المرضى النفسيين
المرضى النفسيين


كيف يعاقب القانون المرضى النفسيين المتهمين في جرائم قتل؟!

أخبار الحوادث

السبت، 23 أبريل 2022 - 03:49 م

منى ربيع

بالرغم من أن كل الشواهد تقول إن هذا المتهم ارتكب الجريمة إلا أن المحكمة من حقها أن تقول إن هذا المتهم غير مسؤول عن جريمته وتصدر حكمها بألا وجه لإقامة الدعوى وإيداعه مستشفى الصحة النفسية، لكن حتى تصدر ذلك القرار فالمتهم يخضع لمجموعة من الفحوصحات واللجان الطبية والتى قد تستغرق مدة طويلة لم يحددها القانون وإذا ثبت مرضه تنعدم مسؤوليته الجنائية.

 

اخبار الحوادث رصدت القضايا التى أصدرت حكمها فيها بانعدام المسئولية وكذلك آراء رجال القانون عن تلك المواد التى تبيح للمتهم أن يفلت من عقوبته بالرغم من ارتكابه لجريمته، وما هي الإجراءات المتبعة معه حتى يتم شفاؤه خاصة بعدما اثار ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة؛ أن المتهم «نهرو» قاتل القمص أرسانيوس وديد انه كان ضمن المجموعة التي أحدثت عنفًا داخل سجن أبوزعبل الصناعي، بين الجنائيين والمتطرفين، إلا أنه تم وضع نهرو داخل مستشفى الامراض العقلية في العباسية، حتى صدر قرار بالعفو عنه، وخرج، وأصبح هائمًا على وجهه في الشوارع وتنقل بين المحافظات، إلى أن عاد اسمه للسطح مرةً أخرى ونفذ جريمته في الإسكندرية.

 

 كان الأقرب لقلبها وذلك لمرضه منذ الصغر بالصرع، الجميع يرونه بركة العمارة بأكملها ويعطفون عليه، حاول والداه وشقيقته علاجه، مرت الأيام والسنون واصبح عمره 23 عاما فكر ابيه أن يزوجه لإحدى الفتيات حتى تكون سنده فيما بعد وبالفعل خطب له فتاة، لكن بعد فترة فسخت الخطبة بعد معرفتها بحقيقة مرضه، قرر الاب أن يعيش لابنه فقط ويكون له سندا وظهرا، لكن تأتى الرياح بما لاتشتهي السفن، مات الأب وساءت نفسية الابن وأصبح أكثر عصبية؛ وفي أحد الأيام يطلب الابن من امه ليلا ان تطهى له «بطة»، رفضت الأم واخبرته بأن الوقت غير مناسب ثم طلب منها أن  يأكل نوعا آخر من الطعام فأخبرته بأن ليس لديها مكوناته،  انفعل عليها واتهمها بأنها لا تحبه وفجأة دخل إلى المطبخ واستل سكينا واخذ يصرخ في والدته بأنه سيقتلها حاولت شقيقته منعه من التعدي على امه إلا أنه بادلها بطعنها بالسكين في كتفها سقطت الأخت غارقة في دمائها ثم طعن امه ثلاث طعنات في اماكن متفرقة في جسدها.

 

 بعدها جلس القاتل بجانب جثتها يبكى، لتقرر النيابة حبسه على ذمة التحقيقات كما استمعت النيابة لأقوال الشقيقة المصابة فور إفاقتها والتى اكدت انها غير مصدقة ماحدث لان شقيقها كان يحب والدته وأنه لم يكن في وعيه وشهد بذلك الجيران،  لتقرر النيابة إحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل امه عمدًا والشروع في قتل شقيقته وامام المحكمة التزم المتهم الصمت لتأمر المحكمة بعرض الابن على الطب النفسي ووضعه تحت الملاحظة وكتابة تقرير عن حالته النفسية وقت وقوع الجريمة وجاءت النتيجة أن المتهم يعانى من انفصام ذهانى حاد وبارانويا واضطراب مزمن  في الشخصية والتفكير وكذلك عدم إدراكه للزمان والمكان وقت وقوع الجريمة وما قبلها بزمن طويل، وأن الحالة المرضية كان يتعين اتباع بروتوكول علاجى من سنوات وللأسف لم يتم علاجه في المؤسسات العلاجية الخاصة بذلك؛ لتقضى محكمة جنايات الاسكندرية برئاسة المستشار صادق بلال بانعدام مسئولية المتهم وامتناع عقابه وأمرت بإيدعه بإحدى المصحات النفسية. 

 

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها؛ إن مثل هذا المتهم هو في حقيقة الأمر ضحية لتدنى مستوى العلاج الصحى لا سيما النفسي والعصبي منه لنقص الإمكانيات المادية لمثل هذا التخصص فضلا عن الثقافة السائدة للمجتمع بإخفاء تلك الأمور وعدم علاجها منذ الصغر، فهي في حقيقة الامر مجتمع أكثر منها جريمة قتل بسبب إهمال العلاج والنظرة الثقافية والاجتماعية السائدة للمرضى النفسيين.

القانون والمريض النفسي

والسؤال الآن؛ متى يعفى القانون بعض المتهمين من العقاب؟

يجيب شعبان سعيد المحامي بالنقض قائلا؛ انه يجب أن نفرق اولا بين انعدام المسئولية والإعفاء من العقاب، هذا ما تفسره المادة 60 من قانون العقوبات، تقول المادة؛ انه لا تسرى احكام القانون على كل فعل ارتكبه شخص غير سليم عقليًا، بمقتضى الشريعة انه ليس على المريض حرج وتقول المادة ايضا أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته الظروف إلى ارتكابها لوقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على نفسه سواء كان عليه أو على غيره مثل حالة الدفاع الشرعى عن النفس أو الغير من خطر الموت، كما إنه وفقا للمادة 62 من قانون العقوبات؛ انه لا يسئل جنائيًا مرتكب الجريمة الذى يعانى من اضطراب نفسي او عقلي أفقده الإدراك والتمييز والقدرة على الاختيار بين الصواب والخطأ، وليس المريض النفسي فقط هو الذى تنعدم مسئوليته فهناك مثلا ضابط شرطة يقتل متهمًا أثناء مطاردته ويكون مسلحا فهنا في حالة دفاع شرعي عن النفس. 

 

أيضًا طفل صغير السن يلعب بطبنجة أو سكين وقتل احدا ورأينا قضية مثل هذه سابقًا، طفل صغير قتل شقيقه اثناء لعبه بالسكين تنعدم مسئوليته، أما الإعفاء من الجريمة  شيء آخر وهو اعتراف المتهم اعترافًا تفصيليًا يؤدى إلى إدانة آخرين ومنع الجريمة مثل قضايا الرشوة، هكذا حدد القانون انعدام المسئولية الجنائية وكيفية التعامل مع المضطربين نفسيا وقت ارتكاب الجريمة. 

قرار النيابة

ايضًا هنا يثار سؤال؛ كيف يتم التعامل مع هذا المريض فيما بعد؟ هل يتم إطلاق سراحه ليبقى حرًا طليقا؟ ام يتم التحفظ عليه وإلى متى؟

أكد مصدر قضائي؛ أن المتهم بعد ارتكابه للجريمة يتم عرضه على النيابة العامة وإذا رأت إخضاعه للفحص النفسي أو اذا طلب دفاعه ذلك فهي في البداية تقرر حبسه ومن ثم إحالته للمستشفى الصحة النفسية لبيان مدى سلامة قواه العقلية ويظل تحت الملاحظة وهو على ذمة القضية حتى تكتب اللجنة الطبية تقريرها ولم يحدد القانون مدة محددة لذلك حتى يتسنى للجنة الطبية كتابة تقريرها وهذا الامر ايضا قد يحدث امام المحكمة ولها الحق في إحالته إذا طلب المتهم أو دفاعه، وإذا ثبت مرضه اثناء ارتكاب الجريمة يكون قرار النيابة أو المحكمة بألا وجه لإقامة الدعوى لانعدام مسئوليته الجنائية. 

واذا تم إيداعه يظل تحت الملاحظة والعلاج في القسم الجنائي حتى شفاءه بعدها تقوم اللجنة الطبية بكتابة تقريرها وعرضه على النيابة العامة وإذا تأكد للنيابة شفاءه تصدر قرار بأنه لامانع من خروجه.

وهناك أشخاص يتم إيداعها مستشفى الصحة النفسية من قبل النيابة العامة إذا رأت أنه يخشى من خطورته على حياة المواطنين أو الممتلكات دون أن يرتكبوا جريمة وذلك إذا تم ضبطهم من قبل الشرطة أو تم الابلاغ عنهم وهؤلاء يخضعون ايضا لنفس الإجراءات حيث يتم وضعهم تحت الملاحظة حتى كتابة اللجنة الطبية تقريرها.

هنا سألناه ماذا بعد خروجه من المستشفى إذا عاد وارتكب جريمة أخرى؟

هذا نادر الحدوث لان اغلب هؤلاء يظلون بالمستشفى وإذا خرجوا تقوم أسرهم باستلامهم وإذا عاد لارتكاب الجريمة مرة أخرى يتم إحالته إلى مستشفى الصحة النفسية لكتابة تقريرها، هناك بعض الحالات تصاب بالجنون المتقطع حيث تشفى تماما ثم تعود لمرضها في حالة إهمال العلاج.

وإذا ثبت أن المتهم غادر المستشفى وهو مازال مريضا يتم مساءلة الطبيب المختص عن ذلك، حيث عرضت قضية علينا من فترة، وتم القبض على المتهم وثبت أنه مريض عقلي، وتبين بعد ذلك انه كان نزيل مستشفى الأمراض النفسية، وتبين ايضا تواطؤ الطبيب الخاص به مع آخرين وكتب تقرير بسلامته العقلية لتصدر المحكمة حكمها على الطبيب بالسجن المؤبد.  

يخرج بشرط

وتقول دكتورة إيمان عبد الله استشارى الطب النفسي؛ للاسف في مصر لا يوجد وعي بالمرض النفسي وانه من خلال عملها قد تحدث انتكاسة للمرضى أو يصابون بالمرض مرة أخرى وذلك لعدم التزامهم بالتعليمات الطبية والمتابعة وعدم تناول الادوية بشكل منتظم وأن المرض النفسي مثله مثل مرض السرطان يحتاج لمتابعة مستمرة حتى لا يعاود مهاجمة العقل مرة أخرى، مؤكدة انه من المستحيل ان يسمح الاطباء او النيابة العامة بخروج مريض لم يتم شفاءه لأنه حتى عند تماثله للشفاء يجب عرض تقرير بحالته على النيابة العامة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة