قناة السويس الجديدة
قناة السويس الجديدة


في الذكرى السابعة لافتتاح شريانها الجديد.. «قناة السويس» ممر خير للعالم

آخر ساعة

الإثنين، 08 أغسطس 2022 - 03:38 م

كتب: محمد ياسين

فى السادس من أغسطس عام 2015 دوّن المصريون سطرا جديدا فى تاريخ مصر، بافتتاح قناة السويس الجديدة التى كانت حلما تحقق خلال عام واحد فقط وسط ذهول العالم، تحدٍ خاضه المصريون تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وقَّع على وثيقة بدء حفر مشروع قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2014، وأعلن وقتها إقامة إقليم القناة الذى يضم محافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية وجعلها منطقة لوجيستية عالمية.

هذا الممر المائى العملاق هو أحد أذرع مصر القوية، الذى نحتفل فى هذه الأيام بمرور سبع سنوات على افتتاح قناته الجديدة التى باكتمال المنطقة اللوجيستية التابعة لها ستغيِّر وجه الحياة فى إقليم قناة السويس مع توفير ملايين من فرص العمل.

«آخرساعة» ناقشت خبراء عسكريين واقتصاديين بشأن مدى تأثر القناة بالحرب الروسية - الأوكرانية وتأثير جائحة كورونا فى العمل داخل القناة، بخلاف الفوائد الاقتصادية التى حققتها القناة لمصر، وكيف أصبحت المصدر الرئيسى للعملة الصعبة.

لواء الصادق: أصبحت مركزا صناعيا لوجيستيا عالميا

قاطرة للتنمية
اللواء أحمد الصادق، مدير الكلية البحرية الأسبق، يقول: لا بُد من الإشارة إلى أن مصر هى الدولة الوحيدة من ١٩٣ دولة فى العالم التى قامت بإنشاء قناة صناعية تم حفرها بأيدى أبنائها، وكان أول فأس فى الحفر فى ٢٥ أبريل عام ١٨٥٩ يوافق عيد تحرير سيناء ٢٥ أبريل ١٩٨٢.

ويضيف: القناة تعتبر شريانا حيويا هاما وقاطرة تنمية تدفع عجلة الاقتصاد القومى لتحويل مصر إلى مركز تجارى ولوجيستى عالمى، ورغم الأزمات العالمية المتلاحقة مثل جائحة كورونا والحرب «الروسية – الأوكرانية» وأزمة الصين وتايوان، فإن محور قناة السويس شهد طفرة نوعية غير مسبوقة، فقد تحولت قناة السويس من معبر تجارى ذى أهمية استراتيجية واقتصادية هائلة فى حركة التجارة العالمية إلى مركز صناعى لوجيستى عالمى للإمداد وتموين النقل والتجارة، وشهدت السنوات السبع الماضية سلسلة من المشروعات القومية فى إطار خطة التنمية الاقتصادية، التى غيرت معالم المنطقة على ضفتى المجرى الملاحى للقناة، ما شكَّل نقلة نوعية واستراتيجية شاملة فى ذلك الموقع الفريد بالنسبة للعالم، وبما يحظى به من أهمية واهتمام بالغ.

ولولا الجهد والدراسة والمتابعة المستمرة لحركة السفن والحمولات والتطوير العالمى فى أسلوب بناء السفن وما ترتب عليه من زيادة القدرة التصريفية للقناة لتصل إلى ٩٧ سفينة يوميا مقارنة بحوالى ٧٧ سفينة قبل افتتاح قناة السويس الجديدة، ويرجع الفضل للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أصدر تعليماته بالبدء فى حفر القناة الجديدة والاستمرار فى تعميق وتوسيع المنطقة الجنوبية، وتم الانتهاء من إنشاء القناة الجديدة فى زمن قياسى.

إقرأ أيضًا

أسامة ربيع: إزالة 500 مليون متر مكعب رمال خلال حفر قناة السويس الجديدة| فيديو

يتابع: جاءت أزمة سفينة «إيفرجرين» التى علِقت فى مجرى القناة قبل نحو عامين، وقد تعامل العاملون بالهيئة مع هذه المشكلة باحترافية ومهنية عالية ونجحوا فى إعادة تعويم السفينة بعد تعطل الملاحة لمدة ٦ أيام، وبعد أن أسدل الستار على تلك الأزمة التى تضاف للأزمات العالمية وحصول مصر على التعويض المناسب، قدّم الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، مقترحا أمام الرئيس السيسى بتوسعة وتعميق المنطقة الجنوبية لقناة السويس بطول ٣٠ كيلومترا، بالإضافة إلى عمل ازدواج جديد فى مجرى القناة بمنطقة البحيرات الصغرى بطول ١٠ كيلومترات وبدأ التنفيذ الفعلى فى المشروع، ومن المنتظر الانتهاء منه فى يونيو 2023 علاوة على توسيع ٤٠ مترا فى اتجاه الشرق مع تعميق المجرى الملاحى من ٦٦ قدما إلى ٧٢ قدما، تلك العملية ستحسن من عبور السفن.

ويضيف الصادق: لقياس الأداء بهيئة قناة السويس لا بُد من الرجوع للأرقام فهى خير دليل على أداء العاملين بتلك الهيئة محط أنظار العالم، فقد تجاوزت الهيئة الأرقام القياسية التى سجلتها من قبل، إذ حققت خلال الشهر الماضى أعلى إيراد شهرى فى تاريخها بالإضافة إلى أكبر حمولة صافية شهرية تصدرها ناقلات النفط والغاز الطبيعى المسال.

فقد حققت الهيئة خلال يوليو الماضى ٧٠٤ ملايين دولار، بالإضافة لتحقيق أكبر حمولة صافية شهريا بلغت نحو ١٢٥٫١ مليون طن، وقد صرح رئيس هيئة قناة السويس أن حركة الملاحة خلال يوليو الماضى شهدت عبور نحو ٢١٠٣ سفن فى الاتجاهين مقابل عبور ١٦٧٠ سفينة خلال المدة نفسها من العام الماضى بفارق ٤٣٣ سفينة بنسبة زيادة ٢٥٫٩٪.

أما عن عائد قناة السويس وهو الهدف النهائى من تلك الأعمال والبيانات، فقد سجل العائد فى يوليو الماضى ٧٠٤ ملايين دولار مقابل ٥٣١٫٨ مليون دولار خلال المدة نفسها من العام الماضى بفارق ١٧٢٫٢ مليون دولار وبنسبة زيادة قدرها ٣٢٫٤٪ علاوة على ذلك ارتفعت أعداد سفن النفط بنسبة ٦٠٫٢٪ محققة أعلى إيراد شهرى لناقلات النفط على الإطلاق بقيمة ١٥٣ مليون دولار، كما زادت أعداد ناقلات الغاز الطبيعى المسال بنسبة ٣١٪ محققة أعلى إيراد شهرى على مدار تاريخ القناة قدره ٥٢ مليون دولار.

لواء الهرميل: تؤدى دورها رغم الأزمة الاقتصادية العالمية

تسهيلات مصرية
اللواء بحرى حسين الهرميل، يقول إنه يتوجه بالشكر للرئيس السيسى والقيادة السياسية ولرجال هيئة قناة السويس والشــعب المصــرى وجمــــيع الجهات التى شاركت فى إنجاز هذا العمل العظيم مــــن حفــــر للقناة الجديدة التى قللت المخاطر البحرية فى القناة بنسبة 50% من خلال العمل فى ازدواج 37 كيلومترا من إجمالى 160 كيلو مترا فى مدة عام واحد الذى كان مخططا إنجازه فى ثلاث سنوات.

وأضاف الهرميل أن مصر دولة بحرية وموقعها الجغرافى يتحكم فى 13% من حركة الملاحة بالعالم، بالإضافة لحرص مصر على التعاون مع جميع الدول فى نقل تجارتها بسلام وأمان وأن ما حدث أثناء أزمة كورونا العالمية لم يؤثر فى العمل بالقناة، فقد قدمت التسهيلات والتخفيضات، ولم تستغل الأزمة برفع أسعار العبور، بل قدمت التسهيلات وأطقمًا من المرشدين البحريين الذين يصعدون على متون السفن لتسييرها مما قد يعرضهم للإصابة بالفيروس.

وعند اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية فإن القناة ظلت تؤدى دورها كما يجب، ورغم تأثر الاقتصاد العالمى جراء هذه الحرب زاد الإقبال على القناة ولم تغلق الملاحة فى وجه أىٍ من دول العالم.

لواء شهود: القناة دولية ومحايدة ولا نستطيع منع عبور أى سفينة

محور للتجارة العالمية
فيمــــا يقـــول اللواء ناجـى شـهود، مدير المخــــابرات الحـــربيــــة الأســــبق، المستشــار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن قناة السويس تربط شرق العالم بغربه، وهى محور انتقال التجارة العالمية، كما أن الملاحة بها لم تتوقف لأى صراعات أو حروب حول العالم إلا خلال حرب أكتوبر 1973، وذلك وفقا للقانون الدولى الذى ينص على أن من حق مصر أن توقف حركة الملاحة فى القناة إذا تعرضت لأى اعتداء خارجى، وفى حالات الحروب التى تكون مصر طرفا فيها، عدا ذلك لم تنحز القناة لأى طرف من أطراف الصراع، ورفضت كل المحاولات لوقف حركة الملاحة فى قناة السويس.

ويوضح شهود أن مصر حريصة على أن تكون القناة ممر خير للعالم كله حسب الاتفاقيات والمواثيق الدولية، فالحرب «الروسية - الأوكرانية» لم تؤثر فى حركة الملاحة، لأنها قناة عالمية محايدة لا تخضع للسياسات والحروب، ولا نستطيع منع أى سفينة من عبور القناة لأى ظرف سياسى، وهناك أحداث كثيرة رفضت فيها مصر أن تستخدم القناة سلاحًا ضد أى دولة، ولم تميّز بين طرف وآخر، بل واصلت التعامل مع قناة السويس باعتبارها ممرا مائيا مصريا يخدم العالم كله.

وفى حرب أكتوبر كانت مصر حريصة على ألا يؤدى فتح الثغرات فى الساتر الترابى بخط بارليف بتأثير الطمى المنهمر منها على الملاحة، وأن المياه ستجرف الطمى ولا يعوق حركة الملاحة مستقبلا، كما حرصت مصر بعد انتصار أكتوبر على تطهير القناة من الألغام وإعادة افتتاحها فى 5 يونيو 1975 أمام الملاحة العالمية مجددًا.

أبوبكر الديب: إيراداتها لم تتأثر بكورونا والحرب الأوكرانية

20 فائدة اقتصادية
اقتصاديًا، يقول أبوبكر الديب، مستشار المركز العربى للدراسات، الباحث فى العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي: إن قناة السويس الجديدة حققت 20 فائدة اقتصادية وسياسية لمصر ولحركة التجارة العالمية والاقتصاد العالمى عمومًا، أبرزها زيادة الدخل القومى والاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر، ومضاعفة حركة المرور اليومية للسفن، وإنعاش حركة التجارة الدولية، فقد ارتفعت إيراداتها خلال السنوات الماضية، لتسجل أعلى قيمة فى تاريخها خلال العام الحالى حيث وصلت لـ7 مليارات دولار بعد أن كانت فى العام المالى 2014- 2015 نحو 5.36 مليار دولار وهو عام افتتاح القناة الجديدة.

وأضاف أن من بين الفوائد ازدهار الاقتصاد الوطنى من خلال زيادة حجم الدخل التجارى للدولة، وتحوُّل منطقة قناة السويس لمركز اقتصادى يدعم مختلف القطاعات، حيث يتيح نحو مليون فرصة عمل إضافية، مشيرًا إلى أن القناة الجديدة حققت العبور المباشر دون توقف لـ45 سفينة فى الاتجاهين مع إمكانية عبور السفن حتى غاطس 66 قدما فى جميع أجزاء القناة.

وأوضح أن تكلفة حفر قناة السويس كانت 20 مليون جنيه إسترليني، ممولة عن طريق دول أوروبية، أما القناة الجديدة فتكلفت 64 مليار جنيه عن طريق الاكتتاب الشعبي، لافتًا إلى أن إنشاء قناة جديدة جاء لتعظيم الاستفادة وتحقيق أكبر إمكانية لتسيير السفن فى الاتجاهين بدون توقف بمناطق انتظار داخل القناة، وزيادة الدخل القومى من العملة الصعبة والاحتياطى النقدى الأجنبى فى البنك المركزى وتقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة، وقد أصبحت القناة أهم ممر مائى يجذب السفن من كل بلاد العالم.

ليس لها منافس
وأكد الديب أن قناة السويس يمر من خلالها ما بين 8 لـ 12% من إجمالى التجارة العالمية، ومن هنا فإن دول العالم خصوصًا التى لديها ارتباطات تجارية وحركة اقتصادية نشطة لا يمكن أن تستغنى عن هذا الممر المائى الحيوى، بالتالى أدرك العالم كله أهمية قناة السويس كشريان حيوى، إذ لا يوجد لها منافس كما أن أغلب مراكز الإنتاج على مستوى العالم موجودة فى الشرق الأقصى بدول مثل اليابان والصين وإندونسيا وماليزيا، ومراكز التوزيع والاستهلاك موجودة فى الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا، فأهمية القناة تأتى من كونها همزة الوصل بين مراكز الإنتاج والاستهلاك، وهى توفر 11 يوما أمام السفن المارة من الشرق الأقصى إلى أوروبا بالمقارنة بالخط الملاحى التقليدى (رأس الرجاء الصالح).

وأوضح أن المشروع أسهم فى تحقيق تنمية مستدامة وخلق مجتمعات عمرانية جديدة فى شرق بورسعيد والسخنة وخليج السويس، كما أنه سيضاعف المساحة المأهولة بالسكان فى مصر إلى 12% بدلا من 6%، كما يسهم المشروع فى تعظيم القدرات التنافسية للقناة وتميزها على القنوات المماثلة، ورفع درجة التصنيف العالمى للمجرى الملاحى نتيجة زيادة معدلات الأمان أثناء مرور السفن، وإنشاء بنية تحتية من طرق وكبارٍ ومحطات مياه ورصف طرق واتصالات وكهرباء ومدارس.

وأكد الديب اهتمام الدولة والقيادة السياسية بمنطقة قناة السويس وما تشمله من موانئ ومناطق صناعية، تعد أحد أذرع الدولة لتحقيق التنمية، وهى منطقة واعدة للتنمية فى مصر كما أنها من المشروعات القومية العملاقة، والسياسات التى اتبعها الرئيس السيسى حولت منطقة قناة السويس لمركز لوجستى عالمى فى حركة التجارة العالمية، مضيفا أن الهدف الرئيسى لإنشاء هيئة قناة السويس هو إقامة وتنمية المنطقة بأكملها لتعزيز الفرص الاستثمارية فى جميع القطاعات الاقتصادية بما فى ذلك الخدمات اللوجستية والصناعية وفقًا لأعلى المعايير العالمية، بجانب خلق بيئة أعمال مناسبة وتشجع المستثمرين الأجانب والمحليين لإنشاء شركات فى المنطقة للاستفادة من جميع المزايا والحوافز.

 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة