آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

الكذب السياسى!

آمال عثمان

الجمعة، 04 مارس 2022 - 07:14 م

يقول الكاتب الأمريكى الساخر «مارك توين» إن الكذب يستطيع أن يدور حول الكرة الأرضية فى انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها! هكذا صرنا نعيش فى عالم يسرق عقولنا، وتتوالى فيه الأكاذيب مرة بعد الأخرى، ويتلوّن ويتبدّل ويتحوّل طبقا للأهواء والمصالح والرغبات، عالم يستطيب الكذب ويستمرئ الأباطيل، ولديه قدرة هائلة على أن يُلبس الباطل ثوب الحق، ويُزيف الحقائق ويجمل القبح ويكسبه مشروعية دون أن يرمش له جفن! 


صحيح أن الكذب اختراع عريق، كما يشير الكاتب الساخر «جوناثان سويفت» وأن الشيطان «أبو الكذب» منذ بدء الخليقة، لكنه مثل غيره من المخترعين، فقد الكثير من شهرته بما أُدخل على اختراعه من تحسينات مستمرة على مدى العصور، أما أول من جعل من الكذب فناً وطوعه للسياسة، فقد عجز دارسو التاريخ عن كشف اسمه، لكن الاسطورة القديمة تقول إن عمالقة الأرض بعد أن هُزموا من الآلهة، أنجبت آخر أبنائها للانتقام منهم وهو «الكذب»، وتفسير تلك الخرافة أنه حينما تهدأ الاضطرابات والثورات تنتشر الشائعات والأباطيل بين الناس، ويكون الكذب هو آخر تفريج عن النفس للمهزومين، وفى العصور الحديثة أضافوا إلى ذلك أمورا أعظم أثرا، باستخدام هذا الفن للوصول للسلطة والاحتفاظ بها، والانتقام لأنفسهم بعد فقدانها.


والكذبة السياسية تولد فى معظم الأحيان طفلة ثم تحتاج إلى زمن لتنضج وتنمو وترى النور، ثم تتلاشى وتضمحل شيئا فشيئا، وربما تصيح بأعلى صوت بمجرد خروجها من الرحم، ويختلف «الكاذب السياسي» عن غيره ممن يشاركونه هذه المملكة فى أن ذاكرته قصيرة، ويمتلك فى جعبته أكاذيب سياسية لا ينضب لها معين، لذا يناقض نفسه تبعا للمناسبات التى لا يجد مناصا فيها من حلف وقسم الولاء والتأييد للجانبين من خصومه، تبعا لما يرضى جماهيرهم.


لذا ليس غريبا أن نشهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، يشيد بالرئيس الروسى «فلاديمير بوتن» فى حربه على أوكرانيا، وبعد أيام يغير موقفه ويدين موقف روسيا، ويمتدح الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكي» ويصفه بالشجاع!! بالله عليكم..

ما هذه القدرة الهائلة على ابتكار كل هذا الأكاذيب التى يطلقها، ثم ينساها وينقضها بجراءة يُحسد عليها، ودون تفكير إذا كانت القضية فى تلك اللحظة عادلة أم باطلة؟!


لقد أضحى الباطل يمتلك أجنحة يطير بها مسرعا، أما الحق فصار يحجل خلفه ببطء فوق قدم واحدة !

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة