محمد راضى
محمد راضى


يوميات الأخبار

الاختيار فى بلد كان ينهار

محمد راضي

الخميس، 21 أبريل 2022 - 10:44 م

وجاء مسلسل الاختيار ليكشف أن الأجهزة السيادية المصرية كانت سباقة وعلى علم بكل تحرك للجماعة الإرهابية ومحاولاتها الخبيثة للاستمرار فى خداع الشعب المصرى

عاصر وعايش أغلب الشعب المصرى الأحداث الحية التى أعقبت سقوط حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، كما عاصر الجميع لحظات الخوف والفزع من هجوم البلطجية وحماية الأهالى لمنازلهم بعد انهيار قوات الأمن بفعل فاعل فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١، وأصبح يقينا لدى الجميع أن الإخوان كانوا هم أساس عملية الفوضى التى أرادوا إغراق البلاد فيها لأنهم لا يجيدون سوى العمل السرى وفى الخفاء.


مكاسب على وتر الدين


كنت ممن عاصر وعايش تلك الأحداث ولأن جماعة الإخوان الإرهابية كعادتها تهوى اللعب على وتر الدين استطاعت حصد المكاسب بدعوى التدين إلى أن اعتلت الجماعة كرسى الرئاسة التى ظلت تخطط له فى الخفاء سنوات طوالا بتآمرها على الوطن من الخارج واجتذاب المتأخونين من من الداخل ولأن مصر بلد محفوظ بعناية الله وهبها من يدافع عنها ويحميها.


أتذكر حينما تم تكليفى بتغطية الأحداث فى أرض الفيروز فى أعقاب مذبحة رفح الأولى، وأتذكر جيدا ما حدث من الجماعة فى أعقاب حملة التطهير وتضييق الخناق على العناصر الإرهابية للقصاص لدماء الشهداء، كما أتذكر قيامها بإرسال نائب تابع للجماعة إلى اللواء سميح بشادى مدير الأمن آنذاك طالبا منه وقف ملاحقة من أسماهم بالجهاديين حتى لا ينكشف المستور ويزاح الستار عن محرك تلك العناصر، وتصادف وجود مدير الأمن العام وقتها وهو اللواء أحمد حلمى فى مديرية الأمن لمتابعة سير عمليات التتبع، حيث انتهت المناقشات بطرد مبعوث الجماعة.


الاختيار


أرسلت ما تجمع من معلومات للأستاذ محمد حسن البنا رئيس تحرير الأخبار آنذاك ليقوم  بكتابة عنوان الصفحة الأولى باللون الأحمر وبالبونط العريض «الإخوان تطالب الداخلية بوقف ملاحقة الجهاديين فى سيناء»، لتكون الأخبار أول صحيفة مصرية تفضح الجماعة الإرهابية فى عز حكمها.


وجاء وقت الاختيار لبلد كاد ينهار، فسرعان ما استعاد الأمن قوته وعملت الأجهزة فى صمت من أجل كشف خيوط الجريمة كاملة، رئيس لا يحكم ترك لجماعته الأمر تدبر ما تشاء ظنا أن الوطن ليس له رجال تحميه - هكذا كان الظن-  وأكد تقرير لهيئة مفوضى الدولة أن المرسوم بقانون الصادر من الرئيس المعزول محمد مرسى بحق تملك واضعى اليد لأراضى سيناء شرط أن يكون استصلاحها أو زرعها فى اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون ولم يعطِ هذا الحق فى نصوص القانون، وهذا يعنى أنه أنشأ حكما جديدا فى اللائحة بعيدا عن القانون، بالإضافة إلى أن هذا المرسوم بقانون مخالف لقانون الأراضى الصحراوية الذى جعل من هيئة المشروعات والتنمية الزراعية وأجهزة أخرى فى الدولة مسئولة عن إدارة الأراضى الصحراوية واستصلاحها وزراعتها وهو ما ينص علية المرسوم بقانون 14 لسنة 2012.


تسريبات تفضح الخيانة


ولعل تسريبات الإدارة الأمريكية عن العلاقة التى جمعت بينها وبين الجماعة الإرهابية لأكبر دليل على خيانة المعزول منذ صيف عام 2011 على الأقل، وذلك قبل تأسيس حزب الحرية والعدالة المنحل، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان ما بين عامى 2011 و2013، وكان مرسى على رأس الحزب المنحل قبل توليه رئاسة الجمهورية.


وكشفت التسريبات اتصالات المعزول مع السفارة الأمريكية قبل رئاسة الحزب وبعدها والتى كانت تتعلق بالمعلومات عن لقاءات مرسى مع الساسة والنخب فى مصر  وإبلاغ السفارة الأمريكية بها أولا بأول لطلب المشورة.


والأخطر فى التسريبات هو ما تعلق بنقل أسرار عسكرية وسياسية وحكومية بالمخالفة للقانون والدستور المصرى وكانت كفيلة بمحاكمته سريعا بتهمة الخيانة العظمى، وجاء مسلسل الاختيار ليكشف أن الأجهزة السيادية المصرية كانت سباقة وعلى علم بكل تحرك للجماعة الإرهابية ومحاولاتها الخبيثة للاستمرار فى خداع الشعب المصري.


تملك أرض سيناء


ففى لقاء يسجله التاريخ بأحرف من ذهب جمع الفريق أول عبدالفتاح السيسى والذى كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك ومشايخ سيناء فى الثانى عشر من يناير عام ٢٠١٣ أى قبل ثورة الشعب المصرى على حكم الجماعة الإرهابية بما يقارب ستة أشهر، حيث قال السيسى إن القوات المسلحة لا يعنيها سوى مصلحة مصر وأرضها وشعبها العظيم، أن أكبر تهديد لمصر وأمنها القومى هو تملك أرض سيناء لغير المصريين، وأن القوات المسلحة حريصة على عدم المساس بحقوق ومصالح أهالى سيناء.


وخلال اللقاء أيد مشايخ القبائل قرارات القائد العام للقوات المسلحة بشأن حظر الملكية فى سيناء لغير المصريين، باعتباره ضرورة لمتطلبات الأمن القومى المصري.


مسلسل الاختيار رصد بالصوت والصورة ما أكدته التسريبات الأمريكية خلال عام ٢٠٢٠ فكشف كيف حمت القوات المسلحة مصر من خطر الإخوان، وكيف حمت الأجهزة ورصدت تآمر عناصر الجماعة من صغيرهم لكبيرهم أبعاد المؤامرة، فى الوقت الذى هيأت الجماعة الإرهابية نفسها لتأمين نظام حكم المرشد.


الشعب فى وجه المحتل


لكن الشعب المصرى لا يظهر معدنه إلا وقت الأزمات فقد هب ضد حكم الجماعة ومرشدها، أبى أن يكون تحت وطأة حرس ثورى أراد الشاطر تكوينه ليحارب الجيش، وقف الشعب ليقول إن هناك رجالا يسعون لتطهير مصر بجانب أجهزتها، يقولون نعم هناك خطأ وجب تصحيحه بعدما تكشف للقاصى والدانى أن مصر لن تستقيم بحكم المرشد، لن تفلح محاولات الأخونة مع شعب بطبيعته عصى على الركوع والإذلال، يرفض الطاعة العمياء ويرفع من يضع الوطن -الوطن فقط- فوق مصالح شخص أو جماعة.


وأمام يقظة الشعب حول الإخوان بطرقهم المعهودة اللعب على وتر المواطنة والتفرقة بين نسيجى الأمة - مسلم ومسيحي- ولعلها المرة الأولى التى يتنبه فيها هذا النسيج الوطنى منذ ثورة ١٩١٩ حينما رفع الهلال والصليب فى وجه المستعمر وهذا أكبر دلالة على أن حكم المرشد لا يختلف كثيرا عن حكم المحتل الإنجليزي.


تدريس «الاختيار» فى مناهج التاريخ


مسلسل الاختيار فضح الإخوان وأعوانهم، كشف الجماعة أمام القلة المتبقية والمخدوعة فى المرشد وخيانته، وكيف خطط مرسى والشاطر وبديع وأعوانهم فى الخارج للتفرقة بين أبناء الشعب من أجل مصلحة الجماعة، كيف حاولوا بكل السبل استمالة الغلابة باسم الدين، كيف جندوا شباب فى عمر الزهور لمحاربة الدولة وتخريب منشآتها بزعم الخلافة.


تدريس ما جاء بمسلسل الاختيار أصبح واجبا وطنيا لتعرف الأجيال القادمة من اختار الوطن ومن اختار الفوضي، خروج العمل الدرامى فى هيئة مادة تاريخية يتم تدريسها لأبناء الشعب أصبح ضرورة لكشف زيف الإخوان المتأسلمين، التاريخ لن يرحم من خان كما لن يخذل من حمى وطنا كان فيه الاختيار ضرورة لبلد كاد ينهار.


هنا المطرية


وبمناسبة أحداث مسلسل الاختيار وحلاوته وبطبيعة إقامتى بمنطقة المطرية، شاهدت كيف قدم الأهالى أروع الأمثلة بتنظيم أطول حفل إفطار جماعى فى شهر رمضان المبارك، حيث اجتمع الأهالى على مائدة طويلة امتدت لنهاية أحد الشوارع تجمع فيها شباب المنطقة، الذين يتكاتفون فى تحضيرها وتقديم أشهى الأطباق على الإفطار، ويتقاسمون الأجر والثواب، ويخلقون حالة من البهجة والإحساس بروحانيات الشهر المبارك فى رسالة بأن هذا الشعب لن يستطيع أحد تفرقته أو تقسيمه أو أن يختار دون إرادته.


اغتنموا ليلة القدر


والله لسه بدرى يا شهر الصيام، ودخلنا فى العشر الأواخر من رمضان ويحرص الجميع على تحرى ليلة القَدر، ومعرفة علاماتها والتى أبرزها أن يحدث للإنسان سكون فى النفس وشعور بالإقبال على الله عز وجل فى هذه الليلة وأن يُوفق الشخص فيها بدعاء لم يقله من قبل.


وذكرت السنة النبوية علامات الليلة المباركة ومنها نزول الملائكة أفواجًا وتكون أكثر من الحصى على الأرض واعتدال الجو فلا يُوصف بالحرارة أو البرودة حيث رُوِى عن عبدالله بن عباس -رضى الله عنهما-: «ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ».


ومن علامات ليلة القرآن النقاء والصفاء


ورُوى فى أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضى الله عنه-: «أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ» وأنه لا ينزل فى ليلة القدر النيازك والشهب..

فاللهم بلغنا ليله القدر واجعلنا من الفائزين بعفو الله والعتق من النيران.


يبقى أن نتمسك بما منَّ الله علينا به من هداية خلال الشهر الكريم لنستمر فى الطريق الصحيح للفوز بجنة الخلد فى الآخرة..

علينا بعد انقضاء شهر رمضان أن نتمسك بما كنا نواظب عليه فى رمضان من صلاة وصيام وقيام فرب رمضان هو رب باقى شهور العام هدى الله الجميع لما فيه الخير ونسأله أن يرزقنا حسن الخاتمة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة