قاعدة فورت هود
قاعدة فورت هود


دفنها في قاعدة عسكرية.. جريمة قتل تهز الجيش الأمريكي

أخبار الحوادث

السبت، 10 سبتمبر 2022 - 01:52 م

كتبت: دينا جلال

واقعة اختفاء غامضة لمجندة أمريكية شابة، انكشفت أحداثها لتتحول إلى جريمة قتل مروعة جعلت من "فانيسا جيلين" رمزًا لضحايا الاعتداءات والإيذاء في الجيش الامريكي، القاتل ضابط انتقم منها بسبب شكواها المتكررة ضده فقرر قتلها وإخفاء جثتها بالقرب من قاعدة عسكرية بمساعدة زميلتهما، وبالفعل صدرت تقارير الطب الشرعي لتكشف كمًا هائلا من الانتهاكات بحق فانيسا كما أزاح الحادث الستار عن عدد من حوادث الاختفاء وكذلك تعرض المجندات لمضايقات وتهديدات لا تتوقف عند تقدمهن بشكاوى رسمية بل تزداد الامور سوءًا ليواجهن المزيد من التجاهل أو الانتقام.

تحولت جريمة القتل إلى أحدث قضية تعويض تشهدها المحاكم الفيدرالية؛ حيث عادت المجندة الضحية فانيسا جيلين، 20 عاما، إلى الاضواء من جديد بعد اتخاذ عائلتها قرار إقامة دعوى قضائية تطالب الحكومة الفيدرالية بتعويض يصل إلى 35 مليون دولار، وهى القضية التي حازت على اهتمام إعلامي كبير بعد اكتشاف جثتها في قاعدة فورت هود العسكرية عقب شكواها بالتعرض للعديد من التجاوزات الاخلاقية والإساءة الدائمة والإيذاء والتحرش، وكشفت التحقيقات أن قيادات الجيش في تلك القاعدة لم يلتفتوا إلى شكواها لينتهي الامر بمقتلها وإخفاء جثتها بالقرب من قاعدة فورت هود بتكساس.

شكاوى سابقة

تعود أحداث جريمة قتل فانيسا إلى عامين حين بدأ الامر بواقعة اختفاء مريبة سبقتها شكوى واتهامات وجهتها المجندة ذات الاصول اللاتينية إلى احد الضباط تتهمه بالتحرش والمضايقات الدائمة، كشفت فانيسا لعائلتها السر الذى احتفظت به طويلا ليسبب لها اثرًا نفسيًا بالغًا إلا أنها لم تعد تتحمل إخفاءه حيث تتعرض بصفة مستمرة إلى إساءات متنوعة، لم تكتف فانيسا بإبلاغ والديها فقط وإنما قررت الابلاغ عن الامر رسميًا بعد تشجيع عائلتها لها لتفاجأ بتعرض زميلاتها المجندات إلى مواقف مماثلة وقمن ايضا بتقديم عشرات الشكاوى ضد الضابط نفسه دون نتيجة.

تطورت الاحداث سريعًا لتتحول القضية إلى حادث اختفاء مريب حيث شوهدت فانيسا للمرة الاخيرة فى ابريل الماضي بالقاعدة وعثرت قوات البحث على سيارتها وأوراقها داخل غرفة الاسلحة بالقاعدة إلا أنها اختفت تماما، ومن هنا تحول اختفاء فانيسا إلى احتجاجات غاضبة لعائلتها واصدقائها، وقرروا التجمع باستمرار امام القاعدة العسكرية من اجل الضغط للاهتمام بقضيتها والبحث عنها.

ضغوط شعبية

اضطرت السلطات إلى نشر ما يزيد عن 500 جندي للبحث عنها فى اماكن التدريب والثكنات العسكرية والمناطق المحيطة بالقاعدة ليتعهد نائب الكونجرس بالولاية بالعمل من اجل العثور على المجندة  كما حازت القضية على اهتمام إعلامي في ذلك الوقت فقامت عدد من الفنانات ومنهن الممثلة الشهيرة سلمى حايك ذات الاصول اللاتينية بنشر صورة فانيسا على صفحتها الشخصية لتتعهد بتكرار نشر الصورة إلى أن تظهر المجندة.

انكشفت تفاصيل الحادث بعد العثور على جثة المجندة فانيسا بالقرب من القاعدة العسكرية في يونيو 2020 وكشفت التحقيقات مقتلها على يد زميلها الجندي آرون روبنسون، مسئول غرفة الأسلحة الذي انتقم منها بضربها بمطرقة، وترك جثتها بالقرب من مستودع أسلحة وحين شعر بالخطر عاد إلى الجثة مرة أخرى وقام بتشويهها وتقطيعها وحرقها لإخفاء معالمها ودفنها في قالب اسمنتي إلا أن ضغوط الاعلام وداعمي قضية اختفائها دفعت السلطات الامريكية لمزيد من البحث وكشف أسرار الجريمة.

اقرأ أيضًا

الأمن الروسي يعتقل مواطنا يخطط للانضمام لمنظمة إرهابية

انتحار القاتل

احتوت الاحداث على المزيد من الإثارة، بعد عدة اشهر اعتقل مسئولو الجيش في فورت هود القاتل روبنسون لتواجهه بتحقيقات عاجلة، تهرب القاتل من الاتهامات الموجهة له بقتل نفسه بعد كشف جريمته وفضائحه ليتم الإعلان عن انتحاره خلال ايام قليلة من كشف جريمته، توصل المحققون ايضا إلى المتهمة الثانية وهى مساعدة القاتل في الجريمة سيسيلي أجيلار وعمرها 22 سنة، وتواجه 11 تهمة رسمية منها التلاعب بالأدلة، واعتبارها شريك اساسي فى الجريمة، والإدلاء ببيانات كاذبة إلى سلطات إنفاذ القانون، وكشفت التحقيقات أن سيسيلي ساعدت صديقها القاتل في التخلص من جثة جيلين ودفنها فى ابريل العام الماضي بعد الوصول إلى مكالماتهما الهاتفية ليلة اختفاء فانيسا، وهى الآن محتجزة كسجين اتحادي في سجن مقاطعة ماكلينان، وتسعى إلى سحب اعترافاتها للتهرب من العقوبة.

صدر تقرير الطب الشرعي بعد تشريح جثة فانيسا ليكشف اصابتها بجروح وكسور متعددة في الجمجمة بالإضافة إلى اصابتها بالحروق والكسور العظمية الواسعة، وكذلك تقطيع اجزاء من جسدها حيث استخدم القاتلان فأسا ومطرقة وسكينتين حتى يتمكنا من إخفاء جسدها في حفر متعددة ثم غيرا الخطة في الزيارة الثانية للجثة فحاولا حرقها قدر استطاعتهما ودفن العظام ووضعا الأسمنت على العظام حتى لا يتمكن احد من العثور عليها.

شكاوى رسمية

أشعلت تفاصيل مقتل فانيسا حالة من الغضب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب الكشف عن المزيد من ضحايا سوء المعاملة في الجيش حيث انهالت الكثير من الشكاوى واعتلى تريند او هاشتاج “أنا فانيسا جيلين” صفحات المواقع، ومر عام على الحادث حتى أصدر الجيش تقريرًا عن الضباط الذين تجاهلوا شكاوى فانيسا والتغاضي عن تجاوزات الجندي القاتل تحديدًا وهو الامر الذي اكدته محامية الاسرة ناتالي خوام لشبكة سي بي اس نيوز قائلة: علمنا أنها تعرضت للايذاء البدني والنفسي وعلمنا انها تعرضت للسخرية والإهمال واستغرق الامر شهورًا طويلة للاعتراف بصحة شكواها بعد مقتلها.

استمرت تداعيات الحادث ليصدر المشرعون في الولاية والمشرعون الفيدراليون مؤخرا سلسلة قرارات تكريمًا لفانيسا أو في محاولة لاحتواء موجة الغضب، صدرت قرارات بوقف 14 ضابطًا وجنديًا في قاعدة فورت هود بعد كشف التحقيقات فشل وإخفاق مستمر من القيادات أسهمت في انتشار دائرة واسعة من العنف بما في ذلك القتل والاعتداءات المتنوعة حيث تم العثور على جثث لعدد من الجنود في حوادث متفرقة، وفي يوليو العام الماضي تم تشكيل لجنة من خمسة مشرعين مدنيين للتحقيق في طريقة القيادة في القاعدة والتعامل مع حالات الاعتداءات والاختفاء بين الجنود، ونشرت نتائجها في ديسمبر لتمنح السلطات ضحايا الاعتداءات خيارات متنوعة لاسترداد حقوقهم.

ضحايا آخرون

في ذلك الوقت صرح وزير الاركان وقتها قائلا؛ “التحقيق بعد مقتل فانيسا جويلن كشف أن قاعدة فورت هود تتمتع بسيطرة وتحكم يسمح بنمط من الاعتداء والتحرش، وقال إن القضايا التي تعاني منها فورت هود مرتبطة بشكل مباشر بفشل القيادة، وخلال التحقيقات أجرت اللجنة 647 مقابلة فردية مع عناصر  القاعدة العسكرية وكشفت اللجنة عن رواية ما يقرب من 93 حالة موثقة تحمل شكاوى حقيقية وتم الابلاغ عن 59 منها فقط دون اتخاذ أى إجراءات.

أخيرا تنتهي جريمة قتل فانيسا ببداية جديدة بين اروقة المحاكم حيث أعلنت عائلتها منذ ايام قليلة إقامة دعوى تعويض ضد الحكومة بعد توثيق شكاوى المجندة الضحية  قبل مقتلها والاعتراف بها رسميا حيث أفادت تعرضها للاعتداءات مرتين في السابق إلا أن السلطات فشلت في التصرف بشكل مناسب لينتهي الامر بمقتلها وكادت الجريمة تمر بتجاهل لولا الضغوط المتنوعة من العائلة والاعلام والمهتمين بكشف الجريمة التي فتحت ملفا كاملا من التجاوزات في قاعدة عسكرية واحدة فقط.

4 جرائم قتل في قاعدة فورت هود العسكرية في تكساس

تزامنت قضية فانيسا جيلين مع الكشف عن جثث ثلاث ضحايا آخرين من الجنود على فترات متفاوتة خلال اشهر قليلة لتترك علامات استفهام لقيادات القاعدة والسلطات الامريكية دون إجابة واضحة.

هناك حدث آخر حملته جريمة قتل المجندة فانيسا جيلين اثناء البحث عن جثتها لكشف لغز اختفائها حيث تم العثور على جثة جندي آخر مفقود تم التعرف عليه لاحقًا لتنكشف هويته وهو جريجوري موراليس، وبررت إدارة البحث الجنائي وفاته وقتها لتصفها بوقوع خطأ تسبب في وفاته وإخفاء جثته دون الابلاغ عنها وهو ما دفع اسرته إلى اتهام مسئولي القاعدة العسكرية بقتله والانتقام منه.

لم تتوقف قائمة الضحايا عند هذا الحد حيث تضم القائمة جنديًا ثالثا يدعى براندون سكوت روسكرانس، 27 سنة، عثر عليه على بعد امتار قليلة من القاعدة قبل حادث قتل فانيسا، وكشفت الشرطة أن المتهم توفى بعد إطلاق النار عليه ثم تم إحراق سيارته وتعهدت الشرطة بإجراء تحقيق في جريمتى القتل والحرق.

يستمر الضحايا لتكشف السلطات عن آخرهم وهو الجندي ميجور مرتا، 26 سنة، مسئول إمداد وإصلاح المعدات الكيميائية وتم العثور على جثته بالقرب من بحيرة ستيلهاوس واشارت السلطات إلى أن سبب الوفاة هو الغرق دون تفسيرات واضحة للحادث.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة