محمود الورداني يكتب.. بطل من هذ الزمان ( 1 – 2 )
محمود الورداني يكتب.. بطل من هذ الزمان ( 1 – 2 )


محمود الورداني يكتب.. بطل من هذ الزمان ( 1 – 2 )

أخبار الأدب

السبت، 12 مارس 2022 - 12:35 م

محمود الورداني

[email protected]

بالنسبة لواحد مثلي، بلغ من العمر أرذله، فإن قراءة رواية «الأولى لجيجي» لمحمد حمامة - دار المحروسة - 353 صفحة، تبدو أمرا محفوفا بالمخاطر ـ أبادر إلى القول أولا أن هناك مشكلتين أساسيتين واجهتانى، وإن كانت أي منهما لم تحل دوني ودون الاستمتاع بهذا العمل الفريد حقا.


الأولى تتعلق بتعمده نسف ضمير المثنى تماما واستبعاده من كامل النص، أي أنه لا يعاني من ضعف لغوى أو نحوى، بل رأى استبعاده تماما واستخدم ضمير الجمع. طبعا هو حر. هذا حقه. وربما كنت أنا نفسى أوافقه، ثم أنه ليس الوحيد الذي طالب بهذا، وأظن أن آخر محاولتين في هذا الخصوص- أي تحرير اللغة -  قام بهما عثمان صبري في روايته « بيت سري» الصادرة عام1982 (وأعادت دار الكرمة طباعتها  عام 2017)، إلى جانب كتاب خالد الخميسي الصادر منذ سنوات قليلة (للأسف غاب عنوانه عن ذهني في الوقت الحالي).

كما أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي، ومن قبلها المدونات المكتوبة أغلبها بلغة سهلة وبسيطة وكثيرا ما تلجأ للعامية دون أن تستشعر حرجا أو غضاضة، ساهم أيضا في تحرير اللغة.


أي أن الدعوة لتحرير اللغة مما يكبلها ليست وليدة اليوم، ولدى محمد حمامة من الشجاعة ما يكفي لتنفيذ قناعته، والمشكلة عندي أنا، وقد عانيت كثيرا لأفهم المكتوب أمامي، وسوف يعاني القراء أيضا، والحل فيما أظن وحتى لا تكون هناك ازدواجية في اللغة أن نتفق أولا، لكن هذا موضوع أخر.


الأمر الثاني الذي حال دوني ودون استيعاب الرواية استيعابا كاملا للأسف، هو اعتمادها على تقنيات وشفرات وأكواد وسائل الاتصال الحديثة، وأنا على يقين أن الأجيال الجديدة قادرة على التعامل مع هذا النص على نحو مختلف، ولذلك فعليّ أن أعتذر هنا عن قراءتي التي أقدمها للرواية، إذا كانت قاصرة إلى هذا الحد أو ذاك.


  على أي حال، فإن استمتاعى بالرواية التي أرهقتني قراءتها كثيرا، هو ما دفعني للكتابة هنا، وعلى الرغم من متابعتي الدؤوبة للإنتاج الروائي الجديد، ومحاولتي المستمرة لتلمس ومعرفة تيارات واتجاهات الكتابة الجديدة، على الرغم من هذا وذاك، فأظن أن «الأولى لجيجي» قطعت شوطا لا يستهان به في التعبير واستكشاف هذا العالم الخفي والساحر في الوقت نفسه، لهذا الزمان، وهؤلاء الأبطال.


 لعلي أتجاسر وأنا أكتب أنني لم أصادف من قبل كتابة كاشفة وعارية إلى هذا الحد، فهى لا تقطع الأواصر بينها وبين الكتابة السابقة على مستوى اللغة فقط، بل على مستوى العالم الذي تنتمى إليه وتقدمه من الداخل، فعلى سبيل المثال، لايكتفى حمامة باستبعاد ضمير المثنى فقط، بل يصل إلى لغة يمكن القول إنها إبنة زمانه وأيامه، لغة مشطوفة جيدا ومتخلصة من تأثير بلاغة السابقين، لغة لا تحتاج لأن تفصل بينها وبين لغة الحديث اليومي.

وفي الوقت نفسه هى ليست لغة الحديث اليومي، ويمكن بواسطتها التعبير عما يريد الكاتب توصيله. هي لغة بلا عواطف، أو أن العواطف فيها مسيطر عليها، عواطف زمانها وأيامها.
أضيف سريعا أننا عرفنا في الأعمال الروائية السابقة علينا أبطالا كانوا علامات على زمانهم. مثل بتشورين، بطل رواية ليرمنتوف الذي شاخ وذبل قبل الأوان في روايته التي استعرت عنوانها فى صدر هذه السطور.
أستكمل قراءة الرواية الأسبوع القادم إذا امتد الأجل..

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة