د. خالد القاضى
د. خالد القاضى


يوميات الأخبار

«لبيك اللهم لبيك»

خالد القاضي

الخميس، 07 يوليه 2022 - 08:44 م

إن لنداء لبيك اللهم لبيك سر بين العبد والرب، يمحو به خطاياه، ويعيده كيوم ولدته أمه.

وأخيرًا عادت التلبية المدوية فى عنان السماء (لبيك اللهم لبيك) .. تتصادح بها حناجر حجيج بيت الله الحرام، بعد فترة استثنائية توقفت فيها مناسك الحج، لوباء الكورونا (عافانا الله) ..

لبيك اللهم لبيك .. تلهج بها الأفئدة قبل الألسنة للمولى عز وجل .. معلنة الانصياع والخضوع لدعوة ملك الملوك لمن اختارهم سبحانه ضيوفًا على الرحمن مالك الملك ذى الجلال والإكرام.

وجاء أمر الله سبحانه وتعالى لسيدنا إبراهيم بأن يؤذن فى الناس بالحج يأتوه رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا الله فى أيام معلومات .. أى ناد فى الناس داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذى أمرناك ببنائه فُذكر أنه قال: يا رب إن صوتى لا ينفذ إليهم، فقال: عليك النداء وعلينا البلاغ.

وعندما أشرقت الرسالة الخاتمة جعلت الحج فريضة وثبت ذلك فى الكتاب والسنة والإجماع، وأنه ركن أساسى من أركان الإسلام، ويعرف الحج بأنه قصد البيت الحرام فى زى مخصوص والطواف به والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة وأداء المناسك المتممة لهذه الفريضة فى مواقيت مخصوصة استجابة لأمر الله وابتغاء ثوابه.

وتتوق نفس كل مسلم لأداء هذا الركن الركين (من استطاع إليه سبيلا) منذ بعث الله تعالى الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم بتلك الرسالة الخاتمة، وقد وضع القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة للحج (مقاصد كبرى)، يقتضى تحقيقها منهاجاً للقوانين (بمفهومها العام) والأنظمة واللوائح المنظمة للحج، وحدد الفقهاء والشراح من هذا المنهاج تقنينًا تشريعياً متكاملاً لهذه المناسك وتلك الأنظمة.

وقد رغّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ضرورة أداء فريضة الحج، وجعلها من أفضل الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه بمثابة «جهاد الكبير والضعيف والمرأة»، وأن من أدّاه بصورة صحيحة تامة مُحيت ذنوبه «ورجع كيوم ولدته أمه»، وأن الحجاج والعُمّار وفد الله، إن دَعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم، وأن «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

وحدد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكون الحج مرة واحدة فقط فى العمر، كما حدد فقهاء الإسلام واجبات للحج إلى جانب الأركان لا يتم الحج إلا بها، ومنها رمى الجمار والمبيت بمنى والوجود بمزدلفة والهدى والحلق أو التقصير ..

ولكل من هذه المناسك وقتها المكانى والزمانى والكيفية الخاصة بها وآدابها وشروطها وسننها وحكمها وحكمتها وما يقال أثناء أدائها والأدعية والتلبية كذلك، كما بينت السنة أن هناك أعمالاً تؤدى يوم النحر مرتبة هكذا وفق السنة يبدأ بالرمي، ثم الذبح، ثم الطواف بالبيت..

واستنتج الفقهاء من المصادر الشرعية من الكتاب والسنة أن هناك مجموعة كبيرة من سنن الحج وأن له آداباً وأنظمة وتعليمات منظمة له ولخدماته جاءت مفصلة فى مذاهبهم الفقهية، وأخيرًا رغّب الإسلام فى تقديم المساعدات والخدمات للحجاج مثل السقاية والوفادة والخدمة والتطوع والمساعدة وتقديم الطعام.. وجعلها من فضائل الأعمال والقربات إلى الله تعالى.

وأحمد الله تعالى أن هيأ لى أداء ذلك الركن مرات عديدة بفضل الله، وأذكر منها تلك الرحلة الروحية المباركة عام 2010 م والتى رافقتنى فيها شقيقتى الكبرى (آمال) .. وفى مثل هذا اليوم (يوم عرفة) .. ابتلانى المولى عز وجل بدوخة مفاجئة زلزلت كياني، نتيجة التهاب فى الأذن الداخلية، تسببت فى عدم اتزان عنيف، وسبحان الله لم أجزع .. ولم أطلب طبيبًا .. بل تمنيتُ أن ألقى الله فى هذا اليوم الأعظم من العام .. (يوم عرفة).. نعم وودتُ أن يكتب لى الله تعالى تلك النهاية .. ولكن شاءت إرادته سبحانه أن أتعافى ويعود لى الاتزان بفضله .. وأكملتُ المناسك .. شفعتُها بزيارة الحبيب الأكرم صلى الله عليه وسلم.
إن لنداء لبيك اللهم لبيك سر بين العبد والرب، يمحوبه خطاياه ، ويعيده كيوم ولدته أمه.

دكتوراه فى قضايا الشعوب

قبل عشرين عامًا وفى يوليو 2002 .. كتب الأخ الأكبر والصديق الحبيب المغفور له بإذن الله الكاتب الصحفى الأشهر فى (الأخبار الغراء) .. الأستاذ محمد إمبابى .. تغطية صحفية فى نصف صفحة تقريبًا، عن حصولى على درجة الدكتوراه فى القانون الدولي، واختار لها عنوناً جذابًا للغاية وهو «دكتوراه فى قضايا الشعوب»..

وأُثبت هنا بعض ما سطره محمد إمبابى – رحمه الله – فى تغطيته التى اتسمت بأسلوب أدبى رفيع وصياغة رشيقة وسلاسة بديعة تميزت بها الأخبار العريقة:
(فى مصر كان فى مقدمة المهتمين بهذه القضية أحد شباب القضاة وهو خالد القاضى الذى استطاع خلال سنوات قليلة أن يحصل على الماجستير فى تحكيم طابا .. والدكتوراه فى التحكيم فى المشروعات الدولية المشتركة.

ولأن الخطوط يتم فيها تأصيل هذا العلم بطريقة أكاديمية من وجهتيه السياسية فى تحكيم طابا والاقتصادية فى المشروعات الدولية المشتركة ليصبح علمًا مستقلا بذاته له أصوله وقواعده – كما يقول خالد القاضي- فقد كانت المهمة شاقة وفى غاية الصعوبة ..

ولكى يمكن الحصول على جميع المعلومات التى تتعلق بالتحكيم الدولى والمبادئ التى أرستها مفاوضات عمليات التحكيم الدولية وعلى رأسها مفاوضات طابا التى أرست الكثير من تلك المبادئ فقد استلزم ذلك أن أقوم بجولة علمية فى أكثر من دولة أوروبية وفى أمريكا..

وعلى مدى عشر سنوات قمتُ خلالها بزيارات متعددة لمختلف دول العالم المهتمة بهذا الموضوع متجولًا بين مبنى هيئة الأمم ومكتبات لندن وباريس والمحاكم الدولية مثل محكمة لاهاى إلى غير ذلك من الهيئات والمحافل الدولية.

وقد عبر خالد القاضى عن ذلك فى تقديمه لرسالة الدكتوراه حيث قال: «لقد أضنانى البحث على مدى سنوات مضت لا سيما وأن أحدًا من قبل لم يتطرق له بالتحليل والدراسة الوافية، وإن كانت هناك بعض المؤلفات العربية فى بعض جوانب البحث بيد أنها قصرت على أن تحيط بجميع أبعاد وجوانب الموضوع لهذا طفت بلاد العالم المختلفة..

فى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهولندا وغيرها مرات عديدة باحثًا عن المراجع القانونية من أمهات الكتب والمراجع الحديثة كذلك والدوريات العالمية وأحكام التحكيم الدولية سواء باللغة الإنجليزية أو الفرنسية.. كما عكفتُ أيامًا طويلة داخل مكتبات دول العالم منقبًا عن آراء الفقهاء والباحثين وأحكام القضاء الدولى التى تخدم موضوع البحث ..

كما حرصت خلال أسفارى المتعددة تلك أن أتلقى العون العلمى من أساطين رجال القانون الدولى وجهابذته وذلك من خلال المؤتمرات والمحافل القانونية الدولية والدورات التدريبية فى موضوعات القانون الدولى العام والخاص على حد سواء حتى اطمأننتُ أننى قد أحطتُ بفضل الله وتوفيقه بجوانب خطة الدراسة التى أصبو إلى تحقيقها.

وقد عقب الأستاذ الدكتور أحمد صادق القشيرى أحد أعلام التحكيم الدولى فى العالم ورئيس جامعة سنجور الدولية على هذه الرسالة والتى كان أحد أعضاء لجنة الحكم عليها..

فقال: لقد قدم الباحث رسالة موسوعية بها أفكار متكاملة فقد أحاط بكل جوانب الموضوع ولم يدع أمرًا إلا وعالجه.. والرسالة تمثل مرجعية عامة لما يمكن أن يكون من إمكانيات متاحة فى حل المنازعات التى تنشأ بصدد مشروعات دولية مشتركة وغيرها من المنازعات الدولية عن طريق التحكيم الدولى والقضاء..

كما تضيف الرسالة موضوعات كثيرة للتحكيم التجارى الدولي.

كما أكد الأستاذ الدكتور عبدالواحد محمد الفار أستاذ القانون الدولى العام أن موضوع الرسالة يمثل وبحق أحد الموضوعات الهامة فى مجال العلاقات الدولية.. وقد استطاع الباحث أن يقدم بجدارة رسالة موضوعية جادة.. فقد التزم بالمنهج التأصيلى والمقارن واستفاد بالعديد من المراجع العربية والأجنبية وكذا الوثائق والدوريات العالمية العربية والأجنبية وكذا الوثائق والدوريات العالمية وأحكام التحكيم الدولية والأحكام القضائية من خلال سفرياته العلمية التى استفاد منها وأحسن توظيفها.. وتعتبر الرسالة إضافة جديدة للمكتبة العربية ومجهودا علميًا يستحق التقدير.

أما الأستاذ الدكتور المستشار محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس لجنة التحكيم فقد قال ..

لقد اختار الباحث موضعًا بالغ الخطورة والأهمية بذل فيه من الدقة الكثير.. أعطى وحصل وأفاض فى معالجة الموضوع واستطاع أن يلم بدقائقه ...

كتبه بلغة عربية متميزة وقام فيه بتحليل دقيق وعميق لدور كل من التحكيم الدولى والقضاء فى فض المنازعات الدولية بما يدل على أنه امتلك ناصية البحث ..

وتدل الرسالة على أنه باحث دؤوب .. ورسالة عظيمة تدل على إخلاص وحسن أداء ورغبة فى الكمال.

ولهذا فقد قررت لجنة التحكيم منح رئيس المحكمة خالد القاضى درجة الدكتوراه فى القانون الدولى بأعلى تقدير تمنحه كليات الحقوق فى مصر).
رحم الله محمد إمبابى وجميع لجنة التحكيم العلماء الأجلاء .. وجزاهم عنى خير الجزاء.

مناسبات قومية فى يوليو ..

(*) فى 5 يوليو 2022 .. تم تدشين الحوار الوطنى الذى دعا إليه فخامة الرئيس السيسى .. نريد نتائج تؤطر للجمهورية الجديدة فى كافة محاور الحوار الوطني.

(*) فى 23 يوليو 2022 .. يحتفل المصريون بمرور 70 عامًا على ثورة يوليو 1952 المجيدة .. أتوقع احتفالاً يليق بها وبقادتها وبنتائجها الإيجابية.

(*) فى 26 يوليو 2022 .. نحتفل جميعًا بمرور 9 سنوات على تفويض الشعب المصرى للفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع (القائد العام للقوات المسلحة) لإنهاء العنف الإرهاب .. نريد استمرار رمزية هذا التفويض راسخة فى نفوس جميع المصريين.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة