محمود الوردانى
محمود الوردانى


كتابة

محمود الورداني يكتب: بحثاً عن الشمس المشرقة «2 - 2»

أخبار الأدب

السبت، 20 أغسطس 2022 - 08:48 م

محمود الوردانى

 ربما كان من بين أهم إنجازات « بلاد الشمس المشرقة» نجاحها فى صياغة وتشكيل وبناء رواياتها القصيرة الأربع داخل العمل ككل. نعم الخباز، على سبيل المثال نصحبها منذ طفولتها الباكرة فى عمل روائى مستقل، وفى الوقت نفسه مرتبط ببقية الروايات ، منذ تعمل خادمة عند «السيدة ذات الأوجاع»، وحتى تُلقى بها المقادير فى ظروف غامضة فى أمريكا لتواصل مكابداتها.

 تتزوج نعم أو تصطاد رجلا يفرّ منها ويترك لها طفلين يهرب أحدهما وينتحر الآخر..ولأن الحياة تمضي، فإن نعم تواصل حياتها، تنظّف بيوت السادة بعد أن نجحت فى الحصول على سيارة صغيرة من إحدى الجهات المانحة، وفى الوقت نفسه تنصب شباكها حول سليم النجار علّها تفوز به.


وتربط بها وتلتحم رواية أحمد الوكيل وسيرته وسيرة عائلته وقريته والنساء اللائى فشلن فى إغوائه، حتى يقع فى نهاية الأمر فى شباك نعم الخباز، ولكن فى أقصى بقاع الأرض فى بلاد الشمس المشرقة.
أما نجوى فإن الطحاوى تحكى روايتها منذ طفولتها أيضا. نحن نتعرف على أبيها وعائلته وأمها وعائلتها كذلك، وتذهب بنا إلى الجامعة التى تلتحق بها، وتخرجها وعملها كمعيدة لدى أستاذ هوايته بل وحياته اصطحاب طالباته إلى خلوته، فيما عدا نجوى فقط، فهى لاتملك أى مؤهلات للهنك والرنك، وتكون مكافأتها الوحيدة  الحصول على منحة دراسية لأسوأ مكان فى العالم لكنه فى أمريكا حيث الثلج طوال العام والعزلة التى تقترب من الموت.. يلاحقها الفشل تلو الفشل، حتى تنجح فى نهاية الأمر فى الحصول على زوج صورى يشترط حصوله على مبلغ محدد نظير زواجه ومنحها الإقامة، كما يشترط أيضا أن تغرب عن وجهه فورا، وتشدّ هى الرحال إلى بلاد الشمس المشرقة، حيث لاتحقق أى نجاح أيضا.
وعلى الرغم من أن سليم النجار يظهر قرب النهاية، إلا أنه - وحده- يشكل رواية أيضا. فلا أحد يعلم أصله من فصله ومن أى أرض جاء.

سليم أردنى وفلسطينى ومقاتل فى جنوب لبنان ومصرى هارب. فهو يحكى كل هذه الحكايات عن نفسه، ويذكر أن السبب الوحيد لهروبه من حياته السابقة رغبته فى التفرغ للكتابة، هوفنان وكاتب ومفكر ويحتاج للتفرغ، فيعمل بوابا وحارسا لأحد العقارت، ويتنقل بين أحضان النساء، ويهرول وراء امرأة عراقية من سكان القصور أعلى الشمس المشرقة.


وأخيرا هناك رواية أسرة حقا وتخطف القلب . حكاية ميمى دونج الفتاة الساحرة السمراء، التى تم إنقاذها من الذبح على يد إحدى القبائل فى جنوب السودان، وحطّت رحالها من خلال مراكز الإيواء فى الشمس المشرقة. مهنتها الوحيدة بعد البلوغ  بيع بويضاتها لأحد المراكز الطبية، وممارسة الحنان مع من يحتاج من الشباب. كشف آخر سطور الرواية عن سر اختفائها المفاجئ، وتكتب الطحاوى فى السطر الأخير» لم ينتبه أحد لخبر العثور على جثة ميمى دونج إلى جوار عدد من جثث كلاب البحر النافقة فوق رمال الخليج»


حاولتُ فى السطور السابقة أن أشير إلى هذا العالم المترامى الذى أحكمت الطحاوى السيطرة عليه، والأهم أنها صاغت وضفرّت أكثر من رواية معا. وكان مهما أن تتحرر لغتها أيضا، وأن تمارس السخرية القاسية، وتتجرأ على مغادرة   لغتها فى أعمالها السابقة نحو آفاق أكثر رحابة.
وأخيرا .. كتّر خيرك ياميرال على كل هذه المتعة فى عمل ساحر حقا..


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة