«مؤمن» وابنته
«مؤمن» وابنته


«مؤمن» وابنته يبحثا عن بطاقة..!

أخبار الحوادث

الأحد، 08 مايو 2022 - 05:03 م

حبيبة جمال

قصة أغرب من الخيال، يعيشها على أرض الواقع المواطن مؤمن خليفة الذي تجاوز الأربعين من عمره، لكنه لا يمتلك حتى هذه اللحظة بطاقة رقم قومي تثبت هويته أمام الجهات الرسمية في الدولة.. المشكلة لا تتعلق بهذا المواطن بمفرده لكنها تمتد إلى ابنته التي تحتاج إلى أوراق رسمية حتى تستطيع الالتحاق بالمدارس واستكمال حياتها.. تفاصيل هذه القصة الغريبة نتناولها في السطور التالية على أمل أن يكون في عرضها حلا لصاحبها.

الحكاية بدأت عام ١٩٧٦ عندما تزوجت شلباية، ابنة محافظة الإسكندرية من خليفة، ذلك الرجل الذي يحمل الجنسية الليبية، لم يدم الزواج طويلا، فسرعان ما طلقها خليفة، وعاد لبلده، دون أن يعلم أي منهما أنها تحمل في أحشائها جنينا، وبعد فترة عرفت شلباية أنها حامل، فأبلغته، لكنه لم يبال، مرت الأيام والليالي حتى وضعت بطل قصتنا "مؤمن"، لكن لم يعترف به والده، ظل هذا الصغير بلا أوراق رسمية تثبت هويته حتى وصل للعشرينيات من العمر، خلال تلك الفترة لم يسأل عن والده قط، ظن أنه توفى، لكن أخبرته والدته بالحقيقة المؤلمة وأنه لا يريد الاعتراف به، حاول الابن مرارا وتكرارا أن يصل إليه، لكن باءت جميع المحاولات بالفشل، فقرر رفع قضية إثبات نسب، كان ذلك في عام ٢٠٠٤، سنوات من العذاب والوجع وهو يتجول في المحاكم حتى حكمت له المحكمة بإثبات نسبه لذلك الرجل عام ٢٠١١، كان مؤمن شابا، مثله مثل غيره من الشباب يريد الزواج، فأحب فتاة، رأى فيها أنها نصفه الثاني التي ستعوضه عن كل ما عاشه من صعاب، ستكون هي الأم والأخت والصديقة، لكن كانت هناك مشكلة وهي أنه لا يمتلك بطاقة الرقم القومي، لأنه ليبي الجنسية، ولابد من أن تعتمد جميع أوراقه من هناك، وعندما فشل في ذلك، حتى شقيقه من الأب رفض الاعتراف به، فلم يجد مؤمن حلا أمامه سوى أن يتزوج عرفيا، بالفعل تزوج الاثنان وعاشا أياما وليال من السعادة والحب، سرعان ما حملت الزوجة بين أحشائها جنينا، على الرغم من أن مؤمن فرح بأنه سيكون أبا، إلا أن الحزن سيطر عليه، كيف ستأتي هذه الطفلة إلى الدنيا وهو لا يمتلك بطاقة رقم قومي، كيف تعيش هنا وهو يسير بين الناس بشهادة ميلاد فقط لا تدل على شيء، كادت الأفكار السوداء تعصف برأسه، وتذهب بعقله نحو الجنون، لكنه سلم أمره لله، وبعد تسعة أشهر جاءت الطفلة الجميلة للدنيا اسمها "ملك"، قرر مؤمن أن يرفع قضية إثبات علاقة زوجية حتى يستطيع تسجيل ابنته في الأوراق الرسمية واستخراج شهادة ميلاد لها، وكأنه كتب على هذا الشاب أن يقضي نصف عمره في المحاكم والقضايا، بالفعل نجح في إثبات الزواج وتسجيل ابنته، عمره الآن أصبح ٤٤ عاما ومع ذلك لا يمتلك بطاقة رقم قومي تثبت انه متزوج.

منذ البداية والمحامي ناصر المصري يقف بجانبه، فرفع له قضية في مجلس الدولة لحصوله على جنسية الأم المصرية، لكن مازالت القضية متداولة داخل ساحة المحكمة. 

مؤمن يشعر بأن الأبواب اغلقت في وجهه، خاصة وأنه غير قادر على العمل بدونما يثبت هويته، وابنته التي اقتربت من سن دخول المدرسة لا يمكن أن تدخل بدون بطاقة للأب، قرر مؤمن أن يصطحب ابنته الصغرى ويأتي إلينا من الإسكندرية، قاطعا عشرات الكيلو مترات حتى يحكي لنا قصته ونقف بجانبه وبجانب طفلته. 

جاء إلينا وبدأ يحكي القصة كما سردناها، ثم قال: "حياتي متوقفة تماما، كلما أتقدم لوظيفة يطلب صاحبها بطاقتي الشخصية، اليأس يتملك مني كل يوم، ما يؤلمني أكثر هو ملك ابنتي التي أصبح عمرها ثلاث سنوات، بدون البطاقة لا أستطيع إدخالها المدرسة، وستصبح الطفلة نسخة مصغرة مني تعيش نفس الألم". 

صمت قليلا يحاول أن يتماسك أمام طفلته، ثم استكمل قائلا: "طلباتي بسيطة جدا، وهو أن تساعدني سفارة دولتي على توثيق أوراقي الرسمية حتى أستطيع استخراج بطاقة الرقم القومي، حتى أستطيع أن أعيش وسط الناس، رأفة بهذه الطفلة ومستقبلها كل ما ارجوه ان تساعدني وزارة الخارجية في حل مشكلتي". 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة