صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


الأوروبـيات فـى «سـوق الرقـيق»

آخر ساعة

الأحد، 17 أبريل 2022 - 12:38 م

دينا‭ ‬توفيق

نظن‭ ‬أنها‭ ‬قوية،‭ ‬حرة؛‭ ‬لا‭ ‬يتحكم‭ ‬فيها‭ ‬أحد‭.. ‬صلبة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إخضاعها‭ ‬وإذلالها‭.. ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نيل‭ ‬حقوقها‭ ‬دون‭ ‬معاناة،‭ ‬متمتعة‭ ‬بحياة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنتهك‭ ‬كرامتها‭.. ‬لا‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬ولا‭ ‬تواجه‭ ‬العنف‭.. ‬لا‭ ‬تستغل‭ ‬وليست‭ ‬ضحية‭.. ‬نرسم‭ ‬لها‭ ‬عالما‭ ‬تعيش‭ ‬به‭ ‬وكأنه‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الجنة‭.. ‬ولكن‭ ‬نستيقظ‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فى‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬الرجل‭.. ‬المساواة‭ ‬شعار‭ ‬وحريتها‭ ‬مكبلة،‭ ‬وهى‭ ‬منهكة‭ ‬ومنتهكة‭ ‬جسديًا،‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬كسلعة؛‭ ‬أنها‭ ‬المرأة‭ ‬الغربية‭ ‬المضطهدة‭ ‬رغم‭ ‬نجاحها،‭ ‬غارقة‭ ‬فى‭ ‬قسوة‭ ‬الحياة‭ ‬يتحكمون‭ ‬فيها‭ ‬ويتاجرون‭ ‬بها‭ ‬لكونها‭ ‬أنثى‭..‬

 

لا‭ ‬تزال‭ ‬المرأة‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬الإهانة‭ ‬والإذلال،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتعرض‭ ‬للاضطهاد‭ ‬وينظر‭ ‬لها‭ ‬وكأنها‭ ‬سلعة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تباع‭ ‬وتشترى‭.. ‬يواجهن‭ ‬التمييز،‭ ‬وعرضة‭ ‬للفقر‭ ‬والعنف‭ ‬مع‭ ‬وقوع‭ ‬بعضهن‭ ‬ضحايا‭ ‬للاعتداءات‭ ‬الجنسية،‭ ‬فالمرأة‭ ‬الغربية‭ ‬تجتهد‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬الرجل‭ ‬بل‭ ‬وأكثر‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬الحياة،‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬تكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساواة‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬والتعليم‭ ‬وفرص‭ ‬تقلد‭ ‬المناصب،‭ ‬فالملايين‭ ‬منهن‭ ‬يتناولن‭ ‬المهدئات‭ ‬والأقراص‭ ‬المنومة‭ ‬ومضادات‭ ‬الاكتئاب‭ ‬لمواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬اليومية‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتقهن‭.

 

 ‬يواجه‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأوروبيات‭ ‬خطراً‭ ‬كبيراً‭ ‬بالتعرض‭ ‬للعنف‭ ‬الجنسى‭ ‬والتحرش‭ ‬فى‭ ‬أماكن‭ ‬العمل،‭ ‬لأن‭ ‬السلطات‭ ‬وأصحاب‭ ‬العمل‭ ‬يفشلون‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬المناسبة‭ ‬لهن‭. ‬فى‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وفقًا‭ ‬لهيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭  ‬BBC‭ ‬يتم‭ ‬تهريب‭ ‬آلاف‭ ‬النساء‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬الأوروبية‭ ‬بهدف‭ ‬الاتجار‭ ‬بهن‭. ‬وفيما‭ ‬كشفت‭ ‬وكالة‭ ‬االجريمة‭ ‬الوطنية‭ ‬البريطانية‭ ‬NCA‭ ‬أن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬تطور‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬وعادت‭ ‬تجارة‭ ‬الرقيق‭ ‬الأبيض،‭ ‬وأصبح‭ ‬سماسرة‭ ‬الجنس‭ ‬يرسمون‭ ‬وشمًا‭ ‬على‭ ‬أجساد‭ ‬النساء‭ ‬كختم‭ ‬الماشية‭ ‬لتأكيد‭ ‬ملكيتهم‭ ‬لها‭ ‬قبل‭ ‬بيعها‭ ‬بآلاف‭ ‬الدولارات‭. ‬وأشار‭ ‬تقرير‭ ‬سابق‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬االإندبندنتب‭ ‬البريطانية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرمز‭ ‬المعروف‭ ‬ببار‭ ‬كود،‭ ‬يستخدم‭ ‬للاتجار‭ ‬بالنساء‭ ‬الفتيات،‭ ‬اللاتى‭ ‬يتم‭ ‬استقدامهن‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭. ‬وتشكل‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬المستغلات‭ ‬جنسياً‭ ‬غالبية‭ ‬ضحايا‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فيما‭ ‬تعمل‭ ‬بروكسل‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬جهودها‭ ‬للتصدى‭ ‬لشبكات‭ ‬التهريب‭.‬

 

مؤخـــراً‭ ‬نشـــرت‭ ‬المفوضـــية‭ ‬الأوروبيـــــة‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬ووضعت‭ ‬خطتها‭ ‬للتصدى‭ ‬لهذه‭ ‬التجارة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬2021-2025،‭ ‬بعد‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬اعتماد‭ ‬التوجيه‭ ‬2011/36‭ ‬EU‭/‬،‭ ‬الأداة‭ ‬الأساسية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬وحماية‭ ‬ضحاياها‭. ‬يرغب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬فى‭ ‬تعزيز‭ ‬استجابته‭ ‬لهذا‭ ‬النشاط‭ ‬الإجرامي،‭ ‬الذى‭ ‬يحقق‭ ‬مليارات‭ ‬اليورو‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استغلال‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬المفوضية‭. ‬وقالت‭ ‬مفوضة‭ ‬الشئون‭ ‬الداخلية‭ ‬اإيلفا‭ ‬جوهانسونب‭ ‬إن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬جريمة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬مكان‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬الأوروبي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يواصل‭ ‬المجرمون‭ ‬الاتجار‭ ‬بالضحايا،‭ ‬وخاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وفى‭ ‬الغالب‭ ‬للاستغلال‭ ‬الجنسي‭.‬

 

ووفقًا‭ ‬لبيان‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬فإن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬جريمة‭ ‬خطيرة‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬ولكنه‭ ‬أيضًا‭ ‬عمل‭ ‬مربح،‭ ‬مدفوع‭ ‬بالطلب‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الجنسية‭ ‬وغيرها؛‭ ‬حيث‭ ‬يستغل‭ ‬المجرمون‭ ‬الأشخاص‭ ‬الضعفاء‭ ‬مثل‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬ويحققون‭ ‬أرباحًا‭ ‬عالية‭ ‬ويتحملون‭ ‬مخاطر‭ ‬منخفضة‭ ‬نسبيًا‭. ‬تمثل‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاستغلال‭ ‬الجنسي‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬سائدًا‭ ‬فى‭ ‬أوروبا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬أشكال‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الاستغلال‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬الجبرى‭ ‬والأنشطة‭ ‬الإجرامية‭.‬

 

ويمثل‭ ‬الاتجار‭ ‬بالنساء‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬عالميا‭ ‬خطيرا‭ ‬اليوم‭ ‬يهدد‭ ‬حياة‭ ‬وأمن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬وينتهك‭ ‬حقوقهن‭ ‬وكرامتهن‭. ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬تجارة‭ ‬إجرامية‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬وذلك‭ ‬أساسًا‭ ‬لغرض‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ ‬القابل‭ ‬للتسويق‭. ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنى‭ ‬بالمخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬حول‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬لعام‭ ‬2020،‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬كان‭ ‬الاتجار‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الضحايا‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ (‬60%‭) ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬بغرض‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ (‬92%‭ ‬منهم‭ ‬نساء‭ ‬وفتيات‭)‬،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬الاتجار‭ ‬بـ‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬فى‭ ‬العمل‭و ‬هناك‭ ‬تباين‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬المختلفة‭ ‬التى‭ ‬تسجلها‭ ‬السلطات‭ ‬وهيئات‭ ‬التسجيل‭ ‬الأخرى‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاتجار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ ‬يهيمن‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬زيادة‭ ‬فى‭ ‬الاتجار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭. ‬وتشهد‭ ‬الإحصائيات‭ ‬التى‭ ‬جمعها‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبى‭ ‬على‭ ‬الزيادة‭ ‬الإجمالية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬والذى‭ ‬ظهر‭ ‬باعتباره‭ ‬الشكل‭ ‬السائد‭ ‬للاستغلال‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭.‬

 

وتم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالاتجار‭ ‬بغرض‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمى‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬باعتباره‭ ‬شكلاً‭ ‬حادًا‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬المرأة،‭ ‬وهو‭ ‬متجذر‭ ‬بعمق‭ ‬فى‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭. ‬وفقًا‭ ‬لورقة‭ ‬سابقة‭ ‬لخدمة‭ ‬الأبحاث‭ ‬البرلمانية‭ ‬الأوروبية‭ ‬اEPRSب،‭ ‬فإن‭ ‬معظم‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬اللاتى‭ ‬تم‭ ‬الاتجار‭ ‬بهن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ ‬أبلغن‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬تعرضهن‭ ‬للعنف‭ ‬قبل‭ ‬تجربة‭ ‬الاتجار‭ ‬بهن‭. ‬وأثناء‭ ‬استغلالهن،‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬والسيطرة‭ ‬النفسية‭ ‬والعنف‭ ‬الجنسى‭ ‬والجسدى‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬الحرية،‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬صحتهن‭ ‬الجسدية‭ ‬والعقلية‭. ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬ينجحون‭ ‬فى‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬معرضون‭ ‬لخطر‭ ‬السقوط‭ ‬والعمل‭ ‬فى‭ ‬التجارة‭ ‬نفسها؛‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬المتاجرين‭ ‬بالبشر‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬فإن‭ ‬حوالى‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬الجناة‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬النساء؛‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬المتاجرات‭ ‬بالبشر‭ ‬أعلى‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬مثل‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬حيث‭ ‬ترى‭ ‬النساء‭ ‬المتجر‭ ‬بهن‭ ‬فرصة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسى‭ ‬بأن‭ ‬يصبحن‭ ‬هن‭ ‬الجناة‭.‬

 

تميل‭ ‬بيانات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنى‭ ‬بالمخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬أن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬له‭ ‬بُعد‭ ‬يتعلق‭ ‬بالنوع‭ ‬الاجتماعى‭ ‬واضح‭. ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬الاتجار‭ ‬بالنساء‭ ‬والرجال‭ ‬بالطريقة‭ ‬نفسها‭ ‬أو‭ ‬للغرض‭ ‬نفسه،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تجربتهم‭ ‬فى‭ ‬الاتجار‭ ‬مختلفة‭ ‬للغاية؛‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬الجذرية‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬السياسات‭ ‬والتدابير‭ ‬التى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬مكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭. ‬وفى‭ ‬الواقع،‭ ‬الخدمات‭ ‬الجنسية‭ ‬التجارية‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬يستهلكها‭ ‬الرجال‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬حصرى‭ ‬وتقدمها‭ ‬النساء‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭. ‬

 

ويشير‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاتجار‭ ‬بالنساء‭ ‬والفتيات‭ ‬جنسيًا‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يمثل‭ ‬أكثر‭ ‬أشكال‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬شيوعًا‭ ‬فى‭ ‬أيرلندا‭. ‬وأوضح‭ ‬التقرير،‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬إجراؤه‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬لمكافحة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬ضحايا‭ ‬الاتجار‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬فى‭ ‬أماكن‭ ‬مختلطة‭ ‬الجنس‭ ‬يعرضهن‭ ‬إلى‭ ‬اممارسات‭ ‬تمييزية،‭ ‬وخطر‭ ‬العوز،‭ ‬وخطر‭ ‬إعادة‭ ‬الاتجار‭.‬ب‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬حددت‭ ‬السلطات‭ ‬38‭ ‬ضحية‭ ‬للاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬26‭ ‬تم‭ ‬استغلالهن‭ ‬فى‭ ‬التجارة‭ ‬الجنسية‭. ‬وخلال‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلنت‭ ‬الشرطة‭ ‬الإيرلندية‭ ‬إنها‭ ‬تحقق‭ ‬فى‭ ‬اأكثر‭ ‬من‭ ‬100ب‭ ‬مشتبه‭ ‬بهم‭ ‬وجرائم‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالاتجار‭ ‬بالبشر؛‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬13‭ ‬عضوًا‭ ‬فى‭ ‬عصابة‭ ‬أيرلندية‭ ‬يشتبه‭ ‬فى‭ ‬قيامهم‭ ‬بالاتجار‭ ‬بالنساء‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭.‬

 

ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬تحتاج‭ ‬النساء‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬استقلال‭ ‬اقتصادى‭ ‬أكبر‭ ‬لتجنب‭ ‬الفقر‭ ‬والعوز،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتصريحات‭ ‬المقرر‭ ‬الخاص‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنى‭ ‬بالفقر‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬اأوليفييه‭ ‬دى‭ ‬شوترب،‭ ‬فى‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفى‭ ‬فى‭ ‬بروكسل‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬وهو‭ ‬يختم‭ ‬جولته‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬تواجه‭ ‬النساء‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ ‬التمييز‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬والأجر،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬تقسيم‭ ‬للأدوار‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬داخل‭ ‬الأسرة‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‭ ‬بدوام‭ ‬كامل‭. ‬

 

وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تنقطع‭ ‬وظائف‭ ‬النساء‭ ‬لرعاية‭ ‬الأطفال،‭ ‬ويعمل‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الدوام‭ ‬الجزئى،‭ ‬وبالتالى‭ ‬فإن‭ ‬مستوى‭ ‬المعاشات‭ ‬التى‭ ‬يتلقينها‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭. ‬تبلغ‭ ‬فجوة‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬14٫1%‭ ‬ولم‭ ‬تتغير‭ ‬إلا‭ ‬بشكل‭ ‬طفيف‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضى‭. ‬وبلغت‭ ‬فجوة‭ ‬التوظيف‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬11٫7%‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬مع‭ ‬توظيف‭ ‬67٫3%‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبى‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬79%‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬فالنساء‭ ‬يعانين‭ ‬من‭ ‬فوارق‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬فى‭ ‬الأجور،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالرجال‭.‬

 

لم‭ ‬تحل‭ ‬بوضوح‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬فى‭ ‬التشريعات،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التى‭ ‬تدعى‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتنادى‭ ‬بالحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬المرأة،‭ ‬يتم‭ ‬انتهاك‭ ‬المرأة‭ ‬بها‭ ‬جسدياً‭ ‬وتدميرها‭ ‬نفسياً‭ ‬سواء‭ ‬باستغلال‭ ‬عزمها‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬مقابل‭ ‬أجر‭ ‬لا‭ ‬يساوى‭ ‬جهدها،‭ ‬أو‭ ‬بالاتجار‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬الرقيق‭ ‬الأبيض‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬علنى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬سلطات‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬وبعض‭ ‬مؤسساتها‭ ‬تدعى‭ ‬محاربته‭.‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة