د. أحمد شبل
د. أحمد شبل


مدرس بجامعة الأزهر: التقصير فى تربية الأبناء «يُتم معنوى» وخيانة للأمانة

عبدالهادي عباس

السبت، 23 أبريل 2022 - 06:21 م

 مكانة كبيرة حظى بها الأيتام فى الفقه الإسلامي، ليس لأنهم فئة ضعيفة من المجتمع تحتاج إلى العناية والرعاية فقط، بل لأن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم نشأ يتيما؛ وفى هذا اللقاء سنعرف مفهوما جديدا لليتم.. يقول د. أحمد شبل، مدرس الحديث بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة: يحتفى المصريون كعادتهم بالأيتام فى الجمعة الأولى من شهر إبريل من كل عام ويطلقون على ذلك اليوم يوم اليتيم العربي، وإذا كان اليتيم هو من فقد أباه قبل أن يبلغ الحلم، فأدى به هذا إلى استشعار الوحدة، وافتقاد الرحمة، والافتقار إلى العطف.

وصار وحيدا يواجه متاعب الحياة وحده، ولا يجد من يوجهه، أو يعتنى به، أو يقف بجانبه، فينتج على إثر ذلك غالبا دمعة تسيل على خديه، وهمٌّ يعلو ناظريه، فإذا كانت هذه هى حال من يفقدون والديهم فما أكثر الأيتام إذن! فإن الواقع لا شك يخبرنا عن كثير من الأبناء فى مراحل الطفولة مع أنهم لم يفقدوا آباءهم ولا يزالون ينعمون برؤيتهم إلا أنهم يواجهون كل هذه العقبات، ويعانون كل هذه المشاعر والأحاسيس التى يعانى منها الأيتام الفعليون؛ وذلك بسبب إهمال الأبوين تربية أبنائهم والتقصير فى أداء حقوقهم، وقد صدق شوقى حين قال: 
ليس اليتيم من انتهى أبواه من * هم الحياة وخلفاه ذليلاإن اليتيم هو الذى تلقى له * أمًّا تخلت أو أبًا مشغولا ومعنى قول الشاعر (أمًّا تخلت)، أى تركته وانشغلت عنه وعن تربيته.
بالاسم فقط!
ويتابع د. شبل: إنه من دواعى الأسف أن تجد كثيرا من الآباء لا يعرفون عن أبنائهم سوى أسمائهم فقط، لا يهتمون بتربيتهم، ولا بتعليمهم، ولا يرعون شئونهم، ولا يتكلمون معهم فيما يخص أحوال حياتهم، ولا يسعون فى حل مشاكلهم؛ لا يسألون: أين يخرجون؟ مع من يسهرون؟ من يصاحبون؟ ما هو مستواهم الدراسي؟ كيف أخلاقهم خارج البيت؟ ويتوهمون أنهم بمجرد الإنفاق عليهم قد قاموا بواجبهم نحوهم، بل أعظم من ذلك كله ما يحدث من أولئك الذين اختاروا طريق الانفصال وصار الطلاق هو الحل الوحيد والواقع المرير بعد أن انقطع الطريق واستحالت العشرة، فتركوا الأبناء دون اهتمام، أو سؤال، ولا رعاية، أو حنان.


خيانة للأمانة
ويشير د. أحمد شبل إلى أن تقصير الوالدين أو أحدهما فى أداء واجبه تجاه أبنائه هو خيانة للأمانة التى حملهم الله إياها وحذرهم من التقصير فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين قال: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، وقد حذرنا القرآن الكريم من التقصير فى حق الأولاد، وعدم تقويمهم، أو الاهتمام بهم فقال تعالى كما فى سورة التحريم: «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون». 


ويضيف د. شبل: ليعلم هؤلاء أن الإهمال الذى يقع منهم تجاه أطفالهم يؤدى بلا شك إلى عواقب وخيمة يعانى منها الفرد والمجتمع، فالتقصير فى أداء واجبهم يحول أطفالهم إلى يتامى جدد، لا يلبثون إلا أن يكونوا قنابل موقوتة تنفجر فى وجه المجتمع، فتجد منهم أبطالا لقضايا الجرائم الجنائية، والانحرافات الفكرية، بالإضافة إلى الانحطاط الخلقي، والتقصير الدينى مع الميل إلى العنف والتطرف، واعتناق الأفكار الهدامة التى تصادم الدين والتدين كالإلحاد وغيره، وحينما يقع الأولاد فى هذه المستنقعات يفيق الآباء ولكن بعد فوات الأوان. 


اليتيم الحقيقى
ويتابع أنه إذا كان اليتيم الحقيقى يفتقد إلى الرحمة، والتلطف فينبغى علينا أن نغمر أبناءنا بالرحمة، والعطف، والحنان ولا نحرمهم منها وإلا صاروا أيتاما، فقد جاء أعرابى إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أوَأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟!». 


وإذا كان اليتيم الحقيقى يفتقد إلى من يسأل عنه ويهتم لأمره، ويدعو له فينبغى علينا أن نلبى هذه الأمنية لأبنائنا حتى لا يكونوا هم الآخرين أيتاما، لأننا إذا قصرنا فى التواصل مع أبنائنا وانشغلنا عنهم فإنه من الطبيعى جدا أن يكون هؤلاء الأبناء فى حكم الأيتام، وذلك حين يصبح وجود الوالدين فى حياتهم بلا معنى، وحينئذ يصير الواحد منهم يتيما مع وجود والديه.

اقرأ ايضا | جامعة القاهرة تنظم احتفالية «يوم الخير والعطاء» للأطفال الأيتام


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة