صورة موضوعية
صورة موضوعية


«رُج الزجاجة» واكتشف المغشوش.. «المياه المعبأة» تجارة رائجة فى موسم الصيف

آخر ساعة

الجمعة، 19 أغسطس 2022 - 09:24 م

كتبت: مروة أنور

 

وصل فصل الصيف إلى ذروته ومعه تصل درجات الحرارة إلى معدلات غير مسبوقة، ومع هذا الطقس وفى ظل ما يفرضه من ظروف تنشط تجارة الكثير من السلع والمواد الغذائية والمشروبات، ومن بينها تجارة «المياه المعدنية» التى أصبحت جزءًا أساسيًا من مبيعات محلات البقالة والسوبر ماركت، بل إنها أصبحت جزءًا من الأنشطة التجارية الموسمية للباعة الجائلين فى المتنزهات العامة والشواطئ وفى إشارات المرور ووسائل المواصلات كالقطارات.

يزيد الإقبال على المياه المعدنية ويزيد استهلاكها فتزيد تجارتها، وبالتالى أرباحها.. ما هى الحكاية؟! وهل هى فعلا «مياه معدنية»؟!.. وإذا لم تكن كذلك فكيف يتم معالجتها؟ وهل يوجد لها أضرار على صحة الإنسان؟

كل من يعمل فى هذا المجال سواء بالصناعة أو التجارة ومن قبل البحث العلمى أجمع على أنه لا يوجد فى مصر «مياه معدنية»، وما يُتداول هو مياه نقية أو مياه جوفية، والمياه النقية هى مياه الشرب العادية لكنها «مفلترة» أى أنها منقاة ومرشحة ومطهرة لدرجة عالية من الجودة.

والمياه الجوفية هى التى تُستخرج من على عمق أكثر من 70 مترًا، وما دون ذلك لا يطلق عليها مياه جوفية إنما يطلق عليها مياه نقية، ومعظم أنواع المياه الموجودة بالأسواق هى مياه نقية باستثناء مياه كفر الأربعين بمحافظة القليوبية، وكذلك التى تُستخرج من مياه واحة سيوة الجوفية، أما باقى المياه فجميعها جوفية غير عميقة مرشحة من مياه النيل بالدلتا.

مسئول سابق فى المصانع والشركات الخاصة بتعبئة المياه، أكد أن تكلفة تعبئة عبوة المياه المعدنية لا تتجاوز ٦٠ إلى ٧٥ قرشًا، وباقى التكلفة يذهب إلى تسويق وبيع العبوة ونقلها.

نقطة أخرى شديدة الأهمية وتتجاوز مرحلة مجرد التجارة فى مجال تجارة المياه المعدنية، حيث يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور ناصر محمد: موجة التضخم العالمية وتبعاتها الإقليمية والمحلية كان لها تأثيرات ممتدة، وبدأت تسهم فى تغيير أساليب وطرق البيع والشراء، وحركة التجارة الداخلية، وعمليات البيع بالتجزئة أو الجملة، وأتصوَّر أن المستقبل القريب سيكون لتلك الأخيرة، ومنها محاولة المستهلكين التخلص من سلسلة الوسطاء الطويلة، التى تمر بها السلع والخدمات، والاتجاه المباشر إلى المنتج الرئيسى، الذى بات منافساً قوياً وبإمكانه ممارسة دور تاجر التجزئة.

إقرأ أيضًا

الري تبدأ تنفيذ خطة تنمية «سيوة».. تنظيم قطاع المياه الجوفية بالواحة

وفى الوقت الراهن، بدأت الشركات المختصة فى بيع المياه المعدنية ممارسة دور تجار التجزئة، اعتمادًا على التطور التكنولوجى والتطبيقات المنتشرة على الهواتف الذكية، التى يمكن للمستهلك من خلالها الحصول على السلعة أو الخدمة بتكلفة أقل 20% عن تاجر التجزئة، الذى كان يتعامل معه قبل سنوات، فتجار التجزئة يبيعون «كرتونة» المياه المعدنية سعة 1.5 لتر، مقابل 55 جنيهًا تقريبًا، فى حين أن الشركة المنتجة لهذه المياه تبيعها مقابل 45 جنيهًا فقط، دون مصاريف شحن أو خدمة توصيل للمنازل كما يفعل التاجر الصغير.

يقول الدكتور محمد رجائى، أستاذ تلوث المياه بالمركز القومى للبحوث: المياه المعبأة فى مصر ناتجه من الآبار الجوفية، لكن من كثرة تعدد الشركات والاستهلاك أصبحت الآبار مهدرة، ومن أكثر الآبار تميزًا آبار مدينة السادات، ووزارة الصحة هى المسئولة عن تخصيص الآبار والرقابة عليها وتحديد ما إذا كانت تصلح لتعبئة المياه أم لا، ويتم معالجتها، ولذا هى أفضل من مياه الصنبور لدى البعض باعتبارها تمر بدرجات معالجة ورقابة أفضل بكثير من الأولى، وتحتوى على معادن لدرجة أن المواطنين فى القرى والنجوع يظنون أنها موصوفة للمرضى فقط!

لكن الحقيقة هى أنها مياه يتم استخرجها من الآبار، ثم يتم معالجتها وتنقيتها وتقديمها للجمهور، ومن المعروف أن الأسرة تستهلك من 6 إلى 8 لترات يوميا أى بقيمة 700 جنيه شهريًا، لذلك لو عقدنا المقارنة بين مياه الصنبور والمعبأة سنجد أنه يمكن تعقيم مياه الصنبور عن طريق الغلى أو الفلتر وستكون أفضل بكثير من المياه المعبأة التى يدور حولها جدل كبير ما بين مخاطرها وفوائدها الصحية، ويتم وضعها فى الدول المتقدمة كنوع من أنواع التغذية لما يتوافر بها من معادن وأملاح ولذا لا يمكن الإفراط فى استخدامها، فالزائد بالشيء كالناقص به، وممنوع استخدام الكلور فى تنقيتها ومعالجتها بل يتم معالجتها عن طريق الأوزون، وهى تحتوى على عناصر الحديد والمنجنيز. والجدير بالذكر أن المياه المعدنية غير موجودة فى مصر وبعض الشركات الآن اتجهت لتصنيعها والعمل على تصديرها للخارج. والاستهلاك المفرط للمياه المعدنية يمكن أن يسبب مشكلات صحية، فيمكن أن يؤدى لانخفاض غير طبيعى فى درجة حرارة الجسم، كما يؤدى لتليف الكبد وضغط الدم.

لا توجد فى مصر مياه معدنية.. المتاح «مياه نقية» مفلترة

مواصفات قياسية
من جانبه، يقول الدكتور أحمد توفيق إبراهيم، أستاذ بحوث تلوث المياه بالمركز القومى للبحوث: لا يوجد ما يسمى بالمياه المعدنية فى مصر، فهذا الأمر يحتاج لمواصفات محددة مثل توافر عنصر الأملاح بجانب الكالسيوم والماغنسيوم، وهذا غير متوفر لدينا إلا فى نطاق محدود، والمياه الموجودة بمصر عبارة عن مياه طبيعية يتم استخراجها من باطن الأرض من الآبار الجوفية، ثم يتم معالجتها لوجود نسبة مرتفعة من الحديد والمنجنيز بها، وبعد ذلك يتم التأكد من عدم وجود أى ملوثات ميكروبيولوجية ناجمة عن الكائنات الحية الدقيقة، وهو عنصر هام يحدد مدى صلاحية استخراج المياه من البئر الجوفية، ويتم إزالة الأملاح الزائدة فى المياه الجوفية لتكون وفق النسب الطبيعية، وهو ما يتم توضيحه على الشريط الخارجى للعبوة البلاستيكية للمياه المعبأة.

ومن الشروط التى تضعها وزارة الصحة لسلامة المياه المعبأة أن تكون البئر المستخرجة منها المياه ينطبق عليها الشروط، كما تضع وزارة الصحة شروطًا للزحاجات المعبأة بها المياه، بحيث تكون مهيأة للتعامل مع الأوزون وليس الكلور، لذا إذا تم وضع مياه الصنبور بزجاجات المياه المعبأه تبدأ المادة البلاستيكية المصنوعة فى التفاعل معها وتنتج مواد سامة.

وينصح بضرورة قيام الجهات المعنية بتكثيف مراقبة المصانع المنتجة لهذه المياه والأماكن والآبار المستخرجة منها، وعمل خريطة للمياه الجوفية والرقابة عليها حتى لا يتم الاستنزاف الجائر لها والمحافظة عليها من التلوث وتعويضها من الدورة المائية الطبيعية عن طريق الأمطار.

نفس الأمر تؤكده الدكتورة إيمان راشد، المدير الأسبق للمركز القومى للسموم، حيث تقول: لا توجد مياه معدنية فى مصر، وإنما الموجودة هى مياه مستخرجة من باطن الأرض وتُعالَج، ولذا يطلق عليها «مياه معبأة». أما المخاطر فهى كثيرة لأن بها نسبة معينة من الصوديوم، ما يسبب ارتفاعا فى ضغط الدم لمرضى الضغط المرتفع، ويمكن أن تسبب حصوات لمرضى الكُلى، لذا استخدام المياه المعبأة لابد أن يتم بشكل محدود وعند الضرورة حتى لا يسبب أضرارًا صحية بالغة.

اكتشاف المغشوش
ويتفــق معهـــا فـــى الرأى الدكتور حســام قــــنديل، استشارى القلـــب قـــائلاً: الميـــاه المعدنيــــة لهـــا مخاطر كــبيرة علـــى مرضــــى الضــغـط المرتفـــع، فأغلب أنواع المياه المعدنية يحتوى على نسبة كبيرة من الصوديوم الذى يضر بصحة مرضى ضغط الدم المرتفع، بالتالى يُفضل عدم الانتظام على الارتواء منها، لأن تناولها يوميًا يمكن أن يُحدِّث خللًا فى استقلاب الماء والملح فى الجسم، بسبب احتوائها على الأملاح الذائبة، من ثم يحدث التشبع وتبدأ الأضرار فى الظهور مثل ارتفاع ضغط الدم وتكوُّن الحصوات الرملية فى الكُلى، لذا فهى محظورة بالنسبة لمرضى الكلى، ويمكن الاستغناء عنها والاعتماد على مياه الفلتر أو مياه الصنبور العادية بعد غليها.

ولكنها على الجانب الآخر مفيدة للأطفال والكبار غير المصابين بأمراض مزمنة، ويمكن شرب 200 مل من المياه المعدنية التى يتوافر فيها الماغنسيوم يوميًا، لأن مياه الشرب العادية لا تحتوى على ما يكفى من هذا المعدن.

الفقاقيع طريقة سهلة للتفرقة بينها وبين مياه الصنبور

فيما يقول المسئولون بقطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين والتجارة الداخلية، إنه يتم بذل الكثير من الجهد للرقابة على الأسواق لمنع تداول عبوات المياه المغشوشة للمستهلكين، وهناك طريقة سهلة لمعرفة المياه المغشوشة، فالمياه المعدنية لا يترتب على رجها حدوث فقاعات بعكس مياه الصنابير، مؤكدًا أن زجاجة المياه المعدنية لا تُعبأ بالكامل حتى فتحة الزجاجة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة