آمال عثمان
آمال عثمان


كامل الأوصاف

آمال عثمان

الجمعة، 22 أبريل 2022 - 05:28 م

مرت أيام وليالى رمضان سريعاً، شهر الرحمة والبركات والدعوات، وقبل أن يتركنا الشهر الكريم ويمضى، أود أن أشارك معكم قصة رائعة، أهدتنى إياها صديقة، حول امرأة عجوز كانت تسكن خيمة فى البادية، مر بها ثلاثة رجال نفد زادهم وأنهكهم الجوع وطول السفر، فطلبوا منها شراء طعام، لكنها لم تكن تملك شيئاً لتقدمه لهم، وحين جلسوا يستريحون رأى أحدهم شاة عجفاء، فاستأذن العجوز أن يحلبها، فقالت له إنها «عازب» لا لبن فيها. طلب منها إناء، وما إن قال بسم الله حتى امتلأ الضرع بالحليب، فحلبها ودعا العجوز لتشرب، وشرب الرجلان، وشرب هو آخرهم، ثم ذهب هو وصاحباه وتابعوا سفرهم.

وحين عاد زوج العجوز فى المساء تفاجأ بوجود اللبن فى بيته، وعندما سأل زوجته عن مصدره قصّت عليه ما حدث. طلب منها أن تصف الرجل، فقالت: رأيتُ رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه «مشرق الوجه»، لم تعبه نُحْلَة «نحول فى الجسم»، ولم تعبه ثُجْلَة «ضخامة فى البطن»، ولم تَزْرِ به صُقْلَة «لا بناحل ولا سمين»، ولم تَزْرِ به صَعْلَة «صِغَر فى الرأس»، وسيم قسيم «حسن وضيء»، فى عينيه دعج «شدة سواد البؤبؤ وشدة بياض البياض»، وفى أشفاره وطف «طول شعر العينين»، وفى صوته صحل «بحة وحسن»، فى عنقه سطع «طول»، وفى لحيته كثاثة، أزج أقرن «حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان»، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، لا نزر ولا هذر «كلامه لا بالقليل ولا بالكثير»، كأن منطقه خرزات نظم يَتَحدَّرن، ربعة، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إذا تحدث أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود «عنده أصحاب يطيعونه»، لا عابس ولا مفند «غير عابس الوجه».

هكذا كان وصف المرأة العجوز التى تربت فى البادية «عاتكة» بنت خالد بن منقذ الخزاعيَّّة، وكنيتها «أم معبد»، والتى أُوتيت من البيان شيئاً عظيماً، ووصفتْ أشرف الخلق وأطهرهم وأجملهم، النبى محمدا صلى الله عليه وسلم فى كلمات يَعجز عن مثلها كبار البلغاء، ولم تكن وقتها مسلمة، أجلّها النبى ونزل خيمتها بصحراء قُدَيْد، خلال رحلته مهاجراً ومعه أبو بكر، وعامر بن فهيرة، فأَسرَ رسول الله قلبها بتواضعه الجم، وخلقه الأشم، وصفاته الحميدة، فلامس الإيمان قلبها، وأسلمت وصارت من سيدات العرب وأكرمهن.. هكذا كانت الأخلاق الحميدة السبب فى دخول «أم معبد» وغيرها الإسلام، وليس بالغلظة والعنف وحد السيف.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة