عصام السباعي
عصام السباعي


عصام السباعي يكتب: على أبواب عهد جديد

عصام السباعي

الإثنين، 18 يوليه 2022 - 12:47 م

مؤشرات عديدة لا يمكن تجاهلها، وكلها تؤكد أن منطقتنا على أبواب مرحلة جديدة، وأن العالم يشهد العديد من التطورات المفصلية، قبل أن نشهد حقبة جديدة مرتقبة للنظام العالمى، أتحدث هنا عن قراءتى لمشاهد وأحداث قمة جدة للأمن والتنمية، وما يتضمنه ذلك من دلالات الكلمات وتفاصيل صور الفوتوغرافيا ومشاهد الفيديو، وتحليل مضمون الكلمات والتعبيرات وما تقوله لنا مصافحات الأيدى، منذ تم الإعلان عن تلك القمة، ووصول الرئيس الأمريكى جو بايدن فى أول محطة له فى المنطقة، ومشاهد الوصول والاستقبال فى محطته الأولى والثانية، أكتفى فى البداية باستدلال جاء على خاطرى بأن تلك الحقبة الجديدة كان لمصر دور كبير فى وضع أساسها، كما سبق ووجهت بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أول ضربة أطاحت بالقوتين العظميين بريطانيا وفرنسا، ليبزغ نجم النظام العالمى ثنائى القطب «الاتحاد السوفيتى وأمريكا»، فى أعقاب تأميم قناة السويس وحرب 1956، وما أراه أن إرادة ووعى الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو، كانا نقطة البدء فى صناعة المرحلة الجديدة للمنطقة والعالم، عندما رفض الحكم الفاشى والتدخلات الخارجية فى شأنه الداخلى، وكل ما كان موجهًا للمنطقة فى إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد، وخاض معركته ضد الحكم الإخوانى الفاشى، ونجح الشعب بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تجاوز الحكم الفاشى وإعادة بناء الدولة المصرية القوية، وإحباط ذلك المشروع وامتداداته فى عدة دول ومناطق أخرى.

التجربة المصرية فى المنطقة بكل تنويعاتها وتاريخها، كانت حاضرة بقوة فى كلمة مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى أمام القمة، وكما أكد فقد كانت رائدة وسبّاقة فى الانفتاح على مختلف الشعوب، واختيار مسار السلام القوى العادل، وفى ذلك السياق جاءت المقاربة الشاملة التى طرحها الرئيس ومحاورها الخمسة من أجل منطقة أكثر استقرارًا وازدهارًا، تضمن حلولاً دائمة لما يعانيه العالم والمنطقة من أزمات، كجائحة كورونا، وتغير المناخ، وأمن الغذاء والطاقة، وتفشى النزاعات المسلحة، والارهاب، ولست هنا بصدد تعديد تلك المحاور، ولكن يهمنى رصد الحقائق التى حرصت مصر على طرحها، وفى مقدمتها التشديد على أن أى جهود لحل أزمات المنطقة، لن تنجح إلا من خلال التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين المستند إلى مرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة.

والقاعدة الثانية مؤداها أن الضمانة الحقيقية لاستمرار الاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعوب، يتطلب تعزيز دور الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة، وبناء المجتمعات من الداخل، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية والتأكيد القوى على أن الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ، وأن تحقيق الأمن الإقليمى المتكامل، يتطلب إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ومواجهة الإرهاب ومكافحة الفكر المتطرف بكافة أشكاله، وكذلك الميليشيات المسلحة التى تحظى برعاية بعض القوى الخارجية، ومن المهم هنا الإشارة إلى نداء مصر إلى داعميهم، بمراجعة حساباتهم، وأن يدركوا أنه لا تهاون فى حماية الأمن القومى وما يرتبط به من خطوط حمراء، فضلاً عن ضرورة تعزيز التعاون والتضامن الدوليين لرفع قدرات دول المنطقة فى التصدى للأزمات العالمية مثل نقص إمدادات الغذاء، والاضطرابات فى أسواق الطاقة، والأمن المائى، وتغير المناخ.

المؤكد أن تلك القمة التى تمت بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ستكون منعطفاً تاريخياً للمنطقة، فهى تستحق وبحق لقب «قمة المصارحة والمكاشفة» مع الشريك الاستراتيجى الأمريكى، كما أنها أيضاً «قمة الاعترافات الأمريكية»، حيث اعترف فيها الرئيس الأمريكى بالأخطاء التى ارتكبتها بلاده فى المنطقة، وهو اعتراف صريح يصدر للمرة الأولى بعد فترة طويلة من الإنكار، حتى لو كان ذلك الاعتراف مغلفاً بكلمات بايدن الناعمة: «لا توجد دولة تتصرف بشكل صحيح طيلة الوقت بما فى ذلك الولايات المتحدة».

المكاسب العربية كبيرة سواء ما جاء منها فى البيان المشترك للقمة أو ما حصدناه منها على المستوى العربى - العربى، وخاصة فيما يتعلق بالتنسيق وصياغة الموقف المشترك، وكذلك ما يخص الشراكة المصرية الأمريكية حيث تضمن البيان المشترك للبلدين، العديد من الالتزامات الأمريكية تجاه القاهرة فى مقدمتها دعم مصر للدفاع عن نفسها، وخاصة الدفاع عن الأمن المائى وحتمية إبرام اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة بدون تأخير، وكذلك دعم الأمن الغذائى المصرى والتزام واشنطن بمكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادى واكتشاف طرق جديدة لتعزيز التجارة البينية مع مصر.

بوكس

من حكمة ربنا أننا نتخلص من البيض الفاسد بمجرد ظهوره على السطح!

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة