الصحفية شيرين أبو عاقلة
الصحفية شيرين أبو عاقلة


الأيادى العابثة

قنابل الدخان المقدس .. هكذا يغطون بالكراهية على الفشل والهزيمة !

أخبار النجوم

السبت، 21 مايو 2022 - 02:02 م

يحيى وجدي

ما من شك في أن مشروعات الإسلام السياسي في المنطقة العربية هزمت للأبد، هزمت بأيادي الناس الذين طالما ادعى هؤلاء من أمراء الجهل أنهم يتوقون إلى حكمهم.


هُزم مشروع الإسلام السياسي الذي يدعون وسطيته في مصر، وهزمت مشروعات الحكم الإسلامي في طبعة «الخلافة» في سوريا والعراق. 
الخطاب الذي روجه أصحاب هذه المشروعات المرعبة سقط تحت أقدام التواقون إلى الحرية الشخصية وإلى التماس المحبة والجمال، وإلى عيش حياتهم على الأرض بدون تكفير وكراهية. 


سقطت أوهام أنهار اللبن والعسل التي وعد بها أنصار الموت، وبات جليا أنهم لا يملكون سوى الخراب، والعودة بالزمن إلى ما قبل الزمن، وأن السردية الأحادية الكاذبة، وفسطاط الكفر والإيمان، والاستعلاء الأخلاقي المزيف، ليس إلا وصفة بائسة للقسمة والفرقة والظلام، ولمسح التاريخ الذي شهد جمالا صنعته حناجر المطربين وكتابات المبدعين وتشخيص الممثلين، وعرف تمازجا متينا بين الأديان على اختلافاتها والأجناس المختلفة التي دانت بالولاء والعرفان لأرض الوطن البديل الذي عاشت فيه.

 

الأسابيع الماضية، كانت فصولا أخيرة في تقديري للمواجهة بين المهزومين، والواقع الحي الذي تبنيه المحبة ويشيده التسامح في إطار الحقيقة الراسخة بأن هناك من يحبون الحياة.. يصيبون ويخطئون لكنهم يعرفون أنهم بشر في النهاية، لهم من يحاسبهم ويرفق بهم ويعرف نواياهم ويغفر لهم، وليس آلهة الأرض الذين «يتألون على الله» ويعيّنون أماكن الجنة والنار، ويوزعون البشر عليهما وفق الأهواء والمصالح والقرب والبُعد.
غير أن الأمر في الواقع ليس إلا قنابل دخان وإن توسلت بالمقدس.. دخان هدفه التعمية عن الحقيقة، وجر النقاشات إلى مواضع أخرى.. جر النقد الفني إلى مساحات الحلال والحرام المزعوم، والتعمية عن رؤية البطولة الحقيقية في مواجهة الزيف والإجرام، واستدراج أي معنى حقيقي إلى مكامن العبث والثرثرة.


استشهدت الصحفية المقاومة شيرين أبو عاقلة برصاص قناص صهيوني، استهدفها بشخصها ووظيفتها التي طالما كشفت حقيقة العدو.. شيرين الجميلة التي بات صوتها وصورتها ذكرى في كل بيت عربي منذ انتفاضة الأقصى قبل 22 عاما، شيرين أبو عاقلة التي تركت رغد العيش لتكون قريبة من الناس كما قالت.. شيرين أبو عاقلة التي عاشت الأخطار يوميا على مدى أكثر من عقدين وسط الرصاص والقنابل والأشلاء في رسالة آمنت بها ونجحت في إيصالها.


فماذا يفعل السلفي ذو الجلباب المكوي والعطر الخانق؟، يجر هذا المعنى كله الذي جسدته هذه الشهيدة المثالية بحياتها وفي موتها إلى منطقته الرخيصة، يرمي قنبلة الدخان المضمونة على المشهد النبيل، وعلى القضية التي يتاجر بها دون أن يقدم لها شيئا في تاريخه، ويقف جنبا إلى جنب مع الصهاينة وبوضوح، ليغرق السوشيال ميديا بأننه لا يجوز القول بأن شيرين أبو عاقلة شهيدة لأنها ليست مسلمة، ولا يجوز لها الدعاء بالرحمة لأن هذا (في عرفه وعقيدته) ليس جائزا!، ويذهب وراء هذا النقاش الآلاف من العجزة الذين يؤيدونه، أو ممن يرددون حجته الفاسدة!


يضيع المعنى وسط الجدل الهابط، ويحقق هؤلاء المزورون ثلاثة أهداف.. نسيان مساءلتهم عما قدموه للقضية الفلسطينية بعد عقود من متاجرتهم بها، والاستثمار في فتنة المسلم والمسيحي التي يتعيشون عليها وبها، واستعادة السيطرة على النقاش العام والتحكم فيه باشعال الجدل في قضايا جانبية غثة يملكون هم القدرة على الجدال فيه.

 

قبل مشهد استشهاد العظيمة شيرين أبو عاقلة، ومع عرض مسلسل «بطلوع الروح» الذي أعاد التذكير بفظاعات تنظيم «داعش»، وبما تحمله ما يسمى بالخلافة الإسلامية من ذل وقمع وخراب، وبما رفضه الذين فرضه عليهم هؤلاء الفاشيون بقوة السلاح، ومع حلقتين على الأكثر، أخذنا نفس المجادلون في نقاش ينحي الثابت والفني والإبداعي حول إذا ما كان جلد النساء يتم والضحية واقفة أو جالسة!، وبخطوتين أو نقرتين على «الكيبورد» انجر الجدال عن عمد حول أن المسلسل يستهدف الإسلام والمتدينين، ومرة أخرى ألقيت قنابل الدخان على حقيقة الإرهاب الديني و»داعش» وبنيتها التي تستهدف المأزومين والمرضى، ويستحل أفرادها النساء ويعاملوهن كسبايا في أسواق الجواري، وأن هذا التنظيم الدموي هزم وسيهزم في كل حين.


في الواقع، هُزم المتأسلمون على الأرض، ولم يعد لهم من مكان، ولهذا باتت ساحات السوشيال ميديا أراضي افتراضية لمعاركهم، يجرون إليها كل نقاش حقيقي ويجروننا معها للرد عليهم وهذا خطأ كبير.

 

لكن الأفدح، أن من هناك من استعار قنابل الدخان تلك بعدما أدرك تأثيرها وقوتها، للتغطية على فشله وانسحاب حضوره وانكشاف خفته وحجم موهبته، وقد قرأت «بوست» بعد انتهاء رمضان لكاتب كان يبدو واعدا في بداياته، له مسلسل فشل فشلا لافتا يستخدم نفس المنطق الفاسد وراح يهاجم أغنية في مسلسل آخر ناجح بدعوى أن الأغنية لا تحترم لفظ الجلالة!، وأنا لا أعرف عن هذا الكاتب كونه شيخا أو سلفيا، لكنه البحث عن الحضور بجدال تافه مثل مسلسله جعله يجلس على نفس «الكنبة» مع نجل أبو اسحق الحويني ومجاهدو «تويتر»!

 

مثل هذا ومن يقلدهم، هؤلاء أيضا الذين لا تفوز أعمالهم الأدبية بالجوائز، فيعمدون إلى اتهام الأعمال الفائزة كونها تخالف الآداب العامة وثوابت المجتمع.


مثلهم مثل الممثلين الذين لم يعد يعرض عليهم أدوارا في المسلسلات والأعمال السينمائية الجديدة فيظهرون في «لايف» على «فيس بوك» يطالبون زملائهم المتحققين بتقوى الله!
هي قنابل الدخان إذا التي تغطي على الفشل والهزيمة.. القنابل التي علينا اجتنابها.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة