محمد الشماع
محمد الشماع


حكاية.. حضرة صاحب المؤسسة..!

الأخبار

الثلاثاء، 01 مارس 2022 - 07:42 م

 بعض من أسباب الفشل الذى أصاب المجتمع العربى يعود إلى عجزه عن تحقيق مسألة التنوير وهذا يرجع إلى عدم كفاءة المثقفين الذين قادوا هذه المعركة

أهدانى أستاذى الراحل جلال دويدار كتابه الأخير الذى أعده على وجه السرعة قبل وفاته وهو «حكايتى مع صاحبة الجلالة» وقد انتهى أستاذى من كتابة تجربته الصحفية التى امتدت على مدى 65 عاما فى العمل فى بلاط صاحبة الجلالة، تلك التجربة التى تستحق عدة كتب وليس كتاباً واحداً. لكن أستاذى جلال دويدار كان عاشقاً للمهنة أعطاها كل جهده وسنوات عمره، ولم يكن يباهى بإنجازاته الصحفية ونجاحاته المتعددة فى بلاط صاحبة الجلالة منذ بدأ عمله بالمهنة التى اعتبرها رسالة وليست وظيفة.


عمل مع عمالقة الصحافة فى مصر والعالم العربى، خاصة أستاذ الأجيال مصطفى بك أمين وجلال بك الحمامصى والأساتذة موسى صبرى وسعيد سنبل وأحمد زين. أكسبته خبرات غير محدودة فى كل المجالات وفى القلب منها الصحافة التى عشقها وأصبحت تسرى فى جسده مجرى الدماء فى العروق.
الحكاية الطويلة اختصرها تماما ليقدم للأجيال الجديدة من المنتمين والعاملين فى بلاط صاحبة الجلالة خلاصة التجربة التى هى بكل أمانة نموذجا للتفانى فى أداء وحب العمل وبذل الجهد والسن والسعى للوصول للهدف وتحقيق النجاح، والانتماء للوطن والمهنة بلا حدود وللدار العريقة «أخبار اليوم» وحرصه على كل صغيرة وكبيرة فى هذه الدار العملاقة وقلقه الشديد على مصلحة المؤسسة وإصلاح أى خطأ وزيادة مواردها ولا يتردد فى الاتصال بأى مسئول فى سبيل حل أى مشكلة تواجه الدار العملاقة حتى لو لم تكن فى اختصاصه مما دفع الأستاذ فاروق الشاذلى رحمة الله عليه لأن يطلق عليه لقب «حضرة صاحب المؤسسة».


الأستاذ جلال سجل حكايته مع صاحبة الجلالة بأسلوب الصفحة الأولى، حيث أشارت عناوين حكايته إلى أهم ما حققه فيها بأسلوب مختصر وسريع ولم يذكر تفصيلات والتزم بأحداث وإنجازات متعددة ونجاحات وانفرادات صحفية. ولم يتطرق إلى التفاصيل التى تحفل بها المذكرات بصفة عامة ولم يضف إلى ما قام به شيئا لم يفعله أو يحققه ليضاف إلى تجربته، لكنه نسى وتناسى نجاحات كثيرة لم يذكرها.


حملات صحفية ناجحة


قاد الأستاذ جلال حملات صحفية ناجحة اتسمت بالأمانة والمصداقية والوطنية كان لها دوى هائل على المستويين الشعبى والرسمى، منها حملات مواجهة الاحتكارات وانفلات الأسعار وقضايا حديد التسليح ومواد البناء وانعكاس ذلك على أسعار المساكن. إلى جانب ذلك حملات مكافحة الفساد فى بعض أنشطة وزارة الإسكان، وفوضى «التريب تيكت» بالنسبة لدخول السيارات من المنافذ الجمركية، ومن هذه الحملات أيضا ما يتعلق بعمليات تعمير الساحل الشمالى، والسياحة لقمة عيش فى كل بيت واشترى المنتج المصرى وغش البنزين ومافيا تاكسى المطار ومفيض توشكى وضريبة التركات وقضايا توظيف الأموال ولم يذكر مواقف كثيرة وقوية من الأحداث المحلية والعالمية والإقليمية منها موقفه من الغزو الأمريكى للعراق وإصدار كتاب حول هذه المعالجات الصحفية للقضايا الجماهيرية وردود الفعل الإيجابية عليها توزيعيا وكنت شاهدا عليها جعلت «الأخبار» الصحيفة الشعبية الأولى فى مصر والشرق الأوسط.     


العمل الصحفى السرى


إلى جانب هذه الحملات الناجحة كان الأستاذ جلال يشجع كل الزملاء الذين يحققون انفرادات أو تحقيقات صحفية تحقق نجاحاً يصب فى صالح الوطن والمواطن وعلى المستوى الإدارى كان مدرسة متميزة فى اتباع الحق مع أقرب الناس إليه وكان معيار تقدير العاملين هو الكفاءة والانتماء والحرص على الاجتهاد وكان ضد أى فاسد وكان واضحا وجريئا فى مواجهة كل مقصر فى عمله أيا كان موقعه وكان حريصا وعادلاً ومنصفا فى قيادة العمل وكان معيار تعامله والحكم على أداء جميع الصحفيين بلا استثناء هو الانتماء والولاء للأخبار والبذل والعطاء لنهضتها وتقدمها.


كان للأستاذ جلال موقف حاسم من الزملاء الذين كانوا يعملون بصورة سرية فى الصحف الخاصة المنافسة، وكان يعرفهم بالاسم، وكان بعضهم يخطئ فى إرسال أخبار بالخطأ عندما نفاجأ بوجود تلك الأخبار والموضوعات فى دسك المراجعة بالجريدة، كان المفروض إرسالها إلى الصحف المنافسة!! وكان من نتيجة ذلك اختفاء التميز والاختلاف والانفرادات.

وتصدى الأستاذ جلال لهذه الظاهرة التى أثرت على العمل الصحفى وكان يواجه ذلك بحرمان العاملين فى الصحف المنافسة من العلاوات والمزايا المالية، كما كان له موقف عادل من الزملاء الذين سافروا للعمل بالخارج لسنوات طويلة، وكيف يميز الزملاء الذين لم يسافروا واستمروا فى العمل فى ظروف صعبة، لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل إن هناك من استمر فى العمل بالخارج وظل يعمل إلى ما قبل سن التقاعد بعام ثم عاد ليضمن مد الخدمة بالمؤسسة!!


وللأستاذ فى عنقى مواقف كثيرة ومتعددة كان له فيها مواقف مثالية أذكر بعضا منها بدأت حملة بالمستندات والوثائق على مدير عام منظمة العمل العربية وصلت المنظمة خلال رئاسته لها إلى أسوأ أحوالها، مخالفات مالية صارخة وشلل فى نشاط المنظمة، وكان يقيم بقرار منه بعيدا عن المنظمة فى لندن لمدة ٢٠٠ يوم فى العام ببدل سفر كامل ومصروفات فعلية ويترك أمور المنظمة لمدير مكتبه!

وكان يهدف إلى تعديل ميثاق المنظمة لإعادة انتخابه مديرا عاما فترات أخرى!!


كانت ردود الفعل قوية جدا، مما جعل المدير العام يدفع بعض الشخصيات تنصحنى أن أتوقف عن الحملة وأن أجلس معه ولكنى رفضت تماما فقام بإرسال رد إنشائى مغلوط على غير الحقيقة والواقع وطلب مقابلة الأستاذ جلال دويدار بالجريدة الذى كان متأكدا من صدق كل ما كتبت وأن هدفى هو الإصلاح الذى تحقق بالفعل وانتهت فترة عمله، ولم يذكر لى الأستاذ جلال أنه استقبله فى المكتب ولكنه استدعانى وقال كفاية فى موضوع الراجل بتاع المنظمة.. ولما حاولت أن أستفسر قال لى بقولك إيه..

كفاية كده ومش عايزين مشاكل احنا عمالنا فى ليبيا بالملايين!!


قمت أيضا بحملات صحفية ضد بعض القيادات النقابية العمالية كشفت فيها مخالفات خطيرة وكانت نتيجتها هى إبعاد بعض رؤساء النقابات وانتهت بخلع رئيس اتحاد عمال نقابات عمال مصر، وكانت ردود الفعل لتلك الحملات هى مزيد من التأييد من جموع النقابيين والعمال الشرفاء الذين أمدونى بالكثير من المعلومات بالوثائق والمستندات وكان الأستاذ يتابعنى بكل تقدير بالرغم من محاولات بعض الزملاء الإيعاز للأستاذ على وقف هذه الحملات من خلال نقل بعض شكاوى من المصادر التى تناولناها فى الحملة أو محاولات نشر أخبار تكذب ما أنشره فى حملتى بالجريدة التى أواصل فيها نشر المخالفات التى ارتكبتها القيادات النقابية خاصة أن كثيرا منهم يتمتعون بالحصانة البرلمانية!


مواقف أستاذى معى كثيرة ومتعدده بلا ولا تحصى كانت فى صالح الوطن ومهنة الصحافة وأخبار اليوم رحم الله الأستاذ جلال دويدار رحمة واسعة.


معركة التنوير


بعض من أسباب الفشل الذى أصاب المجتمع العربى يعود إلى عجزه عن تحقيق قضية التنوير، وذلك راجع فى تقديرى إلى عدم كفاءة المثقفين الذين قادوا هذه المعركة، كان لدينا منارات مضيئة أنارت العقل العربى على امتداد الأمة مثل الإمام محمد عبده والدكتور طه حسين وعباس العقاد وسلامة موسى والدكتور لويس عوض.


نستطيع أن نعدد العشرات من الأساتذة الأجلاء، لكن فى المقابل كان يوجد المئات الذين أربكوا مسيرة التنوير بسبب تضخم الذات والاهتمام بالدعاية الشخصية والبحث عن اللقطة وعدم ترتيب الأولويات بشكل صحيح وهو ما يؤدى إلى إرباك العقل الجمعى واستغراقه فى معارك مزيفة لا تنفع الناس ولا تمكث فى الأرض.


ورغم محبتى لإبراهيم عيسى إلا أننى مضطر إلى الاختلاف معه لأنه يرتكب نفس الأخطاء وإلا فليفسر لى أحد، ما النفع الذى سوف يعود على العقل العربى بإثارة قضية المعراج وهل كان حلما أم حقيقة وهل كان بالروح أم بالجسد؟.


وما ترتب عن إثارة هذه القضية من استقطاب حاد فى الرأى العام فتركنا القضايا القومية ذات الأهمية لكى نبحث فى أمور خلافية لن نستطيع أن نصل فيها إلى اتفاق وهو ما يؤدى إلى تسليط الضوء على شخص بعينه الذى فجر القضية وإلهاء الأمة فى مسائل ليست ملحة وليست عاجلة. وشبيه بهذا ما حدث منذ عدة سنوات عندما خرج علينا المرحوم الدكتور مصطفى محمود منكراً شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حينها هاجت الدنيا وماجت واشتعلت المنابر بالخطباء الذين ينكرون على د.مصطفى رأيه ويؤكدون شفاعة رسول الله فى أمة المسلمين، ثم انقضت تلك الأيام وتناسى الناس هذه القضية، ليأتى إبراهيم عيسى فيفجر الخلاف بإنكاره المعراج لكى تتحرك كل القوى الكاملة وكأنما الإسلام فى خطر، وكأنما العقيدة مهددة، فيختلف الناس ويتشاجرون وتخرج علينا الأصوات مطالبة بالمحاكمات والاعتقال وتقييد الحريات وهو أمر يدفع ثمنه أصحاب القضايا الحقيقية وتدفع ثمنه قضية الحريات.


تجارة الكلام


البعض وجد فى الكلام تجارة رابحة بشرط أن تدور بين منظمات المجتمع المدنى وجمعيات حقوق الإنسان الأجنبية حتى منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وبعض الجمعيات المصرية الممولة هى الأخرى من الخارج!.


قالوا:

ازدواجية المعايير ظاهرة واضحة.. الدين المعاملة.


هناك فرق بين حرية التعبير.. وحرية التشهير.


الإسلام ليس مسئولاً عن تخلف المسلمين.


> القوانين لا توضع لتنام .. قيمة القوانين فى أن تعلو حركتها الذاتية فوق إرادات الأفراد.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة