مجسم برونزى للقائد زومبى فى برازيليا
مجسم برونزى للقائد زومبى فى برازيليا


لماذا تشوه السينما البطل القومي «زومبى» نصير المسلمين فى البرازيل ؟!

عاطف النمر

الأربعاء، 04 مايو 2022 - 08:46 م

عندما تتجه السينما الهوليودية لتشويه البطل القومى المسلم «زومبى» عن طريق ربط اسمه بأفلام الرعب والعائدين من الموت وآكلى لحوم البشر، فالغرض واضح عندما تكون لدينا معرفة بسيرة هذا البطل المتعمد تشويهه، ولكن الذى لا يغتفر أن يصل الجهل بالدراما المصرية لطرح فيلم كوميدى ساذج وسطحى باسم هذا البطل وهم لا يعرفون من هو «زومبى» الحقيقى.

ولا يعرفون لماذا تتعمد السينما الهوليودية تشويهه، والمؤسف أن يرتكب فيلم يعود بنا لفترة أفلام المقاولات ـ جريمة أبشع من جرائم التشويه التى ترتكبها السينما الهوليودية فى حق بطل من أبطال تاريخ النضال الإنسانى، وجهاد التحرر من الظلم والجبروت البرتغالى .

البطل القومى «زومبى» قائد بالميراس

تعالوا نتعرف على حقيقة البطل المسلم «زومبى» والخرافة الأسطورية التى تقدمها السينما لتشويهه، فمثلا يقول لنا الباحث «إدموند ويد دايفيس» الذى كتب عدة مقالات عن «الزومبية» فى مجلة «ناشونال جيوجرافيك» أن أسطورة «الزومبى» ظهرت فى جزيرة «هاييتى» بالبحر الكاريبى التى شوهد فيها أموات لم تبدأ جثثهم بالتحلل بدوا للجميع وكأنهم نصف أحياء، فكان الميت يمشى ويأكل ويشرب ويسمع ويتحدث ولكنه مسلوب الإرادة بشكل كلى تقريبا ولا يستطيع التفكير، بل ولا يحمل أى ذاكرة لفترة حياته، ويعتقد الأهالى أن هذا من فعل السحر الأسود الذى يمارس من السحرة والمشعوذين، الذين يجعلون من «الزومبى» عبدا يعمل فى حقلهم، والناس فى «هاييتى» يضعون الصخور الضخمة على قبور أمواتهم لمنع السحرة من الوصول لقبور موتاهم وتحويلهم إلى «زومبى»، ويمكث آخرون بالقرب من قبور موتاهم حتى يتأكدوا من تحلل الجثث قبل أن يقوم الساحر بسرقتها وتشويهها. وقد تم استغلال الزومبى فى أوائل التسعينيات عندما قام العسكريون بانقلاب ضد حكومة «هاييتى» وحشدت امريكا قواتها لإرجاع الأمور إلى نصابها، فادعى مجلس الثوار بأنه قد تم إعداد جيش من «الزومبى» لقتال الجنود الأمريكان وزرع الخوف فى قلوبهم، ودخلت القوات الأمريكية «هاييتى» عام 1994 دون رصد لأى جيوش من «الزومبى».

إقرأ أيضاً | حنان مطاوع تفوز بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان هوليوود عن فيلم "قابل للكسر"

عموما الأساطير المتداولة عن «زومبى» كثيرة فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وجزر الكاريبى، وفى عام 1968 قدم المخرج «جورج روميرو» فيلمًا عنهم بعنوان «ليلة الحى الميت»، وتواصل هوليوود تقديم عشرات من أفلام الرعب المقزز الذى تلصقه باسم «زومبى»، فمن هو هذا الرجل ؟ ولماذ تتعمد السينما تشويه حقيقته ؟ وما قصة نضاله ؟ تعالوا لنعرف.

بداية.. يؤكد المؤرخ «جواكين هيبيرو» فى محاضرة ألقاها عام 1958أن العرب المسلمين اكتشفوا البرازيل قبل أن يكتشفها البرتغاليون عام 1500، وتؤكد الوثائق التاريخية المحفوظة فى المتاحف البرازيلية، أن أكثرية المنحدرين من الأفارقة الذين جىء بهم كعبيد إلى «البرازيل»، هم من جذور إسلامية، ونقل للبرازيل 14 ألف مسلم مستضعف، وجلب الاحتلال البرتغالى 242 ألف مسلم زنجى من «أنجولا»، ومن غرب أفريقيا، وبعض مناطق السودان ليكونوا خدمًا مسخرين، وأعداد هؤلاء المنكوبين تعدت الملايين، واستطاع الأفارقة أن يُعلِّموا «أسيادهم» مهارات الزراعة والهندسة المعمارية. ويقول المؤرّخ «فريرى» إن هؤلاء المسلمين السود كانوا يشكلون عنصرًا نشيطًا مبدعًا، ومن أنبل من دخل إلى «البرازيل» خُلُقًا، لكن من جلبهم اعتبرهم عبيدًا، وهؤلاء العبيد انشأوا «مُستعمرة باهيا « التى ضمَّت الآلاف من الأفارقة، وقاوموا الظلم بالاحتجاج والاشتباك والرفض وكانت الغلبة للمستعمر الذى يمتلك المدفعيةً الثقيلةً والسلاحً المتطوِّرً، ولكن الرغبة فى التحرر من الرق والعبودية لم تتوقف، وبعد أن ازداد عددهم وقَوَت عزيمتهم، قاموا بعدة ثورات إسلامية تحررية، كان من أهمها تجمع المتمردين منهم فى «بالميريس» فى شمال «البرازيل»، بالقرن 17 وقد تأسس هذا الكيان المسلم من مجموعة مستوطنات، وتمّ اختيار «جانجا زومبا» كملك لهم، وبرز بجواره ابن شقيقته القائد الشاب الشجاع «زومبى دوس» المولود سنة 1655 فى ولاية «باهيا» البرازيلية التى كانت تعتمد فى قوانينها الدين الإسلامى والشريعة الإسلامية، وقد تسلم «زومبى » بالميراس مقاليد السلطة بعد عمه «جانجا زومبا» فحكم البلاد بالعدل والمساواة طبقا للقوانين المدنية والجنائية.

وفى أواسط القرن 17 سعت الإمبراطورية الهولندية إلى ايجاد موطئ قدم لها فى البرازيل متنافسة مع الإمبراطورية البرتغالية، فاحتلت مناطق قبالة جمهورية بالميراس الإسلامية وقاموا بهجوم كثيف عليها وتم صدهم من البرازيليين وطردهم خارج البلاد، فتقدم البرتغاليون لبسط سيطرتهم على أراضى بالميراس، وتصدى لهم « زومبى » بجيشه الناشئ محققا لدولته الإسلامية استقلالها عن سيطرة المستعمر البرتغالى وضم أكثر من عشرين موقعاً لولاية «باهيا « البرازيلية، ومع توالى الهزائم التى عانت منها الإمبراطورية البرتغالية فى البرازيل، قرر إمبراطور البرتغال التدخل بنفسه لإخماد الثورات هناك، وتمت محاصرة الثوار البرازيليين الذين قاتلوا بشجاعة ضد الغزاة بقيادة القائد « زومبى « الذى سقط فى يد البرتغاليين تحت قصف مدفعى شديد، وقد نكّلوا به بقطع رأسه وأعضائه التناسلية وشوهوا ومثلوا بجثته التى تم عرضها فى أكبر المدن لبث الرعب فى قلب كل ثائر مناضل من أجل التحرر من العبودية دفاعا عن دينه وشريعته وهويته، أرادوا كسر إرادة من اعتنقوا افكار «زومبى» التحررية، وأفكاره التى سكنت وجدان كل المسلمين فى البرازيل ضد المستعمر الذى يريد السود كعبيد، مات «زومبى» لكن النضال ظل فى تواصل، وظل حاضرا كفكرة وقيادة، ولهذا اعتبر بطلا قوميا فى البرازيل، وأقيمت له مجسمات وتماثيل فى حدائق وميادين، وأطلق اسمه على مطار مدينة «ماكيو» البرازيلية على ساحل المحيط الأطلسى، وللأسف كثير من الشعوب العربية والإسلامية لا تعرف هذا البطل المسلم الشجاع، ولا تقدره حق قدره، بل ها هو فيلم مقاولات مصرى يتلاعب باسمه بسذاجة وسطحية !.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة