عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

الفن دليل تتبعه الأمة

عمرو الخياط

الجمعة، 11 مارس 2022 - 08:48 م

الفن.. هو وسيلة إبداعية وأحد أسباب البهجة والتسلية.. ومعهما التوعية، يعمل على أفكار المجتمع ويستلهم مخرجاته من البيئة.. ونجاحه يعتمد على المحيط الاجتماعى القادر على تذوق وتعاطى وتداول ما يقدم له من أساليب فنية مختلفة.


الفن ليس قاصراً على أشخاص يستوحون الفكرة من محيطهم ومبدعون ليتلقفها آخرون يجسدونها على الشاشات الصغرى والكبرى.. وإنما هى حالة ممتدة من الإبداع غير المتناهى والمتدفق على أسماع وعيون وعقول المتلقى.. فألف ليلة وليلة للعظيمة أم كلثوم.. حينما تسمعها تفرض عليك حالة من الشدو الإبداعى.. فى ذات الوقت يتحقق هذا الأمر حينما تسمع مقطوعة «مولاى» للمبتهل سيد النقشبندى التى هى الأخرى تحرك بداخلك حالة وجدانية من الشجن سببها الإبداع الفنى فى تقديم هذا الابتهال الدينى.. وكلا العملين الأغنية والابتهال من تلحين الموسيقار المبدع بليغ حمدى.. الذى قدم صنوفا عديدة لمعنى الفن.

وتختلف رسائل الفن من زمن لآخر... فوقت النكسة لعب الفن دوره الواعى.. وكانت بداية التفاف الشعب حول جيشه العظيم بالأعمال الموسيقية التى قُدمت فى هذا الوقت ثم انتقل لمرحلة المعركة فكان ما قُدم من أعمال فنية تعبيراً صادقاً عما يدور على خط النار من انتصارات عظيمة سجلها التاريخ لجيش مصر العظيم.. فقد كانت الأعمال المقدمة هى نداء وطنى لاستنهاض الإرادة المصرية التى جرحتها الهزيمة من أجل الوصول إلى النصر المبين فامتلكنا بالكلمات والألحان والغناء كبرياء الثأر والنصر للوطن ثم انتقالنا لمرحلة أعمال تجسيد المعركة ومنها إلى أعمال عبرت عن إفرازات مجتمع الانفتاح واستمر الفن فى تقديم محاكاة للواقع الذى نعيشه بحلوه ومره.. فعبر بصدق عن التحولات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع فى شتى نواحيه.

الفن فى مصر هو أحد عناصر السلام الاجتماعى بل يمكن أن تصفه بأنه أحد العناصر المهمة للالتفاف والتوحد حول أهم القضايا الوطنية.. انعش ذاكرتك.. وتذكر كيف لعب الفن المصرى دوراً مهماً فى شحن وطنية المصريين فى أعقاب تولى «الإرهابية» سلطة حكم هذا البلد الآمن.. توقف لحظة مع أغنية «تسلم الأيادى» للمبدع مصطفى كامل التى قدمها مجموعة من المطربين والتى أحدثت حالة من التوحد الشعبى حتى أنها كانت القاسم المشترك فى الأفراح الشعبية والراقية والمتوسطة فى ذلك الوقت.. وتذكر إبداعات عمرو مصطفى فى سلسلة أغانيه الوطنية فى هذا التوقيت.. التى أصبحت تنطلق من داخل كل البيوت المصرية تجسيداً للحالة الوطنية التى عاشتها تلك البيوت.

وكان لازما أن يجسد الفن معركة مصر ضد الإرهاب.. فكانت سلسلة المسلسل العظيم «الاختيار».. لقد كان المسلسل بكل تفاصيله تحويل الواقع الذى عايشناه إلى حقيقة دامغة مصورة وشكلت فى وجدان ووعى المصريين ما كانوا يقرؤونه فى سطور منشورة إلى حقيقة مصورة بكل أبعادها وأشكالها..فالمسلسل لم يكن دراميا فقط وإنما كان هجوما فنياً مطوراً فى وجه التنظيم الإرهابى وإنعاشاً للذاكرة الوطنية.
وجاء فيلم «الممر» الذى حول قاعات العرض السينمائى إلى ما يشبه حالة الاصطفاف الوطنى ضمت أجيالاً عمرية مختلفة كانت قد تم استهدافها فى أعقاب أحداث 2011 بمحاولات تشويه عقلى ونفسى لترسيخ حالة ذهنية سلبية عن الجيش المصرى.. ويكفى للفن حالة الزحام على الكافيهات فى شتى محافظات مصر.. وخلو الشوارع من المارة أثناء عرض الفيلم تليفزيونياً.

كلا  العملين يؤكدان أننا أمام حالة فنية رائعة.. وفى سجلات الشهداء ما هو أروع من قصص وحكايات فخر وبطولة مليئة بالدراما الإنسانية التى تهز وجدان أى مصرى.. وتساهم بشكل كبير فى توعيته وإماطة الأذى النفسى والذهنى الذى حاولت الإرهابية زرعه فترات فى نفوس الشباب.. ليصبح للفن رسالة مهمة فى الفترة القادمة وهو فرض عين على جميع من يعمل فى المجال الفنى.. وهو إماطة الخداع وإظهار الحقيقة والبطولة لرجال فضلوا أن يضحوا بحياتهم من أجل أن نعيش آمنين فالفن هو أرقى أدوات الاتصال والتواصل البشرى.. وهو أيضا الوسيلة المهمة للغرس الثقافى..وتأثيرات الفن تراكمية.. قد تحدث أثرها فى اللحظة الأولى.. ولكن تظل عميقة مع مرور الوقت بتدفق إذاعتها وتنوع المنتج المقدم ومن ثم فإنه ينبغى أن تكون الحالة الفنية فى تدفق دائم لا ينقطع عن وعى ووجدان الشعب المصرى.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة