محمود الورداني يكتب : استدراك حول سيرة  أسامة الديناصورى
محمود الورداني يكتب : استدراك حول سيرة أسامة الديناصورى


محمود الورداني يكتب : استدراك حول سيرة أسامة الديناصورى

أخبار الأدب

السبت، 09 أبريل 2022 - 12:31 م

عندما تأملتُ مقال الأسبوع الماضى عن سيرة أسامة الديناصورى الذاتية «كلبى الهرم .. كلبى الحبيب » - مكتبات ديوان - اكتشفتُ أن هناك جانبا مهما لم أوفّه حقه، واكتفيتُ فقط بالإشارة السريعة له، وفاتنى أن أوضّح ما أقصده . 
 كتبتُ أن بناء السيرة على المستوى الجمالى يجرى على نحو تلقائى، أو يبدو أنه تلقائى، وأضفتُ أنه لامشكلة لديه فى الزمن، ويكتفى بتدوين تاريخ الكتابة. والحقيقة أن هذا الكلام يحتاج إلى توضيح ضرورى . 

لم يكتب أسامة سيرة تلتزم بالزمن، ولم يرتّبها وفق أى معيار، فلاهى سيرة تبدأ من البداية وتمضى فى خط صاعد وصولا للنهاية، كما أنها لم تبدأ بالنهاية وتعود فى خط نازل إلى البداية. أما تدوين تاريخ الفصول التى كتبها فهو صحيح حيث يكتب عنوان الفصل..مثلا فى الفصل الأول: الولاعة الصفراء الجديدة .. ثم يدوّن التاريخ : الخميس 20 / 4 / 2006 - 1 30 صباحا .. وهكذا فى كل فصل من فصول السيرة التى استغرق فى كتابتها نحو ثمانية أشهر . 

‏أما الفصول التالية فتبدأ من لحظة التدوين الواقعية. فيكتب، كما أشرت فى الفصل الأول عن الولاعات، وطرف من الأحداث التى جرت بينه وبين صديقه الكاتب حمدى أبو جليل .. يسرد إذن ويحكى الواقع اليومى: أذان الفجر من المسجد القريب .. الحقائب والمحافظ الجلدية الجميلة التى تصنعها زوجته .. إعداده للأقلام الرصاص .. تفكيره فى ضرورة إصلاح سيارته. 

‏ وبعد أكثر من عشرين صفحة، يذكر عَرَضا أهم ماتحتوى عليه السيرة: «الفشل الكلوى ليس مرضا . إنه أنا . أنا العادى جدا . فقط عندما أكون فى بيتى، تكون كليتاى فى مكان آخر» . 
‏وتبدأ سيرة المرض تحتل مكانها فى الصفحات التالية .. لايحكيها وحدها . تقطعها دائما مشاهد الواقعى والآنى . هو يكتب سيرتين فى واقع الأمر : سيرة مايجرى الآن، وسيرة المرض على مدى سنوات عمره حرفيا، وليس على سبيل المجاز . يمزج بينهما فى سبيكة واحدة، ويشظيهما فى الوقت نفسه . أظن أنه كان حريصا على ألا تتجاوز الفصول التى يخصصها لإحدى السيرتين وحدها عددا قليلا جدا.

وفى هذا السياق استخدم الكاتب السخرية اللاذعة وخفة الدم واستئناس الموت وعقد صداقة متينة معه والاستغراق فى التفاصيل بما يشبه الاستهانة، وبعدم تضخيم الأمور وبالصوت غير الجهير وبالابتعاد عن المناحة ونفى المحزنة المخيمة . 

‏طرز ماكينات الغسيل الكلوى والإبر الفظيعة المستخدمة والقسطرات وشكولها والأوردة والشرايين والاستسلام أسبوعيا لماكينة تأخذ دمك ثم تعيده إليك مغسولا، وفى الوقت نفسه الاستغراق أيضا فى اليومى: فى أصدقاء ورفاق الراوى من المرضى على مدى أكثر من عقدين من الزمان. لهم ولهن حكايات وحكايات، وواحدة منهم زوجة تاجر مخدرات وزوجها فى السجن .. إلخ إلخ من الحكايات الواقعية . 

أما الأطباء والممرضون والممرضات وطالبات التمريض فهم عالم آخر مترام لايغفلهم الراوى. هم أصدقاء وبينه وبينهم عِشرة عمر. وإذا حدث وانتقل للغسيل من وحدة إلى أخرى، فهو لاينساهم ولاينسونه، وإذا غاب عنهم يطاردونه حتى يلتقوا به، هم حاضرون دوما، شأنهم شأن أصدقاء أسامة الديناصورى من الكُتّاب الذين يذكرهم بالإسم: حمدى أبو جليل وعلاء خالد وإيمان مرسال (التى تبرعت له بإحدى كليتيها لكن إبراهيم البجلاتى الشاعر والطبيب النابغة اكتشف أنه من المستحيل زرع الكلية لأنها صغيرة جدا ولاتصلح) وفاطمة قنديل وصفاء فتحى ومحمد هاشم وغيرهم وغيرهن بالأسماء الحقيقية . 

[email protected]

اقرأ أيضا | محمود الورداني يكتب: الموت في التشريفة

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة