إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة

لست متشائمًا لكنى قلق

إبراهيم عبدالمجيد

الخميس، 23 يونيو 2022 - 05:59 م

لن أتحدث عن الأفكار المتخلفة فى فهم الدين، التى سيطرت عبر خمسين سنة على بلادنا فيما يخص المرأة. ما أكثر ما كتبت عبر سنوات عمرى، وغيرى طبعا كثيرون، حتى صرت على يقين أنه لا فائدة.

لقد وصلت هذه الأفكار المتخلفة للأسف إلى الأجيال الجديدة من الشباب بشكل واسع. طبعا أثارها فى نفسى من جديد حادث مقتل الطالبة نيِّرة أشرف من قِبل زميل لها فى كلية آداب المنصورة لأنها ترفض الزواج منه.

أثارتنى تعليقات من يبررون للقاتل بأن ملابسها هى السبب فهى غير محجبة. كانت هذه التعليقات من الشباب للأسف فى البداية وبسرعة مذهلة.

ثم تصريحات الدكتور مبروك عطية بأن تصبح الفتاة «قفة» فى زيها حتى تنفذ من القتل من الرجال الذين يُثار لعابهم عليها.

أعرف أنه فى آخر الحديث يقول «مادام الحكاية كدا اعملى كدا» تخفيفا مما قال. لكنه هذه المرة استسلم لما يحدث، ولم يتحدث فى الخطأ والصواب فى القتل وهل الدين يسمح به. لم يجد طريقا لنجاة المرأة إلا أن تصبح فى زيها مثل «قفة».

لا تعليق لى عليه أيضا فلقد نفد رصيدى من الحديث فى أمر الحجاب. لكن سؤالى كيف يحدث ذلك وتسعون بالمائة على الأقل من الفتيات والبنات محجبات؟

ألا يكفى هذا؟ وهل حقا التحرش لا يقع إلا على غير المحجبات؟ أم هى فكرة أن خروج المرأة من البيت يجعلها مباحة فصار الأمر ينطبق على المحجبات وغير المحجبات؟. أليس للتحرش أسباب نفسية واجتماعية وتعليمية أيضا يجب علينا فهمها ومعالجتها؟ ربط المسألة بالحجاب للأسف ذكرنى حين بدأت موجة الدعوة للحجاب فى منتصف السبعينيات، وارتفعت الأصوات فى المساجد وامتلأت الجدران بشعارات «الحجاب أمام الذئاب» ولم يدرك أحد حتى الآن أنهم وهم يدعون للحجاب اساءوا للرجل أيضا أكبر إساءة، إذ حولوه إلى حيوان لا يعرف إلا الغريزة يمشى وراءها.

سأقف عند تلك الأيام التى استمرت حتى عام 2000 تقريبا وكيف ظهر من يحمل فى يده «سرنجة» بها «مية نار» يرش منها على من لا ترتدى الحجاب؟ على ذراعها إذا كان ظاهرا أو ساقها أو حتى البنطلون لأنه جينز يظهر فى نظره المفاتن. لقد قلّت هذه الظاهرة مع الوقت لكنى لا أنساها.

الآن أصبح عدم الحجاب يستدعى القتل. فهل هذا هو التطور الجميل الذى كانت تنتظره البلاد؟ هل موافقة المشايخ أو بعضهم ممن لهم صفحات على الميديا، أو برامج تحظى بمشاهدة كبيرة، ستجعلنا نرى موجة جديدة من حملة السكاكين لطعن الفتيات غير المحجبات، وهكذا نكون انتقلنا من مياه النار إلى القتل. لست متشائما لكنى قلق، والقلق أمر طبيعى لدى الكتاب والفنانين، لكن هذا السؤال ملأ الفضاء حولى وأرجو ألا يحدث.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة