د. أحمد عفيفى
د. أحمد عفيفى


شجون جامعية

«العلم».. يحسبونه هيناً !!

أحمد عفيفي

الثلاثاء، 12 يوليه 2022 - 07:40 م

 انتهكوا «قدسيته» وأسقطوا «هيبته».. إنه «العلم» الذى عبث به «المفسدون» وهيأ له «الفاسدون» حاضنةً مؤهلةً وبيئةً خصبةً راحت تتغذى على جثث القيم الرفيعة والمبادئ العليا.. هكذا حسبوه هيناً.. أخلاقه مهزومة ومُثله مأزومة وسلطة ضميره معدومة.

لقد أجهض المفسدون «البحث العلمى» بثلاثية سيئة يرمز لها ب «PFF»، الأحرف الأولى من «البلاجياريزم»(الاستيلاء على أفكار الغير أو انتحال عباراته أو اقتباس فقراته أو سرقة ألفاظه دون تنويه) و»الفابريكاشن» (اصطناع حصيلة علمية أو اختلاق نتائج بحثية أو رصدها أو تسجيلها أو تحليلها أو صياغتها) و»الفالسيفيكاشن» (التزوير أو التزييف أو التلاعب فى أى من مراحل البحث بدءاً من المواد والمركبات والعينات المستخدمة مروراً بالأجهزة والآلات والمعدات وصولاً إلى خطوات التنفيذ، وكذلك الحذف أو الإضافة للنتائج المستخلصة).

إنها «الأثافى الثلاث» التى قوضت «العلم» وجعلتنا فوق سلم «الفساد العلمى».

 لا يعكس «مؤشر PFF» فقط «السطو» على حقوق الملكية الفكرية لـ»الغير»، ولكنه يطال أيضاً «المؤلف» أو «الباحث» نفسه، حيث إن النقل عن «الذات» أو النسخ من سابقة الأعمال أو نشر «البحث» ذاته فى أكثر من دورية أو اجتزاء الدراسات الضخمة والعمل على نشرها منفصلة، يعتبر من قبيل «الاستيلاء الذاتى».

إلى جانب إضافة أسماء «مؤلفين» لا يمتون بأدنى صلة بالبحث محاباةً ومجاملةً. أما «التحكيم» فيتصف بغياب الموضوعية والحيادية والشفافية والمصداقية. 
 إن الذين اعتادوا تناول «الأبحاث الفاسدة» يشكلون رمزاً للتدنى ونموذجاً للفشل. فقد اختطوا هذا المسار بعد أن فقدوا كل ما استقرت عليه القواعد المهنية وذهبت عنهم النزاهة العلمية والأمانة الأخلاقية.

هؤلاء قوم أفرزتهم «منظومتنا التعليمية» البائسة اليائسة العاجزة عن ملاحقة قفزات العصر.. لقد خرجت مصر - التى علمت الدنيا كيف يكون «العلم» - من التصنيف العالمى للتعليم، ولهذا الإعصار تداعيات وتوابع شتى من بينها طبيعة «الخريج» والأسس التى تربى عليها خلال سنوات الدراسة. وعندما يصبح «باحثاً» تظهر العيوب والنقائص وضعف المقومات الشخصية ونضوب الفكر العلمى المستنير والخضوع لإغراء المال السريع والبحث عن الجاه غير المستحق وعدم التفرغ التام للبحث العلمى والانخراط فى العلم الرديء المغرض والتدخل القسرى لإثبات نظرية بعينها والافتقاد للتدريب المتقن على مهارات البحث وأخلاقياته. وإذا ما صار يوماً «مشرفاً علمياً» أو «مسئولاً بحثياً» فالأمر يزداد سوءاً و لا تحمد عقباه.

تلعب هشاشة «الردع الأكاديمى» وعدم الطاقة على المنع وغياب «ميثاق الشرف الجامعى».

الدور الأبرز فى اتساع رقعة فساد «هؤلاء» وامتدادهم إلى مواقع مؤثرة حتى امتطوا «سدة العلم» وتحولوا إلى «كهنة الضلال».

فهل آن الأوان لفتح النيران اللاسعة عليهم وإطلاق سهام المواجهة الحادة معهم بدلاً من الصراخ فى وجه اليأس؟! لكى يتطهر المجتمع العلمى وأهله من هذا «العار» وينجو المنتج العلمى النهائى من آفة الفساد البغيضة ويصبح نقياً خالياً من الشوائب المخلة.

يا من أفسدتم «العلم» واتخذتموه سخرياً.. ارفعوا أيديكم عن «الحقائق».. لا تشوهونها.. لا تلوثونها.. لا تزيفونها.. لا تصيبونها بسوء أو تمسونها بضر.
استاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة