(TSMC) التايوانية أكبر شركة لتصنيع الرقائق فى العالم
(TSMC) التايوانية أكبر شركة لتصنيع الرقائق فى العالم


بعد إقرار بايدن قانون الرقائق الأمريكي.. واشنطن تنتهك قوانين التجارة الدولية

آخر ساعة

الجمعة، 26 أغسطس 2022 - 07:19 م

كتبت: دينا توفيق

ارتباك عالمى فى سلاسل التوريد تارة بسبب جائحة كوفيد-19 والإغلاق الكامل الذى أحكم قبضته على الاقتصاد عالميًا، وتارة أخرى بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والآن تهديد جديد مع تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة مع إصدار الأخيرة قانون الرقائق والعلوم، الذى ينص على إعادة تصنيع أشباه الموصلات إليها وتقديم حوافز لصانعيها وإجبارهم على الانحياز إلى طرف دون الآخر؛ خاصة الشركات ذات الصلة فى الصين، ما يشوه سلاسل التوريد العالمية لهذا القطاع وتعطيل التجارة الدولية. الجميع فى حالة ترقب لما يحدث من ارتفاع فى الأسعار العالمية.. والأمر يمكن أن يزداد سوءا، إذ لم يكن هناك محاولات لاحتواء الأزمة من قبل منظمة التجارة العالمية، ولكن هل سينصت مسئولوها إلى اعتراض بكين والنظر إلى القانون الأمريكى الجديد؟

يضم بنودا تمييزية ويخلق ساحة منافسة غير عادلة

أثارت زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكى «نانسى بيلوسى» إلى العاصمة التايوانية تايبيه، غضب الصين ودفعها لإطلاق الصواريخ بالقرب من تايوان، ما أدى إلى تعطيل طرق الإمداد لعدة أيام، وكان جرس إنذار للعالم لما قد يحدث للتجارة العالمية إذا اندلع صراع حقيقى فى مضيق تايوان، الوضع أكثر من مجرد تصعيد جيوسياسى فى جزء من العالم، لأنه إذا استمر هذا التصعيد، سترتفع أسعار جميع الأجهزة الإلكترونية بالإضافة إلى سلع هامة أخرى، لم يقتصر أثر النقص فى الرقائق العالمية منذ بداية وباء كورونا على الإلكترونيات وحدها بل طال 169 صناعة مثل إنتاج الصلب والخرسانة وحتى الصابون، وفقًا لتحليل مؤسسة «جولدمـــــان ســـاكـــس» الأمــريكية للخـدمات مالية والاستثمارية، فيما يؤكد تقرير صادر عن شركة Counterpoint لأبحاث السوق التكنولوجــية، أن ما يقــرب مــن 90% من العلامـــات التجـاريــة للهـــواتف الذكــية قد تأثرت بسبب النقص العالمى فى الرقائق، فى عام 2021، تم توفير 70% فقط من المكونات المطلوبة لمصنعى الهواتف المحمولة، من المتوقع أن تصل صناعة أشباه الموصلات المستخدمة فى الهواتف الذكية فقط عالميًا إلى أكثر من 80 مليار دولار بحلول نهاية عام 2027، فيما قد تصل الحصة السوقية لهذه الرقائق فى السيارات إلى 115 مليار دولار بحلول عام 2030 بعد أن كانت 43 مليار دولار عام 2021.

وفقًا للمصادر تحمل السفن التى تغادر تايوان شحنات ثمينة لسلسلة التوريد العالمية لأشـــباه الموصـــلات أو الرقــــائـق الدقـيـقـــة، المستخدمــة فــى الإلكترونيات الاستهلاكية والعسكرية الحديثة، من أجهزة iPhone إلى السيارات والأجهزة المنزلية إلى الصواريخ.

ولطـالما هيمنت تايوان على إنتاج الرقائق الأكــثر تقــدمًا فــى العــالم، ما يعــنى أن أى انقطاع فى سلسلة التوريد لهذه السلعة المهمة من شأنه أن يرسل موجات من الصدمة عبر الاقتصاد العالمى.

اقرأ أيضًا

واشنطن تخفض حصص المياه لبعض الولايات وللمكسيك بسبب الجفاف

فى الآونة الأخيرة، أقر الكونجرس مشروع القانون الذى وقعه الرئيس الأمريكى «جو بايدن» لتخصيص 52٫7 مليار دولار لأبحاث وإنتاج أشباه الموصلات فى الولايات المتحدة، سيتم توجيه 39 مليار دولار نحو تقديم المساعدة المالية للشركات التى تتطلع إلى بناء مصنع؛ وجعل البلاد أكثر قدرة على منافسة الصين، مع جهود الأخيرة فى مجال العلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن يتم تخصيص 11 مليار دولار للبحث والتطوير، كما ينص القانون الجديد صراحة على أن الشركات التى تتلقى دعما من الولايات المتحدة لا يمكنها بناء مصانع رقائق متقدمة فى الصين.

وفى الوقت الحالى، يتم تصنيع 75% من الرقائق فى العالم فى شرق آسيا، وتتركز حول تايوان وكوريا الجنوبية والصين، تهدف الولايات المتحدة إلى إعادة دعم هذه الصناعة إليها، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، لذا كان أحد جوانب رحلة بيلوسى إلى تايوان والتى تم تجاهلها إلى حد كبير هو اجتماعها مع رئيس شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC) «مارك لوى».

تزامنت رحلتها مع جهود أمريكية لإقناع TSMC، أكبر شركة لتصنيع الرقائق فى العالم، لتأسيس قاعدة تصنيع فى الولايات المتحدة والتوقف عن تصنيع رقائق متقدمة للشركات الصينية، وخلال عام 2020، أنتجت الشركة 63% من المعروض العالمى من أشباه الموصلات، وفى إحدى علامات هيمنتها على السوق، قدمت 92% من الرقائق الأكثر تقدمًا عام 2019.

فيما عارضت وزارة التجارة الصينية بشدة القانون الأمريكى، الذى يأتى مع فقرات تمييزية وينتهك قوانين السوق والقواعد الاقتصادية والتجارية الدولية، مؤكدة على أن ما تفعله واشنطن هو تحرك مقصود تجاه بكين، فإن محتوى القانون يظهر اتجاهًا واضحًا لتضييق الخناق على صناعة الرقائق فى الصين؛ حيث تقيد بعض هذه البنود الأنشطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية العادية للشركات ذات الصلة فى بكين، وفقًا لصحيفة «جلوبال تايمز» الصينية.

 

ومن ناحية أخرى، أثارت محاولة الولايات المتحدة لرسم «دائرة صغيرة» فى قطاع أشباه الموصلات العالمية مخاوف واسعة النطاق بين اللاعبين فى الصناعة، حيث أعرب الكثيرون عن معارضتهم القوية للقانون الأمريكى، الذى ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية ويتعارض مع مبدأ المنافسة العادلة وفقًا لصحيفة «جنوب الصين الصباحية».

الصين تنتقده وتعتبره انتهاكًا لقوانين التجارة العالمية

وتنص منظمة التجارة العالمية على أن تمييز مؤسسات الدول الأعضاء تنتهك مبدأ منظمة التجارة العالمية الخاص بالمعاملة الوطنية، حيث يوفر «قانون الرقائق» الإعانات الصناعية للشركات، وهو ما ينتهك مبادئ المنظمة الخاصة بعدم التمييز، إذا كان هناك تأثير حقيقى على الشركات الصينية، فيحق للصين مقاضاة الولايات المتحدة فى منظمة التجارة العالمية، أو فرض رسوم تعويضية على الرقائق الأمريكية، كما ستؤدى السياسات الصناعية الحمائية الأمريكية أيضًا إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية الهشة بالفعل، مما يزيد من تفاقم نقص الرقائق العالمية ومن ثم التضخم.

وتنتهـــك الـولايــــات المتـحــــــدة القــــوانين الاقتصادية وتفصـــل الصـــين بالقــوة، مما سيلحق الضرر بحصة السوق لشركات أشباه الموصـــلات الأمريكــية فى الصـــين والعالم، ويضعف قدراتها البحثية والتطويرية.

فى عام 2021، مثلت شركتا الرقائق الأمريكيتان العملاقــتان إنتـــل وAMD ربــع إيراداتهما العالمــــية فـــى الصــــين، وتشـــكل إيــرادات Qualcomm فى الصين 70% من إيراداتها العالمية، إذا انتهكت الحكومة الأمريكية بالقوة وضع التعاون متبادل المنفعة هذا، فمن المؤكد أن الشركات الأمريكية ستعانى من خسائر فادحـــة وستتعرض لمـــزيـد مـن الضغط من قبل شركات الرقـــائق فى البلدان الأخرى، وفقًا للباحث المساعد فى معهد الدراسات الأمريكية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، «فو سوى شين».

أن نهج إدارة بايــدن جعـــل الأمر صـعبًا بالنسبة لشركات الرقائق الأمريكية؛ التى حاول البعض منها خلال عملية التحضير لمشروع القانون، مثل إنتل الضغط بقوة، على أمل ألا تقيد الولايات المتحدة استثمار شركات الرقائق فى الصين، مدعية أن هذا من شأنه أن يضعف القدرة التنافسية العالمية للشركات التى تتلقى الأموال بموجب القانون الجديد، لكنها فشلت فى النهاية فى إقناع الساسة الأمريكيين بذلك.

ووصف سوى شين الاستثمار البالغ 280 مليار دولار فى الولايات المتحدة بأنه خطوة كبيرة فى تاريخها، وهى أيضًا صفقة كبيرة عندما تكون حكومة الولايات المتحدة مثقلة بالديون، لكنها لا تزال غير كافية بالمقارنة الأفقية مع الدول الأخرى، وليس كافيًا لإحياء صناعة الرقائق الأمريكية، وأضاف بعض الدراسات أشارت إلى أنه إذا أرادت واشنطن إحياء صناعة الرقائق المحلية الخاصة بها، فإنها تحتاج على الأقل إلى تريليون دولار من الاستثمار.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة