جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

ماذا ينتظر العالم بعد حرب أوكرانيا؟

جلال عارف

الجمعة، 25 فبراير 2022 - 06:02 م

واضح أن الرئيس الروسى «بوتين» حدد تماماً خطوط حركته فى هذه المرحلة من الصراع مع الغرب فى «أوكرانيا». لكن المشكلة دائماً فى مثل هذه الصراعات الكبرى أن حسابات البداية شىء، وما تنتهى إليه قد يكون شيئاً آخر!!

عندما أعلن «بوتين» الاعتراف باستقلال منطقتى «لوهانسك» و «دونتسيك» عن أوكرانيا، ومع رد الفعل المرتبك من الغرب، كانت كل الشواهد تشير إلى الخطوات القادمة من جانب موسكو التى حسمت قرارها. على الفور كانت هناك اتفاقات دفاعية بين موسكو والانفصاليين. وكان هناك طلب فورى بطلب الحماية الروسية من جانب الحلفاء فى الشرق الأوكرانى.. وكان هناك التأكيد الروسى بأن الاعتراف بالجمهوريتين المنفصلتين عن أوكرانيا يشمل كل أراضيها، وهو ما يعنى أن قتالاً لابد أن يشتعل لإخراج قوات حكومة أوكرانيا التى ما زالت تسيطر على 70٪ من أراضى الإقليم الذى انفصل واعترفت موسكو بانفصاله.

ثم كان لافتاً أن يتم رفع الستار عن مناقشات مجلس الأمن الروسى لمناقشة قرار الاعتراف باستقلال الجمهوريتين المنفصلتين، حيث سأل بوتين مدير مخابراته عن تقديره، فأجاب بأنه يؤيد ضم المنطقتين إلى روسيا(!!) ورغم ما بدا أنه توبيخ من بوتين ومطالبته بحصر الحديث فى الاعتراف لا الضم.. فقد كانت الإشارة واضحة إلى أن طريق التصعيد العسكرى ما زال مفتوحاً!!

الآن.. لم يعد السؤال عن هذه المناطق، بل أين سيتوقف التحرك الروسى؟ وهل سيتجاوز هذه المناطق إلى باقى أوكرانيا؟
- قد يكون التأكيد الأمريكى الأوربى بعدم المواجهة العسكرية للتحرك الروسى والاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية مشجعاً لموسكو وحلفائها على التوسع نحو باقى أوكرانيا.. لكن بوتين من البداية كان يؤكد على يقينه بأن أمريكا تسعى لتوريط روسيا فى حرب تستنزفها، وفى «غزو» كانت تنكره(!!).. وهو ما كان يجعل معظم التقديرات تميل إلى فرضية توقف التحرك العسكرى الروسى عند حدود الأقاليم الشرقية التى تسكنها أغلبية من السكان ذوى الأصل الروسى، لتصبح «أوكرانيا» المقسمة عنواناً للمرحلة الجديدة من الحرب الباردة والصراع الدولى، كما كانت ألمانيا المنقسمة عنواناً للمرحلة السابقة من الحرب الباردة حتى سقوط الاتحاد السوڤيتى.. لكن يبدو أن المخطط الروسى يتخطى كل هذه التقديرات باستهداف كل أوكرانيا!!
نحن الآن أمام إعلان رسمى بنهاية الانفراد الأمريكى بزعامة العالم، وفى انتظار نظام عالمى جديد، ومع سنوات من حرب باردة جديدة على الجميع أن يستعد لتحدياتها. عاد الصراع الأمريكى والروسى إلى المقدمة، وإن كان المنافس الأساسى للولايات المتحدة ما زال هو الصين الحريصة على عدم التورط فى الأزمة الحالية، طامعة فى أن تكون الرابح الأكبر منها!

العالم كله بدأ فى دفع فواتير الأزمة، وفى الإعداد لمواجهة الأسوأ
البداية كانت مع ارتفاع أسعار البترول، ومع اضطراب أسواق القمح الذى تنتج روسيا وأوكرانيا منه ما يصل إلى 30٪ من الانتاج العالمى!!.. الشرق الأوسط هو الأقرب لمركز الأزمة فى أوروبا والأكثر تأثراً بها. فى عالمنا العربى سنجد تأثيرات الصراع الدولى أكثر من غيرنا. سنجدها فى قضايا مشتعلة كما فى سوريا وليبيا، وسنجدها فى قضايا سيتم إشعالها فى إطار المرحلة الجديدة من الحرب الباردة. وللمرة المليون سيعرف الجميع فى الوطن العربى أن القوة الذاتية هى وحدها التى تحمى. وأن من ينشد الأمن خارج الإطار العربى سيدفع الثمن.

العالم كله يستعد لما بعد الحرب فى أوكرانيا ما بدأ هناك ستمتد آثاره لسنوات. العالم كله سيتغير لكن القاعدة الحاكمة ستظل كما هى: الضعفاء وحدهم يسددون الفواتير فى عالم لا يحترم إلا الأقوياء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة