طليقة المتهم
طليقة المتهم


طليقة المتهم: «أبي تلقى طعنة غادرة بالسكين في ظهره»

سمع ابنه يقول لجده «يا بابا» فقتل الجد

أخبار الحوادث

الخميس، 07 يوليه 2022 - 08:01 م

كتب: إيمان البلطي

..بابا قتل بابا.. كانت هذه الكلمة التى قالها «مصطفى» - الطفل صاحب السبع سنوات - في محضر التحقيقات؛ أبلغ ما يمكن قوله عن الجريمة التي شهدها وهو بعد في سن صغيرة، رأى بأم عينيه والده يقتل جده طعنا بالسكين، في مشهد بشع ومؤلم، من المؤكد أنه سيظل محفورًا في ذهن الطفل أبد الدهر، الجد مات، والأب قد تم القبض عليه، والألم والحسرة وحدها في قلب تلك السيدة التي قتل طليقها أباها، ووحده الطفل الذي رأى الدم. تفاصيل تلك الجريمة البشعة التي شهدتها مدينة منوف بمحافظة المنوفية في السطور التالية.

قبل حوالي ٨ سنوات، تقدم «حسين مقداد»، ذلك الموظف الذي يعمل في مكتب منوف للتأمينات، لخطبة «منار» زميلته في العمل.. كان الحديث المشاع وقتها أن «حسين» من خلال فترة عمله عرف أخلاق زميلته وتدينها، وأنه قد قرر التقدم لخطبتها بعد ما رأى فيها الزوجة التي كثيرا ما تمناها.

«منار» وقتها لم تعرف «حسين» جيدًا، اللهم إلا أنه زميلها في العمل، وأنه دائم الصمت قليل التذمر، وأن أخلاقه جيدة في حدود التعامل بينهما. لذلك عندما تقدم لخطبتها، وجاء إلى البيت ليقابل والدها المهندس «سمير عباس سيف الدين» وافقت على الفور، ولكنها لم تكن تعرف ماذا ستخبئ لها هذه الزيجة، لكنها تمنت في النهاية أن تكون مقدمة لبداية أسرة سعيدة، حلم كل فتاة مقبلة على الزواج.

وتم الزواج، وأقيم حفل الزفاف، وانتقلت منار من بيت أبيها في قرية الحامول بمركز منوف إلى بيت زوجها في الكوم الأحمر بمركز الباجور، هذا الانتقال لم يكن فقط في المسكن، بل انتقلت - على حد وصفها - من الأمان والاستقرار والطمأنينة إلى الخوف والتشرد والبؤس.

كانت حياة «حسين» الشخصية عكس ما بدا لها في العمل، شخصية عصبية، سليطة اللسان، بذيء، أخطاؤه قريبة، ولا يقدر ما تفعله لها. لكنها قالت في قرارة نفسها، ربما هذا فقط لأنهما ما زالا بعد يبدأن حياتهما سويًا، ومن المؤكد أنها بعد أن تعتاد على طباعه ويعتاد على طباعها سيتغير الحال إلى الأحسن، ومن المؤكد أنه سيتغير بعد أن تنجب له الولد، فبعد الإنجاب يتغير الرجل وتتغير نظرته وتصبح الأولوية للطفل.. لكنها فيما كانت تظن، مخطئة.

الطفل
أنجبت منار مصطفى ولكن لم يتغير حال زوجها، عصبيته حاضرة في كل وقت على الفاضيه والمليانه كما يقولون، أخطاؤه وتجاوزاته مستمرة، وحياتهما لم تتغير. بل زادت سوءًا، مر على هذا الحال قرابة الـ 5 سنوات، حتى نفذ صبرها، وأصبحت لا تطيق عشرته، خصوصا بعد أن أصبح يضربها ضربًا مبرحًا، وعليه طلبت الطلاق، وعندما رفض، ذهبت إلى بيت أبيها ورفعت ضده قضية طلاق للضرر، وخلال عام كامل شهدتها الأم وابنها في ساحات المحكمة؛ أنصفتها العدالة، واستطاعت أن تحصل على الحكم، حتى أنها بعد ذلك، وللخلاص منه فقط، لم تأخذ أي من مستحقاتها، بل أنها امتثلت للرؤية وكانت ترسل ابنها مع ابيها كل يوم جمعة حتى يرى أبيه كالمتفق، مع أن «حسين» لم يكن يأتي لرؤية ابنه.

بعد عام كامل، كان الجد يأخذ حفيده لرؤية أبيه أسبوعيا، رغم عدم حضور الأب في الموعد، فكانت «منار» تقول لوالدها، لا تأخذ الطفل وتذهب به إليه طالما أنه لا يأتي، لكن الأب كان دائما يردد على مسامع ابنته: «إحنا بنعمل اللي علينا، وبنفذ القانون، أبوه جه وشافه خير وبركة، مجاش يبقى كأني فسحت مصطفى في مركز شباب الحامول».

هذا العام، ونظرًا لأن الطفل كان كثير المكوث مع جده، أصبح يناديه بـ «بابا».. وتعلق الطفل بجده تعلقًا شديدًا، ولما لا والطفل كان ينتظر يوميًا جده الذي يعمل مهندسًا في شركة مياه الشرب والصرف الصحي وهو عائد من عمله لما يحمله له جده من ألعاب وحلوى، ويظل بصحبته طيلة اليوم، يخرج معه ويعود معه، ويصطحبه الجد كل يوم جمعة إلى مركز الشباب. حتى أصبح الطفل لا يعرف أبًا إلا جده هذا، وأباه الحقيقي لا يأتي لزيارته أصلا.

كانت هذه الكلمة التي يقولها الطفل لجده، بابا، تسبب غضبًا شديدًا لوالده الحقيقي، كان يقول في نفسه: «الجد اخد الواد وقساه عليا وبقى حتى بيقول بابا لابوها ولا كأني أنا أبوه، دون أن يفكر لحظة واحدة أنه كان مقصرًا في حق ابنه»، وظل هذا السواد مسيطرًا على قلبه وعقله، لم يفكر يومًا في أن يصلح هذا الشرخ الذي تسبب هو فيه، بل راودته فكرة الانتقام من حماه مدعيًا أنه السبب وراء ذلك، وقد كان.

سكين
ظلت في قلبه فكرة الانتقام تختمر شيئًا فشيئا، حتى جاء في يوم وأعد العدة، وعزم على أن يقتله، اشترى سكينًا وسنّه، وخبأه في ملابسه، وذهب إلى مركز شباب الحامول حيث يرى ابنه كل يوم جمعة، وهناك، وجد الطفل بصحبة جده يلعبان سويًا، دخل على الجد ودار بينهما حديث انتهى بشجار، هذا الشجار وصل إلى أن تطاول «حسين» على والد طليقته بالأيدي، عليه قرر الرجل أن لا يهين نفسه مع طليق ابنته، أخذ الطفل وهم بالعودة إلى البيت، لكن «حسين» تعقبه، وطعنه بالسكين في ظهره طعنة غائرة، أسقطت الرجل على الأرض غارقًا في دمائه. ثواني واجتمع المحيطون في مركز الرؤية بالمنوفية، حاولوا أن يمسكوا بالقاتل لكنه أشهر أمامهم السكين مهددًا إياهم، وهرب قبل أن يمسكوا به. عليه أبلغوا الشرطة التي حضرت وفرضت كردونًا أمنيا حول مسرح الجريمة، وتم القبض على القاتل.

انتقلت «أخبار الحوادث» إلى منزل المهندس ضحية طليق ابنته، وهناك قابلت «منار» أم الطفل وطليقة القاتل، التي قالت: «أنا طلبت منه الطلاق لما مقدرتش أكمل معاه، ونفذ صبري، ده واحد كان بيضربني كل يوم بسبب ومن غير سبب، ومكانش بيراعي حد ولا بيحترم حد، عشان كده انفصلت عنه، وعلى الرغم من اللي كان بيعملوا معايا كنت بخليه يشوف ابنه زي ما المحكمة حكمت، وعمري ما منعت الولد عنه، وكان ابويا اللي بيروح يوديه كل يوم جمعة، يقوم يقتل أبويا».

واستكملت باكية: «ده واحد مكانش بيجي يشوف ابنه اصلا، انتي تعرفي إن آخر مرة شاف ابنه كان في عيد الأضحى اللي فات، يعني داخل على سنة مجاش في باله يجي يشوف ابنه أصلا ولا يبعتله جنيه، وبالرغم من كل هذا كان أبويا مصمم يودي مصطفى كل يوم جمعة عشان يشوف ابوه، ولما أقوله يا بابا مش هيجي، يقولي يابنتي احنا بنعمل اللي علينا، حرام نحرمه من ابنه، وحتى لو مجاش يابنتي أدينا بنفسح الولد، وعشان كده كان مصطفى متعلق بأبويا أكتر وكان بيقوله يا بابا».

واضافت: «ده مصطفى قدام وكيل النيابة لما سأله قال بابا قتل بابا، تخيلي طفل صغير شاف ابوه الحقيقي بيقتل جده بهذه الوحشية وضعه هيبقى إزاي دلوقتي، إحنا مش عايزين غير حق الراجل اللي اتقتل غدر، وأنا عندي ثقة في قضائنا النزيه سوف يقتص لنا من القاتل».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة