لاجئون على الحدود
لاجئون على الحدود


مخاوف من عودة المتطرفين والإرهابيين بعد الحرب الأوكرانية

اللاجئون صداع أوروبا القادم| مخاوف من عودة المتطرفين والإرهابيين بعد الحرب الأوكرانية

آخر ساعة

السبت، 19 مارس 2022 - 11:08 ص

خالد حمزة

سواء انتهت الحرب الأوكرانية بالسلم أو بالحرب، فإن أوروبا كلها ستعانى لسنوات وربما لعقد قادم من مشكلة تدفق اللاجئين، والتى تقدر بـ 5 ملايين لاجئ يضافون لملايين آخرين يسببون صداعا دائما فى رأس القارة العجوز، مع مواجهة بقايا الفيلق الأوكرانى، الذى استدعاه الرئيس الأوكرانى من شتى أنحاء العالم للقتال ضد الغازى الروسى، وبالمقابل المرتزقة التى استعانت بهم روسيا لغزو أوكرانيا من الشيشان وبعض بلدان الشرق الأوسط، وكل هؤلاء يمثلون قنبلة موقوتة، تعيد معاناة أوروبا مع المتطرفين والإرهاب والذئاب المنفردة.

يعتقد الاتحاد الأوروبى أن رقم اللاجئين الأوكران قد يرتفع إلى سبعة ملايين، وأن 18 مليون أوكرانيا سيتأثرون بالحرب من أصل 43 مليون أوكرانى، وتقول المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنها تسعى إلى مساعدة النازحين داخليا، لكن الحرب تجعل الأمر غير آمن لعمال الإغاثة.

حالة النزوح واللجوء الدائرة فى الداخل الأوكرانى ودول الجوار، وصفها المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فيليبو جراندى، بموجة اللجوء الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، ويعبر اللاجئون إلى الدول المجاورة فى اتجاه الغرب مثل بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر ومولدوفيا، بينما ذهبت أعداد أقل بكثير إلى روسيا وبيلاروسيا. 

وتم تسجيل حوالى 55% من اللاجئين فى بولندا و 12%  فى المجر، و8% فى مولدوفيا، كما استقبلت سلوفاكيا حتى الآن 7%  ورومانيا 5% ونحو 9% فى باقى أوروبا، وساعد على ذلك النزوح الكبير إلغاء اشتراطات الدخول أمام الأوكرانيين، حيث أسقطت ألمانيا اشتراط الحصول على تأشيرة مع السماح بالإقامة على أراضيها لمدة 90 يوماً دون تأشيرة شريطة أن يحمل الأوكرانيون جواز سفر إلكترونيا، وأسقطت دول شرط حيازة جوازات السفر، كما قيل للاجئين إنهم لا يحتاجون إلى وثائق، ولكن يفضل أن يكون لديهم جوازات سفر داخلية أو أجنبية، وشهادات ميلاد للأطفال المسافرين معهم ووثائق طبية، ويلزم من أجل الحصول على وضع لاجئ أن يكون صاحب الطلب مواطنا أوكرانيا أو شخصا يعيش بشكل قانونى فى أوكرانيا مثل الطلاب الأجانب.

وفى بولندا والدول الأخرى المجاورة لأوكرانيا يستطيع اللاجئون البقاء فى مراكز استقبال، إذا لم يكن لديهم أصدقاء أو أقارب يقيمون معهم، ويحصلون فى هذه المراكز على الطعام والرعاية الطبية، وتقدم المجر ورومانيا علاوات نقدية لشراء الطعام والملابس، وتسمح جمهورية التشيك بإتاحة أماكن للأطفال فى المدارس.

ومع استمرار تدفق الأوكرانيين، نشبت بوادر أزمة سياسية بين فرنسا والمملكة المتحدة بسببهم، حيث أعلنت بريطانيا أنها لا تستطيع فتح أبوابها أمام اللاجئين الأوكرانيين، وهو ما دعا فرنسا إلى اتهامها بالافتقار إلى الإنسانية، خاصة تجاه لاجئين أوكرانيين تمت إعادتهم إلى مرفأ كاليه، وقال وزير العدل البريطانى دومينيك راب لهيئة الإذاعة البريطانية: "إذا فتحنا الباب فلن نفيد الأشخاص الذين يجب أن نفيدهم  يجب أن نسعى إلى دعم المحتاجين"، بينما قال رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون إن المملكة المتحدة يمكن أن تستقبل 200 ألف لاجئ أوكرانى، وسيكون بإمكان الشركات تبنى أى أوكرانى ماليا وإحضاره إلى البلاد، كما يمكن للأوكرانيين التقدم بطلب الحصول على تأشيرة هجرة عائلية، إذا كان أحد أفراد الأسرة المباشرين مواطنا بريطانيا يعيش عادة فى أوكرانيا.

ويستعد الاتحاد الأوروبى لمنح الأوكرانيين حقا شاملا فى الإقامة والعمل فى جميع أنحاء الدول السبع والعشرين لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، كما سيحصل اللاجئون على الرعاية الاجتماعية، وإمكانية الحصول على السكن والعلاج الطبى والتعليم للأطفال.

وفى حين رحب البعض باستعدادات القارة العجوز لموجة النزوح الأوكرانية، يعتقد آخرون أنها ليست كافية مع ازدواجية معايير دول أوروبا الوسطى بشأن اللاجئين، وظهر ذلك فى تردد بولندا فى عرض اللجوء خلال أزمة المهاجرين الأوروبية عام 2015، ومؤخرا فى العام الماضى بصد حرس الحدود البولنديون بعنف موجة مهاجرين من كردستان العراق على الحدود البيلاروسية، كما يعتقد على نطاق واسع أن أزمة اللاجئين عام 2015 عززت الحركة اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة فى جميع أنحاء أوروبا، والتى ترى أن تلك التسهيلات الممنوحة للاجئين الأوكران ستشجعهم على البقاء فى أوروبا، خاصة مع تصريحات معظمهم، بأنهم يفضلون البقاء وعدم العودة لأوكرانيا التى ستحتاج لسنوات لإعادة الإعمار.

ولا يقتصر الهم الأوروبى المنتظر على اللاجئين فقط، فقد نشرت السلطات الأوكرانية صورا لوصول الفيلق الدولى الذى أمر بإنشائه الرئيس فولوديمير زيلينسكى لمواجهة القوات الروسية وسط قصف روسى، وتظهر الصور مقاتلين من خلفيات شتى جمعتهم الرغبة فى القتال إلى جانب أوكرانيا، وأعلن زيلينسكى إنشاء الفيلق الأجنبى فى فبراير الماضى للدفاع عن أراضى أوكرانيا.

وأكد مسئول أوكرانى لصحيفة نيورك تايمز الأمريكية أن مجموعات الفيلق شاركت فى القتال، وهؤلاء المقاتلون جاءوا من الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد والمكسيك وليتوانيا وجورجيا وغيرها من الدول، وهناك مجموعات من المقاتلين الأجانب تنضم يوميا.

وقالت الحكومة الأوكرانية، إن أى شخص يمكنه التقدم بطلب تطوع إلى الملحقية العسكرية فى السفارات، وتقديم جواز سفره والوثائق التى تدل على خبرته العسكرية، وبعد دخولهم  المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، فإنه يطلب منهم التوقيع على عقد للانضمام للفيلق الأجنبى التابع للحكومة، ولن يتمكن المقاتلون الأجانب الذين ينضمون إلى الجيش الأوكرانى من العودة إلى ديارهم حتى تنتهى الحرب، وقالت إن أكثر من 20 ألف أجنبى من 52 دولة تعهدوا بالمساعدة فى القتال ضد روسيا.

وتقول الحكومة الأوكرانية إن عدد المتطوعين حتى الآن  تجاوز 16 ألفاً ينتمون إلى جنسيات عدة من المملكة المتحدة إلى أستراليا وبولندا وإيطاليا واليابان، وإنها مستعدة لتزويدهم بأسلحة أوتوماتيكية، وتدريب الذين لا يملكون خبرة قتالية.

وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس صرحت  بأن حكومة بلادها على استعداد لدعم المواطنين البريطانيين الراغبين فى الذهاب إلى أوكرانيا للقتال ضد القوات الروسية لأن الشعب الأوكرانى لا يقاتل من أجل الديمقراطية والحرية فى أوكرانيا فقط بل فى كل أوروبا.

وبالمقابل، يقول الموقع إن القوات الروسية لديها مقاتلون من الشيشان وجورجيا إضافة لمرتزقة فاجنر الروس، وهذا ليس جديدا فعند اندلاع الحرب فى الأقاليم الانفصالية داخل أوكرانيا تطوع أكثر من 17 ألف روسى للدفاع عنها ضد القوات الأوكرانية، كما تقترح موسكو على المتطوعين السوريين مبلغ 200 إلى 300 دولار، مقابل القتال إلى جانبها.

والموقع الإخبارى السورى "دير الزور 24 "، أشار إلى أن موسكو تبحث عن متطوعين للعمل كحراس بعقود مدتها ستة أشهر مقابل ما بين 200 دولار و300 دولار شهريا، وحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فإن بعض المرتزقة السوريين موجودون بالفعل فى روسيا، ومستعدون لدخول القتال فى أوكرانيا.

والموقف من تجنيد المرنزقة على الجانبين، يلاقى بعض الشكوك فقد سبق لخبراء بالأمم المتحدة، أن حذروا من أن المقاتلين الأجانب الذين يتطوعون للقتال فى أوكرانيا سيتعرضون للملاحقة القانونية الدولية، ويذكرون بسابقة بعض البريطانيين الذين ذهبوا للقتال ضد داعش فى صفوف الميليشيات الكردية.

ويتناقض تشجيع الحكومات على تدفق المقاتلين الأجانب للمشاركة فى الحرب مع قرارات منظمة الأمم المتحدة بشأن المقاتلين الأجانب، وسيكون لتدفقهم إلى أوكرانيا انعكاسات على الأمن الأوروبى والإقليمى والدولى كون أن أوكرانيا وروسيا ستمنح الفرصة للمقاتلين من خارج أوروبا ليتسللوا الى أوروبا، وهذا قد يسمح للجماعات المتطرفة بالعودة، خاصة أن تلك الجماعات تحث أنصارها عبر مواقعها الإلكترونية على حمل السلاح ضد روسيا، وتستغل اشتراكها فى الحرب السورية وغيرها للدخول إلى أوكرانيا والتسلل أحيانا وسط اللاجئين لإعادة الصراع الجهادى ضد روسيا، ووصل لأمر بالبعض للتحذير من تحول القارة العجوز لبؤرة أفغانية بسبب هؤلاء المرتزقة، وملجأ للذنائب المنفردة التى تقوم بالعمليات الإرهابية دون سابق إنذار، كما أن هناك عددا من المخاطر التى تنطوى عليها عملية استقدام مسلحين أجانب إلى أوكرانيا، خاصة عند عودتهم إلى بلادهم مع أسلحة بالغة الخطورة مثل صواريخ ستينجر الأمريكية المضادة للطائرات، كما أنهم سيمثلون بؤر توتر داخل أوكرانيا وخارجها، وفى بلدانهم الأصلية عند عودتهم إليها، وسيكونون تحت الطلب لمن يدفع أكثر.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة