صورة موضوعية
صورة موضوعية


دمــوع «الأراجــوز»!

آخر ساعة

الخميس، 25 أغسطس 2022 - 10:13 م

كتب: عصام عطية

وسط محاولات البعض العبث بالأراجوز شكلا وتاريخا ومصطلحا، اختتمت فعاليات مهرجان الأراجوز فى دورته الثالثة.
أصبحنا اليوم نرى عروساً بلاستيك بدون شارب على بوسترات رسمية بما يشكل رواية مزيفة لشكل الأراجوز، الذى يجب أن يصنع من الخشب بملامح رجولية، إضافة لادعاء البعض تاريخا ليس بالحقيقى أو انتحال روايات وتزييف أخرى بما يجعلنا نبكى الحال الذى وصل إليه «الأراجوز».
مهرجان الأراجوز الذى نظمته فرقة «ومضة» لخيال الظل والأراجوز، وبالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، وأقيم خلال الفترة من 15 وحتى 17 أغسطس الجارى فى بيت السنارى الأثرى بالسيدة زينب، يحكى تاريخ الأراجوز الحقيقى وليس المزيف.

شهد المهرجان على مدار فعالياته إقبالاً كبيراً من الجمهور، خاصة الأطفال والذين أظهروا تفاعلاً كبيرا مع فقرات و«نمر الأراجوز» المضحكة والمفيدة أيضاً، وجاءت الندوة الختامية بعنوان «الأراجوز والفنون البصرية» والتى تعرض فيها الدكتور إبراهيم سلام لأثر الأراجوز على الفن التشكيلى والسينما، متناولا  استلهام بعض الفنانين له فى أعمالهم التشكيلية والسينمائية.

د.نبيل بهجت: الرواة المزيفون خطر على التراث الشعبى

يقول الدكتور نبيل بهجت مؤسس ومدير المهرجان فى نسخته الثالثة، والتى حملت عنوان «الكنوز البشرية الحية وأسلوب تكوين الكنز البشري»، أن هناك فروقاً بين الراوى الأصيل والراوى المزيف، وأنه بعد تسجيل أى عنصر شعبى على القوائم العالمية اليونيسكو يتسارع إليه باحثو الشهرة وملتقطو الأضواء السريعة ويمثل هذا النوع خطراً حقيقيا على العنصر الشعبى بما يقدمونه من معلومات ومصطلحات وتاريخ وروايات مزيفة عن العنصر يروجون لها فى بعض وسائل الإعلام ويخدعون بها من ليس له خبرة بتلك الفنون.

اقرأ أيضًا

مسرحية «مملكة الأراجوز» حفلتان يوميًا بكفر شكر

وأوضح بهجت، أنه عند التعامل مع التراث يجب أن نفرق بين مستويات الاستعادة التى نلتزم فيها بالعرض التراثى بحذافيره والتوظيف والاستلهام الذى يتيح للفنان حرية التصرف، مؤكداً أنه يجب الحفاظ على حقوق الكنوز البشرية من حملة هذا العنصر فالاستعادة خلاف التوظيف والاستلهام.

ووقف الدكتور بهجت حول «نظرية التصميم الفطري» شارحا الوعى بالخطوط العامة فيها والانضباط التلقائى داخل الأعمال الفطرية التى ينتمى إليها الأراجوز وهو بخلاف الانضباط الهندسي، قائلاً إن التلقائية تتيح حرية فى التنفيذ والتعبير مع الالتزام بالثوابت العامة، وفى حالة الفنون الشعبية، علينا أن نلتزم بالخامات الأصيلة فى حالة إعادة التراث واستبدال الخامات الأصيلة بأخرى مستحدثه كالبلاستيك هو تزييف للتراث وانحراف عن مساره.

أضاف: «كذلك فإن إعادة البعض لأشكال الدمى التراثية من خلال الوعى الهندسى يكشف عن نقص الخبرة فى فهم نظرية التصميم والتلقى التى تأسس عليها الفن الشعبي»، مشيدًا بتجربة الفنان التشكيلى «حلمى التوني» التشكيلية وكيفية توظيفه لمفردات من التراث منها الأراجوز داخل لوحاته، مشيرا إلى تجربة فيلم الأراجوز وغيرها من الأفلام التى تناولت الأراجوز بالعرض كأحد تجليات الأراجوز فى الفنون البصرية المختلفة وتحدث أن استلهام التراث يتطلب دراسة واعية للعنصر المستلهم وأشار لعدد من الفنانين الذين خصصوا عددا من أعمالهم لاستلهام الأراجوز.  

وقدم المهرجان، شهادة لخمسة من لاعبى الأراجوز، والذين يعتبرون من الكوادر البشرية وكنوزها فى فن الأراجوز وهم الفنان صبرى سعد متولى الشهير بصابر شيكو، والفنان على أبو زيد سليمان، والفنان مصطفى عبد العزيز الصباغ، والفنان محمود سيد حنفي،  والفنان صلاح بهجت.

عم صابر شيكو: ولدت تحت خشبة مسرح الأراجوز

عم صابر شيكو، قال إنه ولد تحت خشبة مسرح الأراجوز، فكان والده أحد أهم لاعبى خيال الظل ولاعبى الأراجوز والذى ورث عنه لفن الأراجوز، قائلا: «ولدت بأحد الموالد تحت المسرح، وكبرت وأنا أرى والدى بيروح من مولد للتانى وكنت طبعاً بروح معاه شفته بيلعب بالخيال برضه واتعلمت أنا كمان شغل الخيال والأراجوز والمزيكا بدق على الطبلة يعنى علشان كدا لما الدنيا كانت بتقفل كنت اشتعل مع بتوع حسب الله شفت عم أحمد الكومى واشتغلت فى الخيال مع حسن خنوفه كنا بنقعد فى شارع محمد على كان الشغل زمان بيجى عليه».

وحكى الفنان على أبو زيد سليمان عن تجربته مع الفنون الشعبية وكيف تلقاه وعايش اللاعبين الشعبيين قائلا:» لم تكن تجربتى مع خيال الظل تجربة فنية بقدر ما كانت تجربة إنسانية ووطنية تشعرنى بالانتماء إلى وطن يمتلك من التاريخ والثقافة، وشعب مبدع بالفطرة منذ بداية الخليقة، وهذا ما فتح لنا أبواب العالم على مصراعيه لاستقبال هذا الفن بحفاوة شديدة جعلت الاستمرار فيه واجبًا، لخيال الظل سحره الخاص يشعرنى أننى أمتلك مفاتيح عالم لا يعلم الكثير عنه أنه حالة من الإبهار والدهشة نراها فى أعين الجمهور بمجرد إضاءة الشاشة وظهور المناظر».

وتطرق الفنان محمود سيد حنفي، إلى كيفية تعلمه الفنون وتكوينه ككنز بشري، قائلاً: «يعتبر انضمامى لفرقة ومضة لعروض خيال الظل والأراجوز، والتى قام بتأسيسها الدكتور نبيل بهجت للحفاظ على هذه الفنون التراثية من الاندثار مساراً هاماً فى حياتي، حيث فتح بابًا للشغف الذى لا ينتهى شغف تأصل فىّ منذ الصغر دون أن أشعر عندما كنت أتابع عروض مولد السيدة زينب فأنا أحد أبناء هذا الحى المفعم بكل ما هو مصري، وكانت هذه الفنون أهم ما يقدم، وأنتظر من العام للعام من خلال المولد وهو ما دفعنى لدراسة التمثيل والإخراج بجامعة حلوان، وكانت ورش وعروض فرقة ومضة باباً للدخول إلى عوالم الفرقة التى ساعدتنى على تجاوز صعوبات عالم الدمى».

وأعقبه الفنان صلاح بهجت عن كونه أحد  الكنوز البشرية فى عالم الأراجوز وخيال الظل ومصاحبته للاعبين الشعبيين على مدار عشرين عاماً قائلاً: «أول ما يدرك الإنسان من ذاته هو ظله ذلك الآخر المطروح منه فالظل عالم وسحر وحياة، بدأت علاقتى مع خيال الظل منذ بداية فرقة ومضة وعروضها التجريبية فى الأزقة والحارات ثم من خلال ورش التكوين المتعاقبة التى كونت كوادرها- على مر الأجيال- حتى صارت على ما هى عليه، بدأت ومضة حلماً لمؤسسها يؤكد أن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا، وانطلقت كمدرسة تفتح الباب لكل من أراد أن يتقن فن الأراجوز».

ضرورة تدريس الفنون الشعبية فى الجامعات

فى الختام ألقى الدكتور نبيل بهجت عدداً من التوصيات التى توصلت إليها حلقات النقاش المختلفة وذلك على النحو الآتى أولاً: ضرورة تدريس فلسفة واستراتيجيات الفنون الشعبية كمقرر أساسى فى الكليات والمعاهد المهتمة بالتمثيل والفنون الشعبية، ثانياً: التنبيه على خطورة الخلط بين مصطلحات التوظيف والاستلهام والاستعادة والتأكيد معنى وعمل كل من تلك المصطلحات حال التعامل مع التراث وتقديمه، ثالثا: ضرورة العمل على خلق كنوز بشرية جديدة بمنطق الأسطى والصبى الذى يعتمد على نظام المعايشة التى تمتد لعقود لصناعة الكنز البشري، رابعاً: التأكيد على خطر الرواة المزيفين على فن الأراجوز والتراث الشعبى بشكل عام وضرورة الوعى بالفرق بين الراوى الأصلى الكنز البشرى والراوى المزيف،  خامساً: دعوة شركات الإنتاج وصناع المحتوى للاستثمار فى الأراجوز وغيره من الفنون الشعبية،  سادسا: فتح أفق الشركات العالمية والإقليمية مع الفنون المماثلة للأراجوز فى مختلف دول العالم.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة