عمر خورشيد
عمر خورشيد


حقيقة «أشباح» عمر خورشيد التى روجها «ميكى ماوس» !

عاطف النمر

الأربعاء، 01 يونيو 2022 - 07:48 م

فى الخامسة فجر 29 مايو1981 استيقظت على رنين الهاتف المتواصل لأجد معى على الخط الفنان محرم فؤاد وهو يقول: «البقية فى حياتك، أبلغونى أن عمر خورشيد لقى حتفه فى حادث بشارع الهرم»، طنين شديد بدأ يسرى فى أذنى تلاشى خلاله صوت محرم، انسابت الدموع على وجنتى، عمر كان بالنسبة لى نعم الأخ والصديق، عندما أفقت من الصدمة.

تذكرت كلماته التى كان يرددها قبل سفره مع محرم إلى أستراليا وأمريكا: «حاسس بطائر الموت يحلق فوق رأسى!» تعجبت مما يقول، كان فى كامل صحته وشبابه وتألقه، كنت أعرف أنه فى ضائقة نفسية، وأعرف أن حياته مهددة، ومن حقه أن يشعر بالقلق من السيارة التى كانت تراقبه فى كل مكان يذهب إليه، وشاهدت هذه السيارة وأنا أجلس بجواره فى طريقنا من مكتبه إلى بيته، ومن بيته إلى كازينو «لاروند» بالهرم.

لم أكن أتصور أن تتحقق نبوءته فى الحادث الدموى البشع الذى قيد فى النهاية ضد مجهول!..

دخلت مكتبه بالزمالك لأول مرة بصحبة المطرب محمد رءوف، استقبلنا بابتسامته الوديعة التى تزيده وسامة فوق وسامته الموروثة عن أبيه مدير التصويرالراحل أحمد خورشيد، تزدحم جدران الغرفة بشهادات التقدير والجوائز التى حصل عليها من المهرجانات المحلية والعربية والدولية عن الموسيقى التصويرية التى وضعها لعدد كبير من الأفلام.

تنتشر فى كل مكان بالغرفة الدروع ومجسمات الجوائز التى حققها فى زمن قياسى، احتضن عمر الجيتار الخشبى وبدأت أنامله تتحرك برشاقة وهو يغنى «صاحبى يا مسكين يا تايه فى الشوارع» كلماتى التى كتبتها لمحمد رءوف، أول لحن لعمر خورشيد باعترافه لسمير صبرى فى برنامج تليفزيونى، فهمت منه أنه قرر أن ينتج ألبوما لمحمد رءوف من تلحينه برؤية عصرية أقرب لمدرسة الرحبانية.

كلفنى بكتابة بقية الأغانى بأفكار جديدة وجريئة، من هنا بدأ الارتباط والانسجام الفنى بيننا، فكتبت له «عيش الحياة» لتكون افتتاحية فرقته الموسيقية، وخرجت الصداقة بيننا من الإطار التقليدى لصحفى وفنان، بدأ يكشف لى فى جلسات شبه يومية محطات متفرقة من حياته التى أراد أن يحولها لفيلم يقوم ببطولته وطلب منى البدء فى كتابة السيناريو والحوار، وأصبحنا لا ننفصل إلا نادرا.


فى ظهيرة أحد الأيام تلقيت مكالمة من المؤرخ الفنى عبد الله أحمد عبد الله الشهير بميكى ماوس، يطلب فيها حضورى فورا إلى «كافيه ريش»، انتحى بى جانبا عندما قابلته وعلامات التوتر ترتسم على وجهه وهو يقول: «أنا عارف أنك بتقابل عمر خورشيد كل يوم تقريبا فى مكتبه.. ألم تشاهده وهو يتحدث للحائط ؟»، السؤال أدهشنى عندما استطرد ميكى ماوس.

قائلا: «النهاردة كنت أقضى مصلحة فى الزمالك، وجدت نفسى بجوار مكتبه، رنيت الجرس، هو من فتح لى الباب بنفسه، لا موظفين ولا فراش، كان ينظر فى ساعته كل فترة، لم يمض ربع الساعة حتى فوجئت به ينظر تجاه الحائط وهو يتحدث مع شخص لا أراه، كان يقول «بلاش.. عم عبد الله ده حبيبنا وكان صاحب قديم لأبويا، لأ بلاش، عم عبد الله رجل طيب.. انصرف الآن».

وأخذ يتمتم بآيات من القرآن الكريم وهو يخفى وجهه بين يديه، فسألته عما يحدث فقال: «ما تخدش فى بالك.. دى روح بتيجى فى أوقات غير مناسبة»، وفهمت من ميكى ماوس أن كل جسده كاد أن يتخشب وخرج مهرولا من المكتب ووضع نفسه فى أول تاكسى قابله، وسألنى: «إيه تفسيرك لده؟ هل شفت كده؟ وهل عمرعلى اتصال بعالم الأشباح؟!»، وعدته بأننى سوف أتقصى الموضوع.

فى مساء نفس اليوم التقيت بعمر خورشيد فى بيته بالمهندسين، ورويت له ما سمعته، فغرق فى الضحك وقال إنه سيروى لى الحكاية بشرط ألا أنقلها لميكى ماوس أو أتناولها بالنشر.. قال إنه فوجئ بحضور ميكى ماوس لمكتبه دون موعد، وكان عمر على موعد مع شخصية نسائية ذات حيثية، ولهذا صرف كل من يعملون معه، وأكد أن اللقاء كان يهدف إلى توضيح مواقف صريحة يضع بها حدا مع هذه الشخصية، وصارحنى بأنه كان يشعر بأن هذه العلاقة المفروضة عليه ولا يرغبها، لن يجنى من ورائها غير المتاعب، وقال إنه فوجئ بحضور ميكى ماوس الذى لا تنتهى حكاياته.

وبذل عمر جهودا خارقة لكى يفهم ميكى ماوس أن بقاءه فى المكتب أصبح غير مرغوب فيه، الموعد يقترب، ولم يجد عمر مفرا سوى استخدام قدراته فى التمثيل لصرفه من المكتب دون جرح مشاعره، واضطر إلى تأليف وتمثيل حكاية الروح التى تحدثه من داخل الحائط، وبهذه الحيلة هرب ميكى ماوس مذعورا من المكتب، احتفظت بوعدى لعمر ولم أرو شيئا له وظللت أتهرب منه، وعندما لقى عمر خورشيد مصرعه فى الحادث المشئوم، كتب ميكى ماوس فى جريدة «المساء» يقول: إن عمر خورشيد كان على علاقة بالأشباح التى تسببت فى مصرعه!

ولم أعلق على ما نشره وفاء بالعهد الذى قطعته أمام عمر خورشيد، رحل ميكى ماوس وهو لا يعرف الحقيقة التى نشرتها فى مجلة «أخبار النجوم»، وثبت من التحقيقات المتضاربة أن الجناة تبخروا من الوجود كما تتبخر الأشباح !!

ليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما يقال ينشر، فلم ولن أتحدث بما أعرفه، ولا أملك سوى أن أترحم على صاحب الأنامل الذهبية فى الذكرى 41 على رحيله.

إقرأ أيضاً|نبيلة مكرم: «حياة كريمة» حل سحري للمناطق الأكثر تصديرًا للهجرة غير الشرعية 

 

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة