الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوي| أنواع الحج

الأخبار

الخميس، 02 يونيو 2022 - 06:17 م

يواصل الإمام الشعراوى خواطره حول الآية ١٩٦ من سورة البقرة بقوله: إن المسلم عندما يريد أن يحج لله فلا يصح أن يحج إلا بمال شرع الله وسائله. كثير من الناس حين يسمعون الحديث الشريف: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).

يعتقدون أن الإنسان له أن يرتكب ما يشاء من معاصٍ ومظالم، ثم يظن أن حجة واحدة تُسقط عنه كل ذنوبه، نقول لهؤلاء: أولاً: لابد أن تكون الحجة لله.
 وثانيا: أن تكون من مال حلال، وما دامت لله ومن مال حلال فلابد أن تعرف ما هى الذنوب التى تسقط عنه بعد الحج، فليست كل الذنوب تسقط، وإنما الذنوب المتعلقة بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الذنب المتعلق بالله أنت لم تظلم الله به لكن ظلمت نفسك، ولكن الذنب المتعلق بالبشر فيه إساءة لهم أو انتقاص من حقوقهم، وبالتالى فإن ظلم العباد لا يسقط إلا برد حقوق العباد.

ونعرف أن العمرة هى قصد البيت الحرام فى مطلق زمان من العام، والحج قصد البيت فى خصوص زمان من العام، ويقول بعض العلماء: إن هذا تكليف وذاك تكليف، فهل يجوز أداؤهما معاً، أم كل تكليف يؤدى بمعزل عن الآخر؟

وبعضهم تناول ملحظيات الفضل والحسن، فالذى يقول: إن الإفراد بالحج أحسن، فذلك لأنه خص كل نُسك بسفرة، والذى يقول: يؤديهما معاً ويحرم بالحج والعمرة معاً بإحرام واحد، فيذهب أولاً ويأتى بنسك العمرة، ثم يظل على إحرامه إلى أن يخرج إلى الحج، وفى هذه الحالة يكون قد قرن الأمرين معا؛ أى أداهما بإحرام واحد وهذا ما يفضله بعض من العلماء؛ لأن الله علم أن العبد قد أدى نسكين بإحرام واحد، وهناك إنسان متمتع أى يؤدى العمرة، ثم يتحلل منها، وبعد ذلك يأتى قبل الحج ليحرم بالحج، وهذا اسمه التمتع، وهو متمتع لأنه تحلل من الإحرام، ومن العلماء من يقول: إن التمتع أحسن لأنه فصل بين أمرين بما أخرجه عن العادة، أحرم ثم تحلل ثم أحرم.

إذن كل عالم له ملحظ، فكأن الله لا يريد أن يضيق على خلقه فى أداء نُسك على أى لون من الألوان. وقد احتاط المشرع سبحانه وتعالى عند التكليف، واحترم كل الظروف سواء كانت الظروف التى قد تقع من غير غريم وهو القدريات، أو تقع من غريم، وهى التى لها أسباب أخرى فقال: «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي».

وأحصرتم تعنى مُنعْتُم. وهناك (حصر) وهى للقدريات، وهناك (أحصر) وتكون بفعل فاعل مثل تدخل العدو كما حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عام الحديبية، وقيل له لا تدخل مكة هذا العام، لذلك فالحق سبحانه وتعالى يخفف عنا وكأنه يقول لنا: أنا لا أهدر تهيؤ العباد، ولا نيتهم ولا استعدادهم ولا إحرامهم؛ فإن أُحصِروا «فَمَا استيسر مِنَ الهدي» والهدى هو ما يتم ذبحه تقربا إلى الله، وكفارة عما حَدث.

ثم يقول بعد ذلك: «وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدى مَحِلَّهُ» أى إلى أن يبلغ المكان المخصص لذلك، هذا إن كنت سائق الهدى، أما إن لم تكن سائق الهدى فليس ضروريا أن تذبحه، ويكفى أن تكلف أحداً يذبحه لك، وقوله الحق: «فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي» تعنى أنه يصح أن يذبح الإنسان الهدى قبل عرفة، ويصح أن نؤخره ليوم النحر، ويصح أن يذبحه بعد ذلك كله.

اقرأ أيضاً

 خواطر الإمام الشعراوي | الحج المستوفى الأركان

«فَمَا استيسر مِنَ الهدي» تعنى أيضا إن كان الحصول على الهدى سهلاً، سواء لسهولة دفع ثمنه، أو لسهولة شرائه، فقد توجد الأثمان ولا يوجد المُثمَّن. (والهدى) هو ما يُهدى للحرم، أو ما يهدى الإنسان إلى طريق الرشاد، والمعنى مأخوذ من الهُدى، وهو الغاية الموصلة للمطلوب.

وقوله تعالى: «وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدى مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ» فالمريض الذى لا يستطيع أن يذبح الهدى وعنده أذى من رأسه كالصحابى الذى كان فى رأسه قمل، وكان يسبب له ألماً، فقال له رسول الله: «احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو أنسك بشاة».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة