عاطف سليمان
عاطف سليمان


يوميات الأخبار

أيام فى ماسبيرو

الأخبار

الإثنين، 21 مارس 2022 - 05:49 م

بقلم: عاطف سليمان

اللهم ادم نعمتك علىّ وعلى كل زملائى الذين لم أجد منهم عبر هذا المشوار الطويل إلا كل حب واحترام وتقدير

الزمان 1976 كانت فترة السبعينيات مختلفة تماماً فى حياتى عن غيرها فقد كنت فيها طالباً بكلية الإعلام وصحفياً بالأخبار ومعداً لبعض برامج الإذاعة والتليفزيون حتى قبل أن أكون صحفياً تخصصت فى الفن.
..المكان مبنى الإذاعة والتليفزيون ماسبيرو
 بناء على اتصال من المذيع الشهير طارق حبيب الذى كان بمثابة أخ أكبر وصديق لى وكنت أتعاون معه فى إعداد عدد من برامجه كـ «أوتوجراف وفلاش» وغيرهما وكانت هذه من أشهر برامج التليفزيون حينذاك مثلها كـ «النادى الدولى وكاميرا 9 ومجلة التليفزيون» والتى شاركت أيضا فى إعدادها وذهبت إليه والتقيت به واعتقدت أنه بصدد أن نتحدث عن التحضير لبرنامج جديد إلا أننى فوجئت بقوله إن هناك مجلة جديدة أمر الرئيس السادات بإصدارها وستخرج للنور وسيكون اسمها «6 أكتوبر» وهى التى استقر الرأى بأن تكون مجلة أكتوبر فيما بعد وسيتولى رئاسة تحريرها الكاتب الكبير أنيس منصور وأن الأستاذ طارق رشحنى للأستاذ أنيس كى أشارك فى تحرير صفحتى الفن والتليفزيون وقد ارتسمت السعادة على وجهى حقاً وأخبرنى بأن علىّ الذهاب غداً الساعة 11 صباحاً لمقابلة الأستاذ أنيس منصور فى مكتبه على كورنيش النيل مبنى «دار المعارف» بجوار مبنى التليفزيون وعلى الرغم من فرحتى أصبحت متردداً كيف سأقابل الأستاذ المفكر الكبير أنيس منصور وأنا مجرد صحفى شاب يخطو أولى خطواته؟.
ولماذا رشحنى له الأستاذ طارق حبيب؟
 وكيف سيكون موقفى من جريدة الأخبار التى أعمل بها بعد أن تبنانى الأستاذ الكبير موسى صبرى للعمل بها وفتح لى أبوابها وأفسح لى المجال كأحسن ما يكون؟.
 طرحت هذه الأسئلة على نفسى وعلى الأستاذ طارق إلا أنه قال لى ما الذى ستخسره إذا ذهبت والتقيت مع الأستاذ أنيس؟.
 اذهب فى موعدك ثم فكر فى العرض..
حقيقة وإزاء ذلك امتثلت للموقف وذهبت فى موعدى فى اليوم التالى الساعة الحادية عشرة قبل الظهر.
كنت أمام الأستاذ نبيل مدير مكتب الأستاذ أنيس.
عرفته بنفسى جلست دقائق معدودة لأكون بعدها وجهاً لوجه أمام الأستاذ الكبير أنيس منصور.
انت عاطف سليمان؟
نعم
كلمنى طارق حبيب عنك ورشحك انك تشتغل معانا هنا، وشرح لى هدف المجلة وسياستها وأوضح لى رؤيته الفنية.
ثم سألنى انت اتخرجت سنة كام؟
أجبته لم أتخرج بعد وأعمل بالأخبار منذ أن كنت فى سنة أولى إعلام.
كم بتاخد فى الشهر من «الأخبار»؟
مكافأتى 15 جنيهاً فى الشهر.
قال لى بحماس:
انا ح اقرر لك 35 جنيها مكافأة شهرياً
شكرته بالطبع ثم عدت إلى بيتى الصحفى أخبار اليوم وطوال الطريق من مبنى دار المعارف لأخبار اليوم وأنا أفكر وأفكر.
حتى وصلت لمكتبى بالأخبار، كيف يمكن أن أترك مكانى وبيتى الصحفى والذى فتح لى المجال من أوسع أبوابه وقدم لى أعظم فرصة.
هل ستغرينى الـ 20 جنيهاً الزيادة؟
أنا مازلت شاباً صغيراً يافعاً وليست لدى مسئوليات حتى تكون الماديات هى هدفى؟

وأسئلة كثيرة تراءت أمام عينى وهدانى الله سبحانه وتعالى للذهاب إلى الناقد الرياضى ماهر فهمى والذى علمت أنه قرر الذهاب إلى العمل فى المجلة الجديدة تاركاً أخبار اليوم والكابتن نعمان كى أسأله. إننى فى حيرة من أمرى فأن يستدعينى الكاتب الكبير أنيس منصور ويرشحنى له طارق حبيب فهذا وسام على صدرى. لكنى ابن الأخبار. وأنا فى المهد أتنفس رصاصها الذى نجمع به الأخبار وتعودت عليه حتى سبب لى حساسية تنفسية وصدرية مازالت تصاحبنى حتى الآن وقد توحدنا معاً.

أجابنى الكابتن ماهر فهمى وكانت تجمعنا علاقات زمالة ودية وأخوة جميلة قائلاً لى: انت لسه صغير بتستمد اسمك وتكوّنه من أخبار اليوم. احنا خلاص عدينا المرحلة دى، فى اليوم الثانى التقيت بالأديب فتحى الإبيارى وكان أيضاً ممن يعملون بأخبار اليوم وقرر الذهاب إلى مجلة أكتوبر وسألته عن حيرتى وأخبرته بلقائى بالأستاذ أنيس منصور فإذا به ينصحنى بعدم قبول العرض والاستمرار مع أخبار اليوم وهو نفس ما قاله الكابتن ماهر فهمى.

وهنا حمدت الله على أنى استشرت من هم أكبر منى  كعادتى فى حياتى وحافظت على مكانى واستمرارى بالعمل مع الأساتذة الكبار عبد الفتاح البارودى ونبيل عصمت وعصام بصيلة وأحمد صالح وحسن عبد الرسول وحسن شاه فى بعض الأوقات وعشت أجمل وأحلى المواقف والذكريات، وتمر السنوات لأتذكر هذا الموقف كى أتيقن من حب الله وكرمه لى بأن أظل فى مكانى بالأخبار، بالأقسام الفنية، خاصة باب الإذاعة والتليفزيون الذى به بدأت وبه ستكون النهاية.
 اللهم ادم نعمتك علىّ وعلى كل زملائى الذين لم أجد منهم عبر هذا المشوار الطويل إلا كل حب واحترام وتقدير

البارع المتواضع محمود عوض
.. ذات يوم وفى السادسة مساء
وأنا فى المكتب الذى أجلس عليه بالطابق الأول بمبنى أخبار اليوم يدخل علىّ وانا منهمك بكتابة ومراجعة الأخبار تمهيدا لتقديمها للأستاذ عبد الفتاح البارودى لمراجعتها حين ذلك فوجئت بالكاتب الكبير البارع المتواضع محمود عوض يدخل علىّ ويسألنى عن أحوالى وعن الأستاذ عصام بصيلة فأخبرته أنه على سفر، فجلس على المقعد أمامى قائلاً لى إن همت مصطفى وكانت أيامها تشغل منصب رئيسة التليفزيون قد طلبت منه. إن يعد لها سهرة رأس السنة بالقناة الأولى فقلت له على الفور. الله ح تكون يا ريس سهرة مميزة وأكيد رائعة لثقافتك الراقية وأسلوبك الجاذب فى الكتابة  وهنا ابتسم الأستاذ محمود. ورد قائلاً لى: انا قلتها ح ارشحلك عاطف سليمان يعملها وانا عارف دماغه وكانت مفاجأة لى أن الأستاذ الكبير محمود عوض يسند لى الإعداد ومدام همت تعرفنى ورحبت برأيه.

وطلب منى الأستاذ محمود أن أضع تصوراً لسهرة المنوعات والنجوم الذين سأتصل بهم لاستضافتهم. الخ  ثم أذهب إليه فى منزله على النيل والمطل على كوبرى الجامعة ليرى الإسكربت. وهو ما كان وسعد برؤيتى فى الإعداد. وتم تنفيذها وأخرجها أيامها المخرج هانى عبد العظيم.

رحمة الله على الكاتب المبدع محمود عوض صاحب الأسلوب الرشيق والسطور البديعة. ولمن لا يعرفه فهو الذى كتب عددا من أهم الكتب منها مصرى بمليون دولار. وأم كلثوم التى لا يعرفها أحد. وكذلك كتاب عن عبد الوهاب  ومسلسل «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» المسلسل الإذاعى الوحيد الذى مثله عبد الحليم حافظ أمام نجلاء فتحى وعماد حمدى وعادل إمام وأخرجه محمد علوان دون أن يضع فيه فواصل موسيقية!.
 إضافة إلى كتب سياسية لها بريق خاص ورؤية ثاقبة منها «بالعربى الجريح» و»ممنوع من التداول» و»من وجع القلب» وغيرها.
رحم الله محمود عوض الذى رحل عنا فى أغسطس 2009.

محمد عبده ضيفاً
فى منتصف السبعينيات أيضاً
وحينما كنت أعمل معداً فى البرنامج الأشهر تليفزيونياً فى برنامج النادى الدولى تقديم أفضل مقدم برامج  تليفزيونى سمير صبرى وجدت الأستاذ سمير يتصل بى فى الأخبار عن طريق عم إمام بالسويتش قائلاً لى:

ضرورى شوف لى نجم يجى يوم التسجيل فى الاستديو لأن فلانة… اعتذرت!! وورينى شطارتك وأخذت أفكر وأدعو الله أن يوفقنى فى نجم ينقذنى ويكبرنى أمام هذا الموقف، حيذاك كنت أذهب بعض الأيام للجلوس مع الفنان محمد عبده فى فندق شهير قبل امتلاكه شقة بالقاهرة ويوم ذهبت إليه وجدت عنده الكاتب الصحفى الراحل محمد بديع سربيه رئيس تحرير الموعد. وبعد أن ذهب سربيه. اقترحت على أبو نورا أن يكون ضيف النادى الدولى يوم التسجيل إلا أنه قال لى إنه يخشى أن يتأخر. وأنه مرتبط بسهرة غنائية ومعه طلال مداح فى بيت هانى مهنى ومعروف عن الأستاذ سمير لظروفه الفنية والسينما هذا.
إلا أننى أقنعت محمد عبده. ووافق واصطحبنى فى سيارته الفارهة أيامها. واصطفاها أمام التليفزيون وللحق تأخر سمير، شفاه الله، بعض الوقت. إلا أنها كانت حلقة مميزة. وكانت الأولى أن يكون محمد عبده ضيفاً فى التليفزيون المصرى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة