سبيل بشير أغا
سبيل بشير أغا


سبيل "بشير أغا" الأثرى يزين درب الجماميز بالسيدة زينب

محمد طاهر

الإثنين، 16 مايو 2022 - 03:35 م

تزخر مدينة القاهرة بمئات المساجد الأثرية والأسبلة التى تسجل تاريخ فترة من الفترات وهى الشهيرة بمدينة الألف مئذنة ومن أبرز هذه الأسبلة سبيل (بشير أغا دار السعادة) الذي يقع بشارع بورسعيد، في منطقة السيدة زينب، بالقاهرة، هو سبيل أثري يحمل رقم (309) بسجلات الآثار الإسلامية، تم إنشاؤه منذ أكثر من ثلاثة قرون وبالتحديد في (1131هـ/ 1718م). 

وقد أمر بإقامة هذا السبيل، والكُتّاب الذي يعلوه؛ الحاج (بشير أغا) حيث كلف مملوكه ووكيله (عبد الله الفحل) بإنشائه. 

اقرا ايضا: سبيل الأمير آقوش يزين شارع المعز لدين الله الفاطمى بالجمالية

 والحاج بشير أغا، كما يقول الباحث الأثرى د. حسين دقيل هو كبير الخصيان السود في (الحريم العثماني)، ويعد أقوى (الزعماء الخصيان السود) في التاريخ العثماني. ويعود أصل الحاج بشير أغا إلى إفريقيا؛ حيث كان من جملة العبيد الأفارقة الذين استعانت بهم الإمبراطورية العثمانية لخدمة الحريم السلطاني بعد إخصائهم.

وقد يتعجب البعض منا كيف لمثل هؤلاء أن يكون لهم شأن كبير، وما تزال أماكن أثرية تحمل أسماءهم حتى اللحظة، والحقيقة أن نفوذ هؤلاء الخصيان السود قد بلغ شأنا كبيرا ودرجة عظيمة؛ كونهم وسيلة الاتصال بين حريم السلطان والحاشية.

كان (بشير أغا) طموحا، حتى إنه قد عُين خازندارا بالقصر السلطاني عام (1125هـ/ 1713م)، وقد دفع طموحه الجامح ولاة الأمور إلى إبعاده إلى (قبرص) ومنها إلى (المدينة المنورة) ليكون شيخا للحرم النبوي الشريف عام (1128هـ/ 1716م)، ويتولى (أغاوية) المدينة المنورة.

وقد فرح (بشير أغا) بهذا المنصب فاتجه مسافرا نحو الحجاز، وبينما هو في طريقه على مشارف (مكة المكرمة) أدركه رسول (السلطان) وأعلمه بأن السلطان قد كلفه بمهمة أخرى بتعيينه (قزلار أغاسي دار السعادة)، وهي وظيفة مكونة من: (قزلار: وهي جمع قيز، وتعني البنات) و(أغا: بمعنى رئيس) و(دار السعادة: ويُقصد بها القصر السلطاني) ومعنى الوظيفة (كبير الخصيان السود في الحريم العثماني).

وعندما علم (بشير أغا) بتعيينه قزلار أغاسي دار السعادة؛ حج واعتمر، وعندما رجع إلى مصر مكث فيها ستين يوما لأجل الراحة، ثم كلف وكيله (عبد الله الفحل) ببناء السبيل والكُتاب. وقيل إنه لمن المؤكد أن (عبد الله الفحل) كان مملوكا للحاج (بشير أغا) ولم يكن (خصيا) لأن لقب (الفحل) يشير إلى إنه ذكر غير مخصي.

وكان للحاج بشير أغا، أعمال خيرية أخرى، منها أنه خصص وقفا بمصر ليُدر دخلا سنويا لأهالي الحرمين الشريفين وأغوات الحرم المدني (أي من يقومون بخدمة الحرم المدني)، وثمن بخور وأعواد وماء ورد، وقد ظل هذا المبلغ ثابتا حتى مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر. 

أما سبيل بشير أغا، فيقول عنه على مبارك في الخطط التوفيقية: "سبيل بشير أغا هو بشارع درب الجماميز تجاه قنطرة سنقر، أنشأه بشير أغا دار السعادة وأنشأ فوقه مكتبا لتعليم أيتام المسلمين القرآن الكريم وذلك في سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف، وبواجهته شباكان من النحاس وأرضه مفروشة بالرخام وبدائر سقفه إزار من الخشب مكتوب فيه سورة الفتح وتاريخ الإنشاء، وهذا السبيل مع المكتب شعائرهما مقامة إلى الآن من ريع وقفهما".

 وفى كتاب آثار القاهرة الإسلامية في العصر العثماني، يذكر دكتور محمد أبو العمايم السبيل، فيقول: "وكان هذا السبيل يُعرف في أواخر القرن الثامن عشر بسبيل الحبانية نسبة إلى الحي الواقع إلى الشرق منه، وقد قررت لجنة حفظ الآثار العربية تسجيله آثرا في 31 يونيو عام 1888م".

ولهذا السبيل واجهتان؛ إحداهما تطل على شارع بورسعيد وبها شباك لتسبيل ماء الشرب، والواجهة الثانية تطل على حارة الحبانية وبها شباك التسبيل الثاني. 

وشباك التسبيل الكائن بالواجهة الشرقية المطلة على شارع بورسعيد مُغشى بمصبعات من النحاس، ويتكون من رف من الرخام مخصص لوضع كيزان الشرب.

أما شباك التسبيل الثاني الموجود بالواجهة المطلة على حارة الحبانية الشرقية، فهذه الواجهة يتوسطها باب يؤدى إلى دهليز على يساره باب يوصل إلى السبيل المُصاصة وحجرة التسبيل، وباب آخر يؤدى إلى الكتاب الذي يعلو السبيل.
 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة