أننا ممتلئون حقدًا على الغرب لأنه يملك العلم وأدوات الحضارة بينما نحن لا نملك إلا مجموعة من الكتب التراثية القديمة التي لا يرتبط معظمها بالعصر الذي نعيش فيه .. وأن حقدنا هذا ناتج عن عجزنا الحضاري والعاجز لا بد أن يحقد وأن يدعي في نفسه تميزًا متوهمًا بما ليس فيه على الحقيقة.. ثم اوضح أن الشيخ الشعراوي هو أول المستفيدين من الصعود إلى القمر لأن إحدى النتائج الفرعية لهذا الصعود هي الأقمار الصناعية التي تنقل أحاديث فضيلته إلى العالم كله... كما أن فضيلته يجلس أمام كاميرات التليفزيون فيدخل ملايين البيوت والتليفزيون وهذا بالطبع هو نتاج العلم والحضارة الغربيين. ولو كان الشيخ جادًا بالفعل، ويعتقد أن العلم الغربي لا يساوي منديل الورق ( الذي هو أيضاً اختراع غربي ) فكان لزاما عليه أن يرفض الجلوس أمام الكاميرا، وان يقاطع المنجزات التكنولوجية للعلم الغربي .

‏‎ انتهت المعركه الفكريه بين الطرفين بالتصالح بعد مناوشات كثيره ( في حدود الادب والاحترام المتبادل). وقام فضيله الشيخ الشعراوي بزيارة الدكتور زكي نجيب محمود في مرض موته، تعبيرًا عن تقديره له وليثبت عمليا ان الخلاف الفكري لايفسد للود قضية

‏‎بالطبع كان الدكتور زكي نجيب محمود هو الأكثر إقناعًا

‏‎ورغم قوة ومنطق رأيه في تلك الواقعه ، الا انه كان في منتهى الرقي الفكري والأخلاقي في إدارته لهذا الاختلاف في وجهات النظر وفي تعبيره عن رأيه الخاص دون تجريح ودون إساءة شخصية لفضيله الشيخ .

‏‎وبعد مرور اربعون عاما  تطاول وشكك احد الاعلاميين في واقعه دينيه مثبته .. تناولها بسذاجه وبأسلوبه المعروف عنه المتضمن مبدأ خالف تعرف .. لم نري من يناقشه او يفند اراؤه ويفحمه بالحجه وبالآيات القرآنيه .. لكننا وجدنا سبابا ولعانا وتكفيرا وسخريه شخصيه من ملابسه وحمالاته ومايوه السيده والدته .. منتهي الاسفاف والابتذال للاسف امتلأت به صفحات التواصل الاجتماعي وبرامج التوك شو .. عندما نتعلم ادب الحوار وثقافه الرد لن نجد من يتطاول علي ثوابتنا ولن نضيع اوقاتنا الثمينه في ترهات وحوارات لا نفع منها ولا فائده .

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة