قبيلة الأشباح.. «أسارو» ترعب أعداءها بأقنعة الطين الرمادية
قبيلة الأشباح.. «أسارو» ترعب أعداءها بأقنعة الطين الرمادية


حكايات| قبيلة الأشباح.. «أسارو» ترعب أعداءها بأقنعة الطين الرمادية

محمد رمضان

الإثنين، 18 يوليه 2022 - 02:41 م

يخرجون من الغابة مثل المد والجزر البطيء.. حركاتهم تكاد تكون رقصة غير محسوسة.. أجسادهم مغطاة باللون الرمادي وأقنعة الخوف الضخمة تخفي الصدمة والرهبة.. يظهر أحد رجالهم لفترة وجيزة على حافة الغابة ثم يختفي.. هنا أشباح بابوا غينيا الجديدة.

 

ففي حين أن معظم القبائل التي يزيد عددها على 150 قبيلة في جزيرة بابوا غينيا يرسمون أجسادهم بألوان مثل الطيور الغريبة التي يتشاركون معها الغابة، فإن رجال قبيلة «أسارو» يدهنون أجسادهم بالطين وهم الأقل زينة، وعندما يظهرون ملطخون من الرقبة إلى أخمص القدمين بالطين الأبيض فإنهم يحتفظون بأمر واحد وهو المشي ببطء شديد.

 

كل وتر من أجسادهم الشبيهة بالسوط مشدود، ينظرون باستمرار إلى اليسار واليمين والخلف، فهم جاهزون لأي شيء.. البعض يدق سهام في أقواسهم بينما البعض الآخر لديه رماح وهراوات.. يرتدي البعض خيزرانًا مطليًا باللون الأحمر على أصابعهم، ويمتد لعدة بوصات، لا يتكلمون كثيرا ويلتزمون الصمت دائمًا.

 

 

للوهلة الأولى تشعر وكأنهم متوحشون لكن دهن أجسادهم بالطين يعبر ببساطة عن ارتباطهم بالأرض، ورغم أن تطليخ الجسد بالطين لدى كثير من القبائل أن هناك استعدادات للذهاب للحرب فإن قبيلة أسارو تفعل ذلك لتجنب القتال.

 

اقرأ أيضًا| التاريخ المروع للقتل .. الإعدام المؤلم بـ«العسل والحليب»

 

تنشتر قبلية أسارو المعروفة أيضا باسم هولوسا أي «الأشباح» في جميع أنحاء منطقة جوروكا في المرتفعات الشرقية لبابوا غينيا الجديدة؛ حيث كانت تمر فيها رحلات السفاري عن غير قصد، ولم تعلم إلا لاحقًا أنها فاتتهم للتو أشهر سكان الجزيرة.


 
في جوروكا يجلس «كوا» وجسده مغطى بالطين الرمادي، إنه فنان مميز لأنه وحده صانع أقنعة الطين الشهيرة لقبيلة أسارو؛ حيث يظل جالسا بطريقة القرفصاء على الأرض يسوي الكرات الطينية الرطبة ويدحرجها إلى أقسام طويلة رفيعة تشبه النقانق. 

 

 

قد تعتقد أن جلوس «كوا» يشير ربما إلى نوع من المراسم السرية لكنه كان فخورًا بإظهار فنه وعمليته، وكان يعمل بأيدي نحات.. أيادي تقرأ الطين مثل معظم الناس يقرؤون كتابًا.. رجل من أنقى أنواع الفنانين بوسيطته ويحمل تاريخ قبليته في عقله.

 

منذ حوالي قرنين من الزمان، كانت قبلية أسارو خجولين، لكن في أحد الأيام تعرضت قبليتهم لهجوم من قبلية أقوى فهربوا إلى نهر أسارو القريب، وعندما وصل مهاجموهم إلى النهر وجدوا تماثيل مغطاة بطين النهر الأبيض والرمادي، معتقدين أنهم واجهوا أرواح وأشباح للقبلية التي قتلوها وفر المعتدون في حالة ذعر مشوشة.

 

وإدراكًا لما حدث، قررت قبلية أسارو  الانتقام فغلفوا أجسادهم بالطين لكن لم يفعلوا ذلك في وجوههم لأنهم اعتقدوا أن مياه نهر أسارو سامة، وبدلاً من ذلك استخدموا الصخور والعصي وأي شيء يمكنهم العثور عليه لإنشاء أقنعة بسيطة، وعندما ظهروا في هذا الشكل هرب أعداؤهم السابقون وورث أسارو المحب للسلام سمعة المحاربين الشرسين.

 

 

يفتخر «كوا» بأن أسلافهم صنعوا أول قناع طيني حقيقي وتوارث هذا الشرف عبر الأجيال، ولكن فقط على الجانب الذكوري حيث لا تفعل النساء ذلك من الطين.

 

ولا يوجد نوعان من أقنعة بابوا غينيا الجديدة متشابهين: كل قناع ينبع من خيال صانعها، فقد يكون لها قرون أو أنياب أو آذان أو أنوف عملاقة أو مطلية جزئيًا أو بها رسائل محفورة بداخلها. كانت النية الأصلية دائمًا هي بث الخوف في نفوس الخصم؛ حيث يتم تجفيفها في الشمس بدلاً من خبزها وتستغرق العملية عدة أيام.

 

 

 

 


 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة