د. أحمد الشحات
د. أحمد الشحات


رؤية ورأى

الأمن الغذائى المصرى والحرب الروسية الأوكرانية

الأخبار

الأربعاء، 16 مارس 2022 - 05:39 م

بقلم: د. أحمد الشحات

فى إطار متابعة تطورات الحرب الروسية-الأوكرانية والتى ألقت بظلالها على مناطق مختلفة من العالم،وإن كانت الحرب محدودة جغرافياً فإن تداعياتها لم تتوقف عند السياسة والتحركات العسكرية،وإنما عبرت إلى الاقتصاد العالمى الذى تأثر سلباً بسبب المشاكل التى خلقتها العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا من ناحية،والرد الروسى على هذه العقوبات من ناحية أخرى،خاصّة وأن اقتصادات العالم لم تتعاف بعد من آثار جائحة كورونا وموجة التضخم العالمية.

ومن المنتظر أن يطال الأثر الاقتصادى للحرب معظم دول العالم،نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز والحبوب،وهو ما سيزيد من الكلفة على الاقتصادات العالمية،بالإضافة إلى ما سوف يسببه ذلك من التضخّم الذى سوف يقلل من معدلات النمو الاقتصادى فى العديد من البلدان التى مازالت اقتصاداتها تعانى من تأثيرات جائحة كورونا.

وتبرز التداعيات الاقتصادية للحرب،انطلاقاً من ثقل روسيا وأوكرانيا فى سوق تصدير عدد من أهم السلع الأساسية وفى مقدمتها الطاقة بمختلف مصادرها،والغذاء،وكذلك المعادن ومدخلات الإنتاج.

وبالتالى فقد  ترتب على ذلك وصول أسعار الغذاء عالمياً إلى مستويات قياسية،قد تسهم فى تهديد الأمن الغذائى فى عدد كبير من بلدان العالم،ويشير تقرير المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية،خلال  فبراير الماضى إلى أن صادرات روسيا وأوكرانيا تمثل حوالى 12٪ من إجمالى السعرات الحرارية المتداولة فى العالم، ويُعَد البلدان من أكبر خمسة مصدرين عالميين للعديد من الحبوب والبذور الزيتية المهمة، متضمنةً القمح والشعير والذرة وعباد الشمس، والأخير تنتج أوكرانيا وحدها نصف إمدادات السوق العالمية منه.

كما تُعد روسيا أكبر مصدر للأسمدة فى العالم،وقد أسهم ارتفاع أسعار الأسمدة قبل اندلاع الصراع فى ارتفاع أسعار المواد الغذائية،وسيؤدى المزيد من الاضطراب فى إنتاج الأسمدة أو تصديرها إلى الإضرار بالزراعة فى أوروبا،مما قد يُسهم فى ارتفاع أسعار المواد الغذائية فى جميع أنحاء العالم .

وبالتالى تعانى مصر بالفعل منذ اندلاع الحرب من زيادة سريعة فى أسعار الغذاء،مع مخاوف إضافية من احتمالية نقص بعضها بسبب تراجع المعروض عالمياً ، عكستها زيادات الأسعار بشكل مطرد وبصورة فورية فى معدلات التضخم.

وفى ظل تلك التحديات تحاول الدولة فى تحرك حميد إلى محاولة زيادة إنتاجها من الغذاء دوريًا بمشروعات التوسع الزراعى وغيرها كلما تيسر لها المياه اللازمة للرى والأراضى القابلة للزراعة والأموال اللازمة لوضع البنى التحتية، ولكن تحقيق الأمن الغذائى المستقر والمتنامى تحكمه أبعاد وعوامل كثيرة وعوائق مختلفة بما يمثل معضلة حقيقية فى تطور الدولة بشكل عام .

وختاماً : يبرز فى المشهد جدية تعامل الدولة مع تداعيات الأزمة (حتى الآن) وسط سياسات وقرارات متعددة للسيطرة على الوضع والتعامل مع الأزمة،ومحاولة الوصول بقياسات الأمن الغذائى إلى بر الأمان،خاصة مع إحتمالية طول أمد الأزمة،ومن جانب آخر أثارت الأزمة الإدراك بأننا لابد أن نخرج من طيات ردود الفعل والتى تتسم غالباً بالمسكنات المؤقتة،وأن ندرك ضرورة التعامل مع ملف الأمن الغذائى باستراتيجيات قصيرة المدى تتناسب مع طبيعة التحدى الدائم،وكذا ترسيخ فكرة اعتباره كأهم روافد الأمن القومى المصرى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة