خالد أبو بكر
خالد أبو بكر


خالد أبو بكر يكتب: أين تقف الدولة المصرية أمام الأزمة الروسية الأوكرانية؟

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 06 مارس 2022 - 03:42 م

من الممكن أن تكون لديك تحديات تسبب أجدادك فيها، أو تسببت مشكلاتك المجتمعية في توارثها.

فمما لا شك فيه أن الديون من أيام السادات، وحتى اليوم إرث كبير وثقيل يدفع ثمنه كل مولود يولد حتى صباح اليوم.

وأيضًا نتيجة تزايد الفكر المتطرف، وعدم علاجه بالشكل المناسب فقدنا زهرة أبنائنا من رجال الجيش والشرطة، واستيقظنا صباح يوم على استشهاد النائب العام، ثم يأتيك خبر عن الطائرة الروسية التي سقطت منذ سنوات دون أدنى ذنب لك، فتتوقف عجلة السياحة، وتبدأ الكورونا تأتي من الصين من بلاد بعيدة تمامًا عنك، فتقلب لك كل الموازين وتحاول أن تبقى واقفًا.. وهذه أمثلة من كثير.. انتهت بحرب كبيرة بين روسيا وحلف الناتو متمثلًا في أمريكا وبعض الدول الأوروبية، لتجد نفسك مضطرًا لمواقف لم تسعَ إليها، وإنما فرضت عليك أصعبها الموقف الاقتصادي.

فكل يوم هناك تداعيات جديدة نتيجة هذه الحرب منها ارتفاع أسعار الطاقة، وتأثر كل الأسواق العالمية وغياب بعض الموارد الأساسية ونقص في الاستيراد للسلع الضرورية التي كانت تمدنا بها هذه الدول.

ومرة أخرى ودون إرادتها تجد الدولة المصرية نفسها أمام تحدي جديد لتعويض كل هذه الخسائر.. وزد على ذلك أنه لابد من اتخاذ موقف سياسي ومع من نقف، وضد من؟

الحقيقة إن موقف الإدارة المصرية في الاختبار الاقتصادي في هذه الأزمة لم تظهر نتيجته، فكل يوم سؤال في هذا الاختبار الكبير، ونتمنى أن نستطع الصمود فيما قدر علينا ولم نختاره.. أما الموقف السياسي فأنا اعتبره مشرفًا جدًا

فقد خرج أول بيان عن الخارجية المصرية يحث كل الأطراف على حل المشاكل بالطرق الدبلوماسية وتجنب الصراع العسكري، ثم جاء تصويت مصر في الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار أن ما تم لأوكرانيا هو غزو روسي،

أعقبه بيان رائع من المندوب الدائم لمصر شرح فيه وباستفاضة أننا لسنا مع أحد ضد أحد ولكننا نريد إعمال العقل وبحث جذور الأزمة.

وفي الأمم المتحدة كان أمامنا أربعة خيارات:

أولًا- الهروب من التواجد في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما فعلته عدد قليل من الدول وهو أمر لا يليق بمصر أبدًا.

ثانيًا- الامتناع عن التصويت

وهو أيضّا أمر لا يتناسب مع مصر، ولا يمكن أن تكون دولة كبيرة بحجم بلادنا سلبية في قرار أممي بهذا الحجم.

ثالثًا- رفض قرار إدانة الغزو الروسي

وهو أمر يتعارض مع الإنسانية ومبادئ السياسية المصرية الخارجية التي ترفض العدوان، وتسعى إلى حل كل المشكلات بالتفاوض ومعناه ضمنا إننا نوافق على أن تجور دولة على أخرى.

رابعًا- وهو التصويت لصالح قرار يعتبر أن ما قامت به روسيا هو غزو واضح.. وهو أمر يشبه بغروب الشمس في المساء فلا أحد يمكن إنكاره.

وهو ما فعلناه.. إلا إننا في ذات الوقت حرصنا على أن نقدم للعالم وجهة نظرنا بإيجابية شديدة، وشرح مفسر بأننا وأن اعتبرناه غزوًا إلا أن للقضية أصول لابد أن تتبع.

وأيضّا حرصنا على أن نبلغ كل الأطراف أننا لسنا مع أحد ضد أحد، وإن مبدأنا دائمًا هو السلم وحل المشكلات بالتفاوض، واعتقد أننا لن نكون طرفًا في أي معادلة تتعلق بقرارات اقتصادية سواء كانت مع أم ضد.

وما أصعب المهمة.. وماكناش ناقصين بعد الكورونا حرب بهذا الشكل، لكن كتبت علينا، والأهم الآن من وجهة نظري هو تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية رجال أعمال وأهل فكر وسياسية تكون في حالة انعقاد دائم؛ لبحث التأثير اليومي لهذه الحرب على المجتمع المصري.

والوقوف إلى جانب القطاع الخاص، الذي قد يتضرر من القرارات الاقتصادية العالمية الأخيرة.

والأهم من كل ذلك تدارك مثل هذه المواقف، والتحسب لأي احتمالات وأن يكون ثابتًا في يقيننا أنه في يوم وليلة لا توجد اتفاقات لا دولية ولا اقتصادية ولا تحترم الدول تعدتها ولا تحترم الشركات العالمية عقودها المبرمة.

وإن العالم هو غابة كبيرة لا يرحم فيها القوي الضعيف، ولا قانون فيها إلا قانون القوة، فأنا أُطالب أيضًا بتشكيل فريق بحثي من كل الأجهزة الأمنية في مصر؛ كي يجيب على سؤال واحد وهام جدًا، ماذا تفعل لو كنت مكان طرف من الأطراف؟

وهذا السؤال الآن أصبح واجبًا وطنيًّا، علينا أن نستعد له ولا نقول إننا في معزلٍ عن مثل هذه المواقف، فالسياسات الدولية تتغير بشكل لحظي.

وإجابة هذا السؤال: تتطلب عسكريين واقتصاديين وقانونيين وباحثين، فهو سؤال للدولة المصرية مجتمعة لابد أن تضع له سيناريو تخيلي تفرض فيه كل الاحتمالات وتوجد الحلول وتبقى هذه الدراسات في الإدراج تخرج إن احتاجنا لها-لا قدر الله- ويجب أن تكون هذه الدراسات متجددة وفقًا لتغير المعطيات.

في النهاية لن يحارب الوطن إلا بأبنائه.. ولن يأمن وطن إلا بقدراته.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة