محمد درويش
محمد درويش


محمد درويش يكتب: شهداء الكنيسة بين ساويرس وبسطوروس

الأخبار

الإثنين، 15 أغسطس 2022 - 07:36 م

بقلم: محمد درويش

قد نعذر سيدة قريبة أحد الضحايا ولكن ما العذر الذى يمكن أن نلتمسه للمهندس نجيب وهو يلقى بنيران تويتاته على المجتمع بأسره ليشعل الحرائق دون سند من الحقيقة

منذ اللحظات الأولى لحريق كنيسة «أبو سيفين» بأرض المطار بإمبابة، وكل المواقع الإخبارية التى تواجدت فى مكان الحادث وأجرت لقاءات مع الأهالى سواء من السكان جيران مبنى الكنيسة أو من الشباب والرجال الذين قدموا نماذج عظيمة للإنسان المصرى وشهامته فى المحن والملمات،  وحتى صدور بيان وزارة الداخلية بعد المعاينة المبدئية لموقع الحريق أتفق مع شهود العيان فى أن حدوث ماس كهربائى كان السبب الوحيد فى اندلاع الحريق الذى أدى إلى هذا العدد الكبير من الضحايا، معظمهم مات مختنقا دون أن تلمسه نيران الحريق، كل ذلك لم يشفع لدى المهندس نجيب ساويرس لأن يقر بالأمر الواقع بأن الحادث قضاء وقدر وليس عملاً إرهابياً وراءه فاعل كما أشار فى تويتة له على موقع تويتر قائلاً: «لم أرد أن اكتب تعزية قبل أن أعرف تفاصيل الحادث لأننا فى صعيد مصر لا نقبل العزاء قبل أن نعرف التفاصيل وأن نعرف الفاعل! الله هو المنتقم وهو الذى سيأتى بحق الضحايا. عزائى لمصر كلها بكل المسلمين والمسيحيين.. لأن كل من يعبد الله حزين».

والمتابع لتويتات المهندس نجيب ساويرس على موقع تويتر يعرف مدى حرصه كل فترة على إلقاء قنبلة «تويتية» إن صح التوصيف ليشبع رغبته وهوايته فى ركوب التريند وأن يصبح كلامه مبعثاً للأخذ دون أن يفكر فى الرد على أحد ممن أخذتهم «التويتة» ورد على ساويرس.

وعادة ما تغيب الفطنة عن الباشمهندس فى العديد مما يتناوله على موقع تويتر، ولا يفكر فى رد الفعل وتأثير ما يكتب على السلام الاجتماعى عندما يثير فتنة تشعلل الدنيا وتلقى بمزيد من الوقود على البنزين لتندلع نار يجب أن تظل تحت الرماد فى مجتمع يسعى أهله للأمن والسلام وتكفيهم ضغوط الحياة وقسوة الظروف المعيشية لمعظمهم.

أراه متناقضا مع نفسه فى هذه التويتة حيث جعل من نفسه وصيا على أقباط مصر الأشقاء وليسوا الشركاء كما يصفهم البعض وبدلاً من أن يقول حتى تعلن التفاصيل أو يظهر الفاعل ـ إن كان هناك فاعل غير الماس الكهربائى - يقول حتى أعرف التفاصيل .

أراد ساويرس أن يذهب بنا بعيداً وينسب الحريق الى يد فاعل بقوله «حتى أعرف الفاعل» ولو افترضنا أن وراء الحريق فاعلا فلن يكون سوى عمل إرهابى كما حدث فى مسجد الروضة ببئر العبد وراح ضحيته أكثر من ثلاثمائة والإرهاب لا يقتصر فى بلدنا على طائفة دون أخرى، بل هى جرائم تدفع مصر كلها الثمن والعزاء يكون لمصر وطنا وشعباً وهو ما يتجلى بوضوح فى تعليقات الصفوة وأهل النخبة بل والبسطاء من رواد مواقع التواصل.

قد نعذر سيدة قريبة لعدد من الضحايا ظهرت على المواقع الإخبارية وهى تلمح بأن الحريق وراءه فاعل سيصفونه بالمجنون أو المعتوه، قد يكون لها عذرها فيما افترضته وندعو لها ولأهل الضحايا بأن يسبغ الله عليهم صبره وسلوانه، ولكن ما العذر الذى يمكن أن نلتمسه للمهندس نجيب وهو يلقى بنيران تويتاته على المجتمع بأسره ليشعل الحرائق دون سند من الحقيقة سوى من خياله وربما هذا ما يتمناه رغم وضوح الرؤية واليقين بأن الحادث قضاء وقدر.

مهندس ومهندس
وإذا كان ساويرس خريج الهندسة الذى دخل نهايات العقد السابع من عمره دلف بنا إلى هذا المنعطف بما سطره على تويتر، فهناك على النقيض مهندس خريج الفنية العسكرية الدفعة 14 ومهاجر حالياً فى الولايات المتحدة كان عقله الذى درس الهندسة سببا فى أن يسجل على صفحته على موقع «الفيس بوك» سطورا موضوعية ورصينة تضع يدنا على أصل الداء.. كتب المهندس مجدى بسطوروس على صفحته يقول:
عزائى لأسر الضحايا والمصريين جميعا وتمنياتى بالشفاء للمصابين وأود أن أوضح التالى:
ليس هذا الحادث هو الوحيد من سلسلة حرائق متتالية كان معظمها بسبب ماسات كهربائية «إهمال» ولكنه أعنفها جميعا لارتفاع عدد الضحايا.

- بكل بلدان العالم أكواد يلزم اتباعها فى المبانى  والتوصيلات المختلفة كهرباء - سباكة - حريق..الخ» ومن أهمها تواجد مخارج للطوارئ «أبواب» يسهل فتحها بالضغط عليها عند التدافع.

- نلاحظ جميعا عدم اتباع الكل لتعليمات الأمن والسلامة فى أعمالهم «أطباء أو مهندسين أو فنيين أو....» نتيجة عدم معرفة «قلة تعليم وتدريب» أو عدم توافر الأدوات والاستعاضة عنها بالفهلوة اختصارا للوقت والتكاليف ولا أحد يهتم إلا إذا وقع حادث ولمدة زمنية قصيرة.
لماذا لا تتواجد أجهزة إطفاء بجميع أماكن التجمعات «كنائس - مساجد مستشفيات - مدارس .. إلخ» وأذكر هنا أن طفايات الحريق بشركتى عندما كنت بمصر أنقذت محل أسماك بجوار مقر الشركة وأصبح الآن من أشهر سلاسل محلات الأسماك فى مصر.

ويختم المهندس مجدى بسطوروس سطوره قائلا: للأسف لن تنتهى هذه الأحداث والحوادث إلا بالاهتمام بالتعليم والتدريب الجيد للطلبة والفنيين بمراحل التعليم المختلفة  وبأماكن عملهم مع عدم التهاون أو التغاضى عن متطلبات الأمان لأى سبب، لأن تكلفة ذلك التغاضى والتهاون عالية وغالية.. وهل هناك ما هو أغلى من الأرواح.

لا أريد أن أستمع إلى من يردد الحذر لا يمنع قدراً لأنه بالرغم من صحة المقولة إلا أن الحذر يقلل كثيرا من الحوادث بينما عدم المعرفة والإهمال يزيد منها كثيرا أيضا.

انتهى كلام المهندس بسطوروس وأرجو أن تقارن بين اثنين من المهندسين فى عمر واحد تقريبا ونظرة كل منهما. أحدهما تحركه العواطف وحب الظهور والآخر تحركه الرصانة والموضوعية.

شجون جامعية
ابتكرت هذا العنوان ليكون مصاحبا لمقالات اثنين من كبار الكتاب الذين يثريان صفحات الرأى بالأخبار بمقالات لهما لايبغيان منها سوى الصالح العام من خلال عرض أفكار أو انتقادات  تساهم فى تصويب مسار التعليم الجامعى والبحث العلمى فى البلاد.

الأول هو د. حسام محمود فهمى أستاذ الحاسبات بهندسة عين شمس، والثانى هو د. أحمد عفيفى الاستاذ بعلوم القاهرة ومستشارنا الثقافى السابق فى المغرب الشقيق.. كل منهما أرسل مقاله كالمعتاد فى الشأن الجامعى ووجدتها فرصة أن أنشر أحدهما فى هذه اليوميات مع اليوم الثالث لتولى الدكتور أيمن عاشور مهامه كوزير للتعليم العالى والبحث العلمى فى التعديل الوزارى الأخير، نعم الوزير الجديد ليس بعيدا عن مجال وزارته ولكن قد يكون من المفيد أن يطالع أفكار زميل له قد يكون فيما يتناوله ولو قدر بسيط من تسليط الضوء على الحياة الجامعية والبحث العلمى فى بلادنا وإليكم مقال د.أحمد عفيفى المناسب للمساحة.

استعادة «الهيبة»
لقد بلغ السيل الزبى،ولم يعد أمام»استعادة هيبة العلم» وإنقاذه من الغرق فى مياه»الفساد الآسن»إلا الاعتراف بالكارثة وتعرية المناطق الفاسدة فى»أرضه».ولجعل»البحث العلمي»فى مأمن من هجمات السادة الفاسدين وتوفير»حصانته العلمية»،يجب إتباع حزمة من الإجراءات على رأسها إنشاء»مكتب النزاهة العلمية»بكل جامعة ومؤسسة أكاديمية لأداء مهام الرقابة بشقيها»السابقة»(تسجيل البحث)و»اللاحقة»(نشر البحث).

كذلك ينبغى توجيه النظر إلى تنمية العقل الناقد والقادرعلى إصدار أحكام منصفة مستقلة،حيث إن البحث العلمى فى الأصل عملية إبداعية تقوم على»العقل»(الذى يبتكرالحلول ويجدد الرؤى)وليس»النقل»(الذى يجمد الحال ويمنع المآل).فعلى الجامعات طرح برنامج أكاديمى متكامل حول علم»الثورة الذهنية»(مجموعة علوم مشتركة:الفلسفة-علم النفس-علم الأعصاب-اللغويات-الذكاء الاصطناعي)الذى لا يُدرس إلا فى جامعة»هارڤارد»ضمن حوالى 200 جامعة أخرى فى 35 دولة على مستوى العالم ليس من بينها دولة عربية واحدة.إنه«العلم»الذى يُعمق فهم«العقل»ويفك ألغازه ويحدد سماته كالتعددية والتكاملية والتحفيزية والإبداعية.

كما أن إنفاق جُل الجهد لـ«اعتماد المعامل البحثية»سيشد عصب «العلم» ويمده بأسباب الصمود وإعادة الاعتبار بعد أن أضاعه العابثون.فلا يعقل أن يُمول«البحث العلمي»من ميزانية الدولة دون التأكد من صلاحية المعامل وتكامل أجهزتها وبنيتها التحتية وسابقة أعمالها من إنتاج«الأبحاث»المرتبطة بخدمة المجتمع وحل مشاكله وإنجازالخطط البحثية للمؤسسة وبالتالى للدولة.كلها عناصر تمثل اشتراطات الحصول على«الاعتماد»المحلى والدولى من»هيئات ضمان الجودة والاعتماد»حفاظاً على كفاءتها العلمية واستمراراً لقدرتها التنافسية.وإظهاراً لعدالة الموقف،وعدم ترك «الحبل على الغارب» للأبحاث التى يندرج تمويلها تحت مسمى «خدمات الأبحاث» ،يُستلزم إخضاعها للرقابة والمتابعة وتقديم التقارير الدورية مثلما يحدث لتلك التابعة لبند»المشروعات البحثية» ،حيث إن المنتج النهائى لكلا المسارين هو«البحث المنشور»الذى يستهدف نيل«مكافأة النشر الدولى»..فالمموِل واحد والمستفيد واحد(الدولة).

وتجنباً لمخاطر تشويه «الحقائق» ،علينا الإسراع نحو صياغة توافق عام حول نصوص «ميثاق شرف» ،يتم إعداده من خلال حوار مثمر وبناء بين كافة الأطراف المعنية، لتحديد الإطار الأخلاقى لما هو مسموح وما هو محظور من ممارسات وسلوكيات مهنية فى التعليم والبحث العلمى طبقاً لمعايير الموضوعية والمصداقية والشفافية والمتابعة والمحاسبة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة