محمد العزبي
محمد العزبي


محمد العزبي يكتب: أيام كانت العيدية «تعريفة»

الأخبار

الأربعاء، 13 يوليه 2022 - 07:09 م

بقلم: محمد العزبي

رد بثبات وهدوء :«يا فندم أنا مقدر انفعالك لكنه مصطفى أمين وأنا لا أستطيع أن أمنعه أو أن أقول له ماذا يكتب».

كانت العيدية على أيامنا «تعريفة» معدنية مدورة مخرومة من الوسط، أصبحت الآن أنتيكة..
لم يعد الطفل يعرف الشلن ولا حتى الربع جنيه.. ولا الأهيف ولا الميت جنيه كانوا يسمونها الورقة أم مدنة!
حتى الخروف لا أحد يتباهى به. أصبح أغلى من البشر لا أحد يقدر على ثمنه؛ ولم تعد الفروة سجادة صلاة.. عندما تشجع جارى وتباهى بشرائه رفضت زوجته المأمأة التى كنا نتباهى بها يرضى عنها أحد.. بل إن الخروف أصبح يقاوم مصيره: من كام سنة أصر صديقى أن يعيد عصر الخرفان فاشتراه فى السر وتركه عند صاحبه بعد دفع ثمن إقامته-فول بورد- على أن يأخذه فجر العيد.. هرول فور انتهاء الصلاة لإحضار المفاجأة.. أسرع صاحب الشادر الذى كان يقيم فيه بوضعه فى شنطة العربية وانطلق صديقى ليتوقف مزهوا أمام باب العمارة والمصلون مازالوا يتهادون فى الشارع يتبادلون التهانى.. فور فتحه باب شنطة السيارة حيث الخروف الأسير انطلق يجرى فى كل اتجاه والرجل يجرى فى أى اتجاه والناس فى الشارع ومن الشبابيك يصرخون وزوجته تطل فى ذهول واختفى خروف العيد.. ولكنه أكيد وجد من ذبحه!
كان مالها التعريفة والنكلة والمليم والسحتوت أيام كان الدولار يجرى وراء الجنيه؟..

أيامنا الجاية صعبة!!
السادات ضاق بكامل زهيرى
ضاق أنور السادات بمواقف وكتابات كامل زهيرى ضد سياسات إسرائيل وخطوات التطبيع معها، وانتقاده لفكرة تحويل مياه النيل إلى إسرائيل وكتب النيل فى خطر، ورفض طلبه بفصل بعض الصحفيين الذين ينتقدونه من عضوية النقابة. فطلب من محسن محمد رئيس تحرير الجمهورية وقف مقاله اليومى «من ثقب الباب»، واحتار محسن ماذا يفعل، و قرر الذهاب إلى منزل كامل بالزمالك فى ساعه متأخرة من الليل - ليقلل من احتمالات أن يراه أحد - ليتدبر معه الأمر ، فعرف من زوجته الزميلة خديجة قاسم الصحفية بالأهرام أنه سافر إلى العراق لحضور اجتماعات اتحاد الصحفيين العرب ،وأنه بيعتذر عن عدم كتابة مقالة لحين عودته ، فقال لها: « الحمد لله .. و أول حاجة يعملها يعدى علىّ أول ما يرجع « وعندما تعجبت وسألت «هو فيه حاجه ؟!»  رد: «خير» وغادر . و بعد عدة أيام التقى محسن الرئيس السادات فى إحدى المناسبات العامة ،وعندما شاهده الرئيس بادره « كويس يا محسن إنك وقفت عمود كامل لأنه زودها قوى» فرد محسن: «معاك حق يا ريس بس أستأذنك يرجع يكتب تانى بعد ما شديناه وأنت صدرك متسع» فضحك السادات و قال له: «ماشى يا محسن علشان خاطرك بس ابقى خلى بالك» ، فتنفس محسن الصعداء فهو يختلف مع كامل وتوجهاته، لكن كان يصعب عليه منع نقيب الصحفيين وكاتب بحجمه و قيمته من الكتابة حتى وإن اختلفا فى الرأى و التوجهات. وعاد كامل من زيارته للعراق وذهب إلى محسن الذى حكى له الحكاية فضحك وعاود الكتابة.

ومبارك ضاق بمصطفى أمين
«موقف آخر كنت شاهدًا عليه، ففى أغسطس ١٩٨٤ قام مبارك بزيارة ليوغسلافيا، وكان الوفد الصحفى المرافق له يضم عددا من رؤساء تحرير الصحف القومية و مندوبى الصحف الذين يقومون بتغطية أنشطة رئاسة الجمهورية (كنت من بينهم مندوبًا عن جريدة المساء)، وكان بين برنامج الزيارة تفقد لأحد المصانع، وهناك وقع بصر مبارك على الأستاذ سعيد سنبل رئيس تحرير الأخبار فتوقف عنده -وتصادف وجودى قريبا منهما - ووجه له بوجه غاضب كلمات حادة عما يكتبه مصطفى أمين فى عموده والذى يتضمن انتقاد للسياسات العامة، ورغم توتر الأستاذ سعيد سنبل الذى فوجئ بالموقف والطريقة المباغتة وهو شخصية رقيقة ومهذبة، إلا أنه رد بثبات وهدوء :«يا فندم أنا مقدر انفعالك لكنه مصطفى أمين وأنا لا أستطيع أن أمنعه أو أن أقول له ماذا يكتب».

كتاب «الأدهم»
‏أخيراً كتب «المرسى» كتابه بعد أن ملأ الدنيا حماسا، أصدره على حسابه، كنت أظنه حلما لا يفارق صاحبه فإذا به حقيقة بين أيدينا يطارد أكاذيب طال عليها الزمن وسكت عنها من استسلم لها وألح عليا من روّج لها حتى بدت حقيقة مقدسة.
يهديه المؤلف «مرسى الأدهم» لمن يهمه الأمر ومن يبحث عن الفكر ولمن احتار سنوات فاستسلم لها.. ولعلها فرصة لكشف أكاذيب سنوات طويلة وأجيال متعاقبة.

عنوان الكتاب واضح تماما: «أكاذيب الإبراهيمية اليهودية-إبادة الأديان السماوية- استعباد الإنسانية».. مكتوب بلوحة من الخط الجميل.. أبدعها الفنان «مصطفى القاضى».. يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم «ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين»..
هكذا حُسم الأمر.

ولكن «الأدهم» يواصل كشف أكاذيب اليهود وادعاءاتهم عبر قرون طويلة مضت..
وأصبح اغتصاب الأرض وقتل الأطفال وكل ما ارتُكب وما يُرتَكب وسوف يُرتَكب من أبشع الجرائم، فريضة يهودية!
بحماس وإيمان يكشف «مرسى الأدهم» حقيقة لم تكن خافية على علماء الدين أو رجال الحكم والسياسة.
يقطع بالقول إنه علميا وتاريخيا ودينيا وعقلا لا توجد أدنى علاقة بين اليهود وبين العائلة الإبراهيمية.
يكشف المغالطات ويفضحها..
كما يكشف أسرارا من بينها: أبناء الفلاحين المصريين الذين حاربوا - قسرا - دفاعا عن الإنجليز وحلفائهم ضد الألمان فى الحرب العالمية الأولى ودُفنوا غرباء فى صقيع أوروبا فكان أبناؤهم ثوار ١٩١٩.

لا تكذبى.. إنى رأيتكما معا
غرام وبكاء وسؤال: من يكون؟
أنتظرها كل ليلة وأفتقدها إذا غابت فأدندن - للأسف-كلماتها الجميلة الصادقة ولحن بديع يفسده صوتى؛ أنكر الأصوات!
فكرة ممتعة أن يمزج من يسعدنى من لا أعرف اسمه بـ «لا تكذبى» التى أبدع كلماتها، باكيا، صادقا، الشاعر الصحفى الأديب كامل الشناوى.
الجديد الحلو أنها تذاع بصوت «نجاة». مازالوا يسمونها «الصغيرة». ولكى يكملها صوت «عبد الوهاب» وختامها «عبد الحليم».. متعة!!
كان يحب كثيرات ولكن «نجاة» تمنى لو تزوجته.. وقالت أختها «سعاد حسنى» فضلت يوسف إدريس.. وتردد أنها أحبت بعض الوقت «صباح قبانى» مدير الإذاعة السورية شقيق الشاعر «نزار قبانى»..

وقيل إن نزار نفسه هو الذى أحب نجاة
من بعيد..! كل هذا وحكايات وشائعات أخرى وكامل الشناوى واثق من نفسه حتى «إنى رأيتكما معا» فى «لا تكذبى»
كتب «مصطفى أمين فى كتابه «شخصيات لا تنسى» قال عن الأغنية: لقد كتبت هذه السطور داخل حجرة مكتبى بمنزلى بالزمالك، وهى قصيدة ليس فيها مبالغة أو خيال، وكان كامل ينظمها وهو يبكى، وكانت دموعه تختلط بالكلمات فتطمسها، ودخل ذات مرة علينا أنا والموجى البيت مسرعاً إلى غرفة المكتب، وسمعناه يتحدث للمطربة التى عشقها بصوت منتحب خافت، تتخلله الزفرات والعبرات والتنهدات والآهات، مما كان يقطع القلوب، وحكى لنا بنفسه أن المطربة كانت صامتة أثناء سماعها الكلمات لا تقول شيئاً، ولا تعلق ولا تقاطع ولا تعترض، وبعد أن انتهى كامل من إلقاء القصيدة قالت له: كويسة أوى، تنفع أغنية، لازم أغنيها، وحباً فيها وللوقوف بجانبها، ودعماً لمسيرتها الفنية، وافق على أن تكون هذه المشاعر الصادقة أغنية لها.

أما الناقد الفنى «طارق الشناوى» وابن شقيق الشاعر الكبير فيقول إن القصة كلها خيالية !!.. بينما قال يوسف إدريس إنه المقصود.. وقالت «تحية كاريوكا» أن القصيد كتبت فى شرفة منزلها!
.. وطالت الحكايات وتنوعت وبقيت «لا تكذبى».
.. وماتوا جميعا يرحمهم الله وبقيت «نجاة» بعيدة عن الأضواء أطال الله عمرها.. لم تظهر إلا عندما تهددت العمارة التى تسكن فيها بالزمالك للسقوط بسبب الأعمال الإنشائية بالقرب منها ولم تظهر صورة لها حتى تبقى دائما «الصغيرة»!

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة