فتوى جدليه
فتوى جدليه


فتوى جدلية.. حكم إيواء الإرهابيين

ضياء أبوالصفا

الأربعاء، 13 أبريل 2022 - 07:06 م

السؤال: مَا حكم إيواء الإرهابيين وإخفائهم عن الأعين بدعوى إعانتهم على الجهاد فى سبيل الله؟


يجيب عليه د.شوقى علام مفتى الجمهورية


إيواءُ الإرهابيين والتستر عليهم والسعى فى هروبهم من العدالة هو من أكبر صور المشاركة فى جريمة الإرهاب والإرجاف، وفاعل ذلك مستحق للَّعنة من الله تعالى؛ وفيه يقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث على بن أبى طالب كرم الله وجهه، واللعن إنما يكون على الكبيرة، والمُحْدِثُ: هو الذى جنى جناية، وهو أيضًا صاحب الفتنة.

وإيواؤُه: حمايتُه وإخفاؤه، والحيلولة بينه وبين ما يحق استيفاؤُه، ولا يخفى أن القتل والتخريب الذى يمارسه الإرهابيون هو من أشد صور الفتنة ظلمًا وفسادًا وبغيًا، ولذلك كان مَن آواهم مشاركًا لهم فى أفعالهم الإجرامية وإفسادهم فى الأرض، مستوجبًا للعنة الله تعالى.


أما الادِّعاء بأن إيواء الإرهابيين إعانة على «الجهاد فى سبيل الله»: فذلك كذب وتدليس على الشرع الشريف؛ فإن «الجهاد فى سبيل الله» مفهوم إسلامى نبيل له دلالته الواسعة فى الإسلام؛ فهو يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان، ويطلق على قتال العدو الذى يُراد به دفعُ العدوان وردعُ الطغيان، وما يروج له هؤلاء الإرهابيون هو «إرجاف» وليس جهادًا.. والحكم يختلف تبعًا لاختلاف المفهوم؛

فإذا كان ذلك داخل المجتمع سُمِّيَ «بالحرابة»، وهى قطع الطريق أو الإفساد فى الأرض، والمتلبس بها مستحق لأقصى عقوبات الحدود؛ لأنه إفساد منظَّمٌ ضد المجتمع؛ فإذا اقترن هذا الخروج بتكفير الناس وكان لأصحابه منعة وشوكة كانوا حينئذٍ «خوارجَ» و«بُغَاةً» يقاتَلون حتى تنكسر شوكتهم ويفيئوا إلى الحق ويرجعوا إلى جماعة المسلمين.


وبناءً على ذلك: فإيواء الإرهابيين كبيرةٌ من كبائر الذنوب يستحق أصحابها اللعن من الله تعالى، ودعوى أن ذلك إعانة على الجهاد محضُ كذب على الشريعة؛ فإن ما يفعله هؤلاء المجرمون من التخريب والقتل هو من أشد أنواع البغى والفساد الذى جاء الشرع بصده ودفعه وقتال أصحابه إن لم يرتدعوا عن إيذائهم للمواطنين، وتسميته جهادًا ما هو إلا تدليس وتلبيس حتى ينطلى هذا الفساد والإرجاف على ضعاف العقول، ويجب على المجتمع بكل أفراده وطوائفه ومؤسساته الوقوفُ أمام هؤلاء البغاة الخوارج وصدُّ عدوانهم؛ كلٌّ حسب سلطته واستطاعته.

فقد أمرت الشريعة الناسَ بالأخذ على يد الظالم حتى يرجع عن ظلمه وبغيه، وحذَّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من السلبية والتغاضى عن الظلم، وجعل ذلك مستوجبًا للعقاب الإلهي؛ وذلك لأن السلبية تهيئ مناخ الجريمة وتساعد على انتشارها واستفحالها دون مقاومة؛ قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذى وصححه وابن ماجه وابن حبان من حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه.


والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا

مفتي الجمهورية: داعش والجماعات الإرهابية لا شرعية لها في أن تتخذ قرار حرب

 

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة