المتهمون بحرق السيدة الثلاثينية في الثمانينيات
المتهمون بحرق السيدة الثلاثينية في الثمانينيات


جريمة هزت مصر بالثمانينيات.. حرق امرأة حية حتى الموت

محمد رمضان

الإثنين، 25 يوليه 2022 - 05:09 م

في أحد أيام شتاء عام 1988، مزق سكون الفجر مدينة العمال بإمبابة صرخة استغاثة امرأة: «حيقتلوني.. الحقوني يا ناس».. حاولت الخلاص من قبضة ثلاثة أشقياء أرادوا مواقعتها بالقوة.

 

ازداد جنون الثلاثة لصياحها فشقوا بطنها حتى الصدر بالمطواه لإسكاتها.. استيقظ بعض السكان على صراخها.. أضيئت بعض الشبابيك.. أطل بعض السكان على مسرح الجريمة ثم أغلقت النوافذ وساد الظلام والسكون.

 

لقد انهارت مقاومة الضحية من كثرة النزيف.. جرجروها 300 متر بعيدا عن مساكنهم وهي تنزف إخفاء لجريمتهم.. ألقوها في صندوق قمامة خلف مدرسة بالحي وهي لا تزال على قيد الحياة.. غطوها بخرق مبللة بزيت السيارات والكيروسين وأشعلوا فيها النيران وبعد دقائق المرأة ذات الثلاثين ربيعا إلى كومة من الفحم البشري.

 

وتسقط الأمطار رذاذا في اليوم التالي على المنطقة: فهل كانت السماء تبكي حزنا على الضحية؟.. أم لتزيد الجريمة غموضا؟! .. لقد أزالت الأمطار بقعة الدم الكبيرة بين المساكن؛ حيث تمت عملية «الذبح».

 

اقرأ أيضًا| جريمة هزت مصر.. أب يذبح ابنتيه بطريقة وحشية في العشرينيات

 

واختفى الخيط الأحمر الرفيع الذي كان يسيل من الجثة أثناء جرجرتها، من المساكن إلى صندوق القمامة «المحرقة» على بعد 300 متر، ويختفي أحد الخيوط المهمة في اكتشاف الجناة، بحسب تحقيق لـ«سيد الجبرتي» نشرته جريدة الأخبار في عددها الصادر بتاريخ 20 أبريل 1988.

 

كان أول بلاغ وصل إلى شرطة إمبابة في الساعة السابعة صباحا لقد اكتشف بعض أولياء الأمور الجثة المتفحمة أثناء توصيل الأولاد إلى مدارسهم في الصباح وأبلغوا الشرطة بها.. هل كانت الجثة لرجل أم لامرأة؟

 

دبلة وخاتم

 

لم يكن أحد يعرف جنس الجثة حتى وصل رجال المباحث فالحريق قد أتى تماما على معالم الجثة.. حولها إلى كومة من اللحم البشري المتفحم وسط القمامة، وبالبحث المبدئي تم التعرف على جنس الجثة من دبلة وخاتم نسائي من الفضة وخصلة شعر ملتصقة أسفل الجمجة المتفحة.

 

عرف رجال مباحث شرطة إمبابة إنها لامرأة مجهولة ولكن الدبلة بلا اسم.. وانتشر الذعر بين أسر التلميذات بالمنطقة وتساءلوا.. هل هي لتمليذة تم اختطافها واغتصابها وحرقها للتخلص من الجريمة؟.. في كل الأحوال كان مطلوبا سرعة القبض على الجناة لإعادة الطمأنينة لأهالي المدينة.

 

الثرثرة تفيد أحيانا

 

وامتد البحث عن الغائبات بأقسام الشرطة بحثا عن المرأة المجهولة وانتشر رجال المباحث في الحي لالتقاط أي خيط وبدت بارقة أمل في الأفق.. رجحت احتمال محاولة الاغتصاب والقتل.

 

اقرأ أيضًا| جريمة هزت القاهرة.. خطف وتعذيب «طفلة الأصابع الستة»

 

توصل أحد رجال الشرطة السرية إلى معلومة مهمة التقطها في أحد أسواق إمبابة بعد أن سمع رجلا يقول إن صديقا له سمع سيدة بالسوق تقول لامرأة إنها سمعت استغاثة في المساكن فجرا.

 

ورغم ضعف بارقة الأمل في هذه «الثرثرة» إلا أن رجال المباحث تشبثوا بها، وكانت دائرة البحث واسعة ممتدة إلى الريف.. إلى كل امرأة مختفية أو غائبة.. وبدأت تضيق لتشمل مدينة العمال بإمبابة فقط.

 

إذن هل هناك صلة بين صوت الاستغاثة والجثة المجهولة المحروقة؟.. كانت الجثة تبعد 300 متر عن المساكن بحي التحرير بإمبابة، ووصل لرجال المباحث أكثر من رواية كلها حول صيحة استغاثة سمعت ليلة الحادث قبيل الفجر، وبدأ رجال المباحث يتساءلون: هل المرأة القتيلة المحروقة من المنطقة أو غريبة عنها؟

 

هل الجناة من سكان المنطقة أم لا؟.. وتم استبعاد كون المرأة المجهولة من أهل المنطقة بعد أن تأكد عدم اختفاء أية ساكنة بالمنطقة، وتم استبعاد كذلك كون الجناة غرباء عن حي التحرير فلابد أن يكون لهم مسكن بالمنطقة ويتحركون بحرية بين المساكن ويتصرفون بجسارة فالقتيلة غريبة عن الحي ولكن الجناة ليسوا غرباء عنه.

 

الخوف مفتاح السر

 

كان هذا ما انتهى إليه البحث الجنائي على مدار 48 ساعة من ظهور الجثة، واستنتجوا أيضًا من «الثرثرة» أن هناك شهودا بالسمع أو بالعيان ولكن الخوف يمنعم من الادلاء بشهادتهم.. الخوف من الجناة وأقاربهم.

 

وتبين أن هؤلاء الشهود والجناة داخل دائرة سكنية واحدة.. يعرفون بعضهم بعضا، وإن الجناة بلطجية أو من معتادي الإجرام لخوف الشهود منهم، وكانت هناك محاولات لحث كل من يعرف شيئا أن يتكلم حماية لبنات ونساء المنطقة، ولكن لم يأت أحد الجميع أثروا الصمت خوفا، كانوا يثرثرون بعيدا عن الشرطة وكانت هذه الثرثرة تصل أحيانا لهم غامضة بلا شهود واعتمدوا في البحث عن المشتبه فيهم بالمنطقة.

 

اقرأ أيضًا| جريمة تاريخية بالمنوفية.. قتل زوجته لأنها رفضت النوم بجواره

 

وانتشر رجال الشرطة السرية يبحثون عن الأشباح القاتلة، وضاقت الدائرة فلم تعد بعد 72 ساعة أصواتا لأشباح.. شلة معروفة في حي التحرير بمدينة العمال تتعاطي المخدرات تثير القلق والفزع بين الأهالي حتى ساعة متأخرة من الليل.


شلة أشرار 

 

شلة تقف على إحدى نواصي الحي تتحلق حول بائع فاكهة متجول تدخن الحشيش وتشرب الخمر وتتعاطى أحيانا حبوب الهلوسة وتشبه أصواتهم الأصوات التي سمعت ليلا مع صرخة الاستغاثة.

 

وكان لهم ملف في المباحث كمشاغبين صدرت ضدهم أحكام مشاجرات وشغب وهم «بائع فاكهة - ميكانيكي- سباك»، وتتسم حياتهم بعدم الاستقرار، وقد كانت الخطة تعتمد في نجاحها على المباغتة للحصول على الاعتراف الكامل وعلى دقة تفاصيل تصور المباحث لارتكاب الجريمة وإيهام المتهمين بأن شهود العيان قد تكلموا.

 

ونجحت المباغتة وانهار الجناة وهم يسمعون تفاصيل ارتكاب الجريمة، وكان أحدهم قد وشى بهم وبعد 72 ساعة من ارتكابها اعترفوا اعترافا كاملا، واعترفوا أمام النيابة العامة بالتفصيل كذلك.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة