يوسف إدريس يستقبل مبارك والأسد فى فيلته بمارينا
يوسف إدريس يستقبل مبارك والأسد فى فيلته بمارينا


كنوز| يوسف إدريس يغرق فى بحر أزمة «البحث عن السادات» !

عاطف النمر

الأربعاء، 07 سبتمبر 2022 - 05:47 م

فى عام 1990 استقبل الكاتب الكبير د.يوسف إدريس الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، الذى كان برفقته الرئيس السورى حافظ الأسد فى فيلته بقرية مارينا الساحلية وقدمت لهم زوجته الشاى، ولم تنشر صحيفة «الأهرام» التى انفردت بنشر الصورة أى تفاصيل عن الزيارة المصادفة التى لم يتوقعها يوسف إدريس ولم يكن مستعدا لها لأنه استقبل مبارك والأسد وهو حافى القدمين ويرتدى الشورت والتشيرت، وظل هكذا طوال الزيارة. 

قبل هذه الزيارة بسبع سنوات - أى فى الأول من مايو عام 1983 - كان الرئيس مبارك يلقى خطابه فى عيد العمال، وكانت هناك حملة شعواء من عدد من الكتاب والصحف على د.يوسف إدريس بسبب المقالات التى ينشرها فى جريدة «القبس الكويتية» بعنوان «البحث عن السادات»، وظن د.يوسف إدريس أن مبارك سوف يوقف هذه الحملة عليه من الصحف التى تنهش فيه كما يقول فى كتابه «فقر الفكر وفكر الفقر» لكنه صعق وهو يشاهد الخطاب عندما وجد مبارك يدافع عن الرئيس السادات وقال إن هناك كاتبا كبيرا - لم يذكر اسمه - تقاضى 5 آلاف دولار من الرئيس الليبى معمر القذافى للإساءة للرئيس السادات فيما ينشره من مقالات خارج مصر، وكانت العلاقات بين مصر وليبيا فى توتر وانقطاع منذ فترة حكم الرئيس السادات، وكانت الصحف القومية تهاجم فى ذات الوقت الكاتب محمد حسنين هيكل للإساءات التى وجهها للرئيس السادات فى كتابه «خريف الغضب» الذى بدأت صحف عربية فى نشره على حلقات، وكانت جريدة «الأهالى» الناطقة بلسان حزب التجمع اليسارى قد نشرت الحلقة الأولى من الكتاب ثم توقفت عن مواصلة النشر. 

اجتمع المجلس الأعلى للصحافة لمناقشة كتاب «خريف الغضب» لهيكل، ومقالات «البحث عن السادات» ليوسف إدريس، وأصدر المجلس بيانا يدين فيه هيكل ويوسف واعتبر ما ورد فى الكتاب والمقالات مجافيا للحقائق التاريخية، واعتداء على حرمة الموتى، ومخالفة تقاليد المجتمع الدينية والأخلاقية والمهنية، ومحاولة لطمس أمجاد الجيش المصرى وبطولات الشعب المصرى، وكانت جريدة «الأهالى» قد نشرت ما يفيد أن مباحث أمن الدولة صادرت كتاب «البحث عن السادات» الذى أصدره يوسف إدريس فى عام 1984، وقالت الجريدة إنها تنفرد بنشر مقدمة الكتاب التى يوضح فيها يوسف إدريس ظروف كتابته للمقالات التى نشرت أولا فى «القبس» بالكويت وتناول فى المقدمة اتجاهات الحملة التى شنّت فى الصحف المصرية على الكتاب التى بلغت ذروتها بالهجوم المباشر الذى شنّه الرئيس مبارك على الكاتب والكتاب، واعتبر يوسف إدريس ذلك محاولة لاغتياله، الأمر الذى دفعه لجمع المقالات فى كتاب يكون نشره مقدمة للمطالبة بمحاكمة كل الذين حرّضوا على اغتيال سمعته، وقالت «الأهالى» إنها عندما تنشر مقدمة الكتاب فهى تضمّ صوتها لكل الأصوات التى أزعجها قرار مصادرة الكتاب باعتباره انتهاكا لحقّ كاتب من أبرز الكتّاب فى تاريخ الأدب العربى كله، وانتهاكا لحرية الرأى والفكر، وإهانة لكاتب لا يشكّك أحد فى تاريخه حتى ولو كان ضد اتفاقية «كامب ديفيد» التى وقعها السادات مع إسرائيل لأن هناك آخرين ضد هذه الاتفاقية غير يوسف إدريس!! 

وعلق د.محمد حلمى مراد فى جريدة «الشعب» لسان حال حزب العمل على الهجوم الضارى الذى تعرض له د.يوسف إدريس قائلا: «اتهم الرئيس حسنى مبارك فى خطابه يوم عيد العمال الأستاذ يوسف إدريس اتهاما خطيرا يعتبر طعنة فى صميم وطنيته وذمته وكبريائه، عندما قال إنه تقاضى خمسة آلاف دولار من الرئيس الليبى معمر القذافى، ليكتب مقالاته التى نشرها فى «القبس» الكويتية التى أثير حولها الضجيج دون أن يطلع أحد عليها، ودون أن يسمح لكاتبها ببيان وجهة نظره، وأنكر الكاتب هذا الاتهام الخطير، ونشر مقالا فى صحيفة «الأحرار» التى قبلت أن تنشر له دفاعه عن نفسه بعد أن أغلقت الصحف فى وجهه وفى مقدمتها «الأهرام» التى يعمل بها، وصاغ المقال فى صيغة خطاب مفتوح إلى الرئيس بعنوان «إننى أتظلم منك وإليك»، قال فيه: «إن طعنى فى شرفى وعلى الملأ هكذا، مسألة أهون منها عندى حكم الإعدام، إذ أن طعن الكاتب فى شرفه من رئيس الدولة إعدام غير مشرّف»، وذكر أنه يجب الفصل بين مقابلته للقذافى التى أخطر بها الرئيس مبارك بعد عودته بما تم فيها، فى خطاب سلمه لسكرتاريته الخاصة بعد أن عجز عن تحديد موعد لمقابلته، وبين ما كتبه فى إحدى الصحف العربية نتيجة عدم إتاحة الفرصة له بالكتابة بحرية فى «الأهرام» التى يعمل بها. وقرّر أنه ضحية مؤامرة كبرى من عشرات الأقلام الخبيثة لتؤلّب عليه الرأى العام ورئيس الجمهورية، وأنه كان كفيلا بهم جميعا، لو أتيح له أن يردّ عليهم حيث يكتبون، أمّا حين يستغيثون بالرئيس المصرى وينصرهم ويخذله، فليس عليه إلا أن يتظلّم منه… إليه»!! .

وكتب يوسف إدريس فى جريدة «الأحرار»: «أعتقد أن القراء يذكرون الحملة الضارية التى قامت ضدّى حين كتبت المقالات السبع تحت عنوان «البحث عن السادات»، الحملة التى بدأت بكذبة دنيئة من أننى قلت عن حرب أكتوبر أنها كانت تمثيلية متّفقا عليها، وقد اتهمنى رئيس الجمهورية فى خطبة أول مايو 1983 بتهمة تمس الشرف والكرامة، وقد آثرت أن أضمّن فى الكتاب الوثائق الخاصة بالموضوع، ليس دفاعا عن النفس، وإنما لإثبات لأحداث وقعت، ومؤامرة تمّت ضدى، وبنجاح شديد، وقد آثرت إكمالا للتوثيق أن أورد هنا مقالتين كتبهما الأستاذ الكبير فتحى رضوان عن هذا الموضوع، ومقالة للكاتب الوطنى الفذ الأستاذ جلال أمين، لأنهما كادا أن يكونا الصّوتين الوحيدين اللذين ارتفعا فى ذلك الموقف الخطير الملتهب الذى اشتعل ضدى، وإذا كان لى من تعليق صغير أضيفه، فإنى أؤكّد أن ما حدث من وزير الثقافة وعدوانه الصارخ على شخصى ووظيفتى، وردود الأفعال الثقافية والشعبية الهائلة، كانت فى حقيقة أمرها ردّا لاعتبارى قبل الهجوم الغادر الذى شنّ عليّ قبلها بعام، والذى نجح فى الإيقاع بينى وبين الرئاسة فى مصر، بل وكاد أن ينجح فى الإيقاع بينى وبين قواتنا المسلحة البطلة، إنها حقائق ووقائع للتاريخ ليس إلا، ولا أملك معها إلا أن أقول «فأمّا الزّبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث فى الأرض» صدق الله العظيم .

وقال يوسف إدريس أيضا: «جمعت المقالات التى نشرتها فى «القبس» بالكويت فى كتاب لأطالب بمحاسبة كل الذين تآمروا لاغتيالى، من كتاب احتلوا الساحة الصحفية والسياسية، للبحث عن الحقيقة، ومعرفة ما الذى حدث، وكيف حدث، ولماذا حدث»، وبرر يوسف إدريس نشر مقالاته السبع فى الكويت التى جمعها فى الكتاب «بأنه اطلع على مذكرات وزير الخارجية السابق محمد إبراهيم كامل التى لم تنشر فى مصر، وتابع مذكرات كيسنجروقال إنه استشعر أن هناك مؤامرة دولية غربية، وخطة عظمى للمنطقة حتّمت أن يركز الغرب على السادات ليعزل مصر تماما ويشلّ فاعليتها، ووجه يوسف إدريس سهام اتهامه للكاتب الكبير صلاح منتصر مدير تحرير «الأهرام» الذى قال عنه: «كان يشطب ما شاء من كتابتى دون علمى وينشر مقالى الناقص وكأنه رأى؛ بمعنى أنه أقام من نفسه وصيّا على كاتب له ثلاثون عاما يكتب، وكان لابدّ أن تحدث مشاحنات بينى وبينه وبينه وبين بقية المسئولين، وهذا هو السبب الأول فى أننا نلجأ أحيانا للنّشر فى الجرائد العربية».

كان عاما 1983 و1984من الأعوام العصيبة التى مرت على تشيخوف العرب يوسف إدريس بسبب «البحث عن السادات»، فلِمَ زاره الرئيس الأسبق مبارك برفقة الرئيس السورى حافظ الأسد فى فيلته بمارينا بعدها بسبع سنوات واحتسى عنده الشاى؟ هذا ما لا يعرف أحد تفاصيله. 
«كنوز» 

إقرأ أيضاً| صاحب «الصدفة والمواعيد» يعترف: أعانى من «شيزوفرينيا» جغرافية!

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة