يسري الفخراني
يسري الفخراني


فنجان قهوة

وبعودة يارمضان!

أخبار اليوم

الجمعة، 29 أبريل 2022 - 05:51 م

مذهلة.. تلك اللحظات التى تسبق أذان المغرب فى رمضان فى مصر، ليس فى جمالها جمال، موحية بكل التفاصيل التى لا يمكن وصفها، المائدة الكبيرة التى تجمع كل البيوت فى وقت بلغ الجوع منتهاه.

ماذا بعد متعة أن تشم رائحة طعام شهية تنبعث من كل نافذة، وبهجة أصوات شيوخنا سحرة التلاوة وخيوط القمر مولانا رفعت وعبدالباسط والحصرى ومصطفى إسماعيل، تلك مصر الجميلة التى لا تزول ولا تنتهى، ينبعث صوت مولانا الجليل النقشبندى مؤذنًا لإفطار شهى وصوم مقبول.

محلاها مصر ورمضانها المبدع، محلاها.. بأدق النقوش التى لا تفارقنا سنة بعد سنة ومهما فات من سنوات، محلى تمسكنا بعادات لم تعد مع أحد سوانا، محلاها حوارينا القديمة وهى ترفع الزينة وتشعل فوانيس الخشب والورق، قرص يخبز لنا الكنافة والقطائف، العين تشتهى ذكرياتها، كنا أطفالا نختلس بعضها نيئًا، لذة أن تفعل ما هو خارج التوقع والمألوف، رمضان كله خارج مسار حياتنا المملة الرتيبة، خارج إيقاع الأيام المتهالكة، يجدد فينا ما انتهى ويحيى ما مات، لمة.. ليست كأى لمة، تُلقِى فى القلب بهجة عفْوية، كما تلقى علينا الملائكة بين صلواتنا حالة رضاء وسكينة.

كم ألف مقهى تستقبل جلساتنا حتى السحور؟ مصر التى لا تعرف إلا السهر، ثرثرة فيها ضحك صافٍ، وعَشَرة طاولة لا تخلو من شاى بالنعناع ودخان برائحة التفاح، المسامح كريم.. والدنيا مهما كانت ضيقة تتسع للحبايب وتنشرح بأسباب السعادة، رمضان يا ناس.. فى القاهرة فى مصر فى أم الدنيا التى ترمى حمولها على الله، تمضى ولا كأنها فى خوف، تأخذ يد الحواديت.. وتعيش لها يومين بعيدا عن أزماتها المعتادة.

يأخذنا شهر رمضان بعيدًا، فلا نفكر إلا فى عازم وللا معزوم، السيدة زينب وللا الست نفيسة، الكنافة أحلى وللا القطائف، قمر الدين أطعم وللا التمر باللبن، نيللى وللا شيريهان، زمان وللا دلوقتى، على الفطار وللا على السحور.

القرب من أولياء الله الصالحين.. يجعل من رمضان اشتهاء نجوى واشتياق حلقة ذكر، يجلو مشاعر صدئت حتى يصبح الانفراد بالله ما بين السحر والفجر، كما الروح تصعد لخالقها فتعود نقية كما طفل مولود.

فى رمضان نور، نظل نمضى فى اتجاهه حتى ننير أنفسنا، نمضى، محبوب من الله من يحصل على قدر أعظم من نور يعيد لحياته اتزانها.
دعواتنا فى رمضان تشبه خيوط حرير فضية، نتسلق عليها إلى حيث ترتاح القلوب، كلما كانت دعواتنا من الروح.. كانت الخيوط أقوى والرحلة أروع والإحساس أجمل مما نتوقع.

نغنى، فى استقباله نغنى، ما زال مُغنى رمضان هو عبدالمطلب، الطلة الجميلة على الشهر الأجمل، يبدو دائما شريكًا فى طقوس الفرحة الرمضانية كما وعينا عليها، كما الفانوس ورفعت والنقشبندى والشعراوى وفؤاد المهندس وفيلم الساعة تلاتة والكنافة بالمكسرات، كما لقاء الحبايب قبل الإفطار بأحضان وقبلات وشوق سنين، كما صوتك الهامس وأنت تقرأ القرآن بين العصر والمغرب فى حجر ذكريات بعيدة.
أنا من دراويش رمضان، أنتظره بفرح.. وأودعه بحزن، وبينهما أعيش بهجته قدر ما أستطيع.
هتوحشنا يا رمضان، بعودة أيامك الحلوة الطيبة، وأهلا بالعيد السعيد علينا جميعا.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة