ترشيد الاستهلاك
ترشيد الاستهلاك


ست البيت «قد التحدى».. حلول مبتكرة لترشيد الاستهلاك

إيمان طعيمه

السبت، 21 مايو 2022 - 11:29 ص

مازالت أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار شبحا يطارد كل دول العالم ويتصاعد يوما بعد يوم، وقد أكد خبراء الاقتصاد أن الحرب الروسية الأوكرانية سبب رئيسى فى ذلك لما أحدثته من تهديد للأمن الغذائى العالمي، الأمر الذى دعا كثيرا من البيوت إلى إعادة ترتيب أولوياتهم وتنظيم الميزانية والنفقات لتخطى هذه الأزمة بسلام.. السيدات وخاصة المصريات هن من يتحملن العبء الأكبر فى تنظيم مصروف البيت والأمور المالية الأخرى مما يمتلكن من ملكة تعطيهن القدرة على التدبير والتوفير بأقل الإمكانيات وإعلان نجاحهن فى التحدى وأنهن على قدر المسئولية الملقاة على عاتقهن.. تواصلت «آخر ساعة» مع عدد من السيدات لتسليط الضوء على ما يقمن به فى تدبير أمور الأسرة المالية دون الوقوع فى أزمات تشعرهن بالخوف من المستقبل.

تقول رضوى منير زوجة وأم لطفلين، إن تدبير الأمور المالية وتنظيمها من أهم الخطوات التى تساعد على تيسير سبل الإنفاق المختلفة، مشيرة إلى أنها تفضل أن «تعيش اليوم بيومه» واستخدام ما هو متاح لديها دون أن تضطر لإنفاق المزيد من المال، مؤكدة أنها لا تتجه لشراء الأطعمة باهظة الثمن طالما توجد إمكانية استبدالها بأنواع أخرى أقل سعرا ومتاحة فى الأسواق، وضربت مثالا على ذلك، عندما بلغ سعر كيلو ورق العنب 120 جنيها والبامية 200 جنيه، امتنعت عن شرائهما تماما واستبدلتهما بأنواع أخرى من الخضراوات، وكذلك البانيه الذى وصل سعر الكيلو منه فى الوقت الحالى إلى 100 جنيه، واستبدلته بأنواع أخرى من اللحوم كالسجق والكفتة.

 

وأضافت أنها تعمل جاهدة على التجديد دوما والابتكار فى إعداد وجبات جديدة لأسرتها من المتاح لديها أيضا حتى لا تشعرهم بالملل، ولم تتوقف عند هذا الحد بل استغلت موهبتها فى الرسم وبدأت فى رسم لوحات وعرضها على صفحتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعى لبيعها والاستفادة من ثمنها فى المساهمة فى توفير نفقات المنزل.

 

سياسة الاستغناء

فيما تقول رقية حسن، زوجة وأم لثلاثة أطفال: إن زيادة الأسعار المتلاحقة فى كافة الأشياء من مستلزمات المنزل والأدوية والبنود الأخرى الثابتة كفواتير الكهرباء والغاز والمياه وغيرها، كان لها تأثير واضح على تغيير نمط الاستهلاك للطعام وأصبح من الضرورى اتباع سياسة الاستغناء عن الكثير من المنتجات التى كان لا غنى عنها فى وقت سابق، ولعل أهمها المنظفات والمعطرات وكذلك بعض أنواع الطعام الباهظة الثمن واستبدالها بأنواع بديلة أقل سعرا أو الاستغناء الكلى فى حالة عدم وجود بديل، وكذلك أصبحت التوابل الإضافية عبئا زائدا على الميزانية لغلو سعرها وتم الاكتفاء بالتوابل الأساسية فقط كالفلفل والكمون والكسبرة.

 

وأضافت أنها قامت أيضا باستبدال زيوت عباد الشمس والزيتون بالزيت الخليط فى إعداد الطعام مع الاتجاه للأكلات المشوية والمسلوقة بشكل أكبر للتوفير من كميات الزيت المستخدمة فى القلي، وكذلك الاكتفاء بنوع واحد من الجبن الأبيض لتقديمه للأسرة فى وجبتى الإفطار والعشاء بجانب الفول المدمس المعد فى المنزل، فضلا عن صنع المخلل فى المنزل لاستبداله بطبق السلطة الذى لم يعد طبقا جانبيا بعد ارتفاع أسعار الخضراوات، وبالنسبة للحوم فأصبحت تعتمد بشكل أكثر على اللحم المفروم المستورد والكبد نظرا لانخفاض ثمنه مقارنة باللحوم البلدى على الرغم من زيادة سعره عما كان عليه من قبل بمعدل 25 جنيها للكيلو، موضحة أنها تعمل على تعويض أسرتها بأكلات أخرى تحتوى على البروتينات فى بعض أيام الأسبوع مثل البقوليات والبيض، وأشارت إلى أنه يمكن تقسيم الدجاجة الواحدة على ٨ قطع بدلا من ٤ مع الاحتفاظ بالجوانب والرقب والكبد والقوانص لصنع وجبة أخرى منها فى وقت لاحق، مع تحديد يوم لتناول وجبة من السمك، كما أنها تعمل على تجميع الأكل المتبقى من الوجبات على مدار الأسبوع وتخزينه بالفريزر لاستخدامه لاحقا فى وجبات العشاء أو كوجبة غداء فى يوم آخر، وأخيرا تؤكد أنه تم الاستغناء عن وجبات السناكس الخفيفة بين الوجبات بما فيها المكسرات واستبدالها بالفول السوداني.

 

ووافقتها فى الرأى نيرة محمود، زوجة وأم لثلاثة أبناء فى مرحلتى رياض الأطفال والتعليم الابتدائي، حيث أكدت أن سياسة الاستغناء أصبحت ضرورة ملحة لتوفير احتياجات الأسرة من مأكل ومشرب وملبس وتعليم ودواء ـ الذى أصبح باهظ الثمن - وكانت أول ما قامت بالاستغناء عنه هو المدارس اللغات التى كانت تستنفذ الكثير من الأموال سنويا بشكل مبالغ فيه وقررت أن تجعل المدارس التجريبى والدروس الخصوصية هى الحل البديل لتوفير الميزانية والاستفادة منها فى تدريب الأبناء بعض أنواع الرياضة وتوفير احتياجاتهم الأخرى.

 

أما بالنسبة لمصروف المنزل، فأكدت نيرة أنها ابتعدت تماما عن العروض التى تقدمها المتاجر الكبرى واتجهت لشراء مستلزماتها من محلات البقالة والعطارة، كما أنها تفضل أن تحضر احتياجاتها من اللحوم والدجاج أسبوعيا، مشيرة إلى أنه بعد وصول سعر كيلو اللحم إلى 180 جنيها أصبح الاعتماد أكثر على الدجاج، وللتوفير به أيضا فتقوم بشراء الأوراك والبانيه وتقسيمها لوجبات صغيرة تكفى أفراد الأسرة على مدار الأسبوع مع توفير وجبتى سمك أسبوعيا نظرا لانخفاض سعره نسبيا عن غيره بالإضافة لقيمته الغذائية العالية، أما الخضراوات والفاكهة فتشترى وقت الحاجة فقط وعلى قدر الاحتياجات.


حياة أمهاتنا 

بينما ترى هويدا شوقى أم لثلاث فتيات، إحداهما متزوجة والأخريان فى سن الزواج، أن العودة لحياة أمهاتنا وترشيد الاستهلاك هو الأساس التى تتبعه حاليا لتقليل الإنفاق ومواجهة الغلاء، فتقوم بتقسيم الوجبات على مدار أيام الأسبوع مع اعتبار أن هناك يومين على الأقل يقدم فيهما وجبات شعبية كالبصارة والكشرى والمسقعة وغيرها.

وأضافت أنه يجب ترشيد الاستهلاك من خلال تقسيم الوجبات بشكل أقل من المعتاد، فإذا كان كيلو اللحم يقسم على وجبتين فيما قبل، فيقسم على ثلاث وجبات الآن وينطبق ذلك على مختلف أنواع اللحوم والوجبات الأخرى مع ضرورة الاستغناء تماما عن الوجبات الجاهزة أو الاكتفاء بوجبة واحدة فقط فى أول الشهر.


وأشارت إلى أنه يجب الاقتصاد أيضا فى وجبتى الإفطار والعشاء وعدم شرائهما كوجبات جاهزة من المطاعم التى أصبحت تتكلف الوجبة الواحدة منها أكثر من 50 جنيها، وتوفير ذلك يكون عن طريق تدميس الفول بالمنزل وإعداد عجينة الطعمية والاحتفاظ بها بالفريزر مؤكدة على ضرورة شراء مكونات هذه الأطعمة من العطار بدلا من العبوات المغلفة التى يزيد ثمنها بمقدار الضعف، مع شراء الأوليات فقط وتدوين ورقة مسبقا قبل الذهاب للمحلات حتى لا تخرج عن نطاقها.

تدوير الطعام

أما صباح محمد، زوجة وأم لثلاثة أبناء فى مرحلة التعليم الابتدائي، فترى أن مواجهة الغلاء تتم بإعادة تدوير الطعام وتوفير بدائل للمنتجات الجاهزة وإعدادها فى المنزل وعدم التخلص من أى جزء بها حتى وإن كان بسيطا، وعلى سبيل المثال يمكن شراء كمية وفيرة من الطماطم الرخيصة الثمن وعمل صلصة منها وتقسيمها بالفريزر لاستخدامها فى أغراض الطهي، كما يمكن إعداد كمية كاتشب منها، أما اللحوم فيمكن استغلال كل جزء بها عن طريق تقطيع الأجزاء المحتوية على دهون وفرمها واستخدامها فى حشو مختلف الأصناف أو فى صنع الوجبات السريعة مثل البرجر والكفتة، وكذلك يمكن تقطيع الأجزاء المتبقية من الدجاج المطهو وتقطيعه قطعا صغيرة وإضافة بعض الخضراوات عليه وعمل وجبة غداء منه تتمثل فى ساندويتشات الشاورما، أما الزيت المستخدم للقلى فيمكن تجمعيه فى أوعية كبيرة واستبداله بصابون للصحون أو بيعه للشركات المتخصصة والاستفادة بثمنه فى شراء منتجات أخرى.


أما منتجات الألبان التى لم تعد رخيصة الثمن، فيمكن إعادة تدويرها بأكثر من شكل عن طريق صنع الزبادى والجبن القريش فى المنزل وكذلك الزبد الطبيعى عن طريق تجميع القشطة من اللبن وصنع الزبدة منها، حتى أن المورتة التى تتبقى من ذوبان الزبد يمكن استخدامها فى صنع الجبن «المش» لتضفى عليه مذاقا رائعا. 

 

ولمزيد من التوفير يمكنك الاحتفاظ ببقايا الخبز الفينو أو البقسماط وتحميصه وطحنه ليصبح لديك بقسماط ناعم يستخدم فى تتبيل الدجاج والوصفات الأخرى بدون تكلفة تذكر بدلا من شراء الأكياس الجاهزة، وكذلك شراء الخضراوات فى موسمها بأسعار مخفضة وتخزينها طوال العام، واستبدال اللحم البقرى باللحم الجملى واستخدامه فى إعداد كفتة الحاتى أو كفتة الأرز، وعند شراء الدجاج يمكنك الاحتفاظ بالكبد والقوانص لطهيها فى شكل طاجن بالبصل وتوفير ثمن وجبة إضافية، وأخيرا أعدى العصائر الطبيعية فى المنزل بالفواكه المتاحة لديك بدون تكلفة كثيرة وبمذاق شهى لأسرتك. 

 

وزيرة مالية

من جانبها تؤكد الدكتورة هبة علي، استشارى الطب النفسى والخبيرة الأسرية والتربوية، أن المرأة المصرية تستحق لقب وزيرة مالية المنزل عن جدارة فهى تستطيع أن تثبت قدرتها فى كل تحدى جديد وتتفوق به، وقد منحها الله عز وجل القدرة على ذلك، فالتكوين النفسى للمرأة له طبيعة خاصة تساعدها على القيام بعدة مهام فى وقت واحد، فهى تستطيع أن تحمل وتلد وترعى أبناءها وتتفوق فى عملها وحياتها وتتحمل جميع المسئوليات بدون ملل أو شكوى.


ولعل الأمور المادية من أبرز وأهم المسئوليات التى تقع على عاتقها والتى تجعلها تفكر دائما فى كيفية التدبير ومواجهة الصعوبات حتى تعبر بأسرتها إلى بر الأمان، وتنفذ ذلك عن طريق استخدام المتاح لديها فى توفير بعض المنتجات والاستغناء عن الآخر والبحث عن البدائل الموفرة بدون أن تشعر من تعولهم بأى شيء على الإطلاق. وهذه غريزة وهبة من عند الله سبحانه وتعالى أعطاها للمرأة حتى تتحمل هذه المسئولية بحب وخوف وأعطاها قلبا كبيرا متدفق العطاء حتى تستمر الحياة وتسير على ما يرام.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة