علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب


انتباه

شباب الفلاحين

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022 - 06:23 م

قبل أيام احتفلت مصر بعيد الفلاح، الذى صادف هذا العام مرور ٧٠ عاما على اصدار قانون الاصلاح الزراعى الأول، وتساءلت: من يا ترى احتفى بالمناسبة فى ريف المحروسة؟..

أحفاد من استفادوا من قوانين الاصلاح الزراعى، وآخرها صدر قبل ٥٤ عاما، إما انهم رحلوا عن دنيانا، أو بلغوا من الكبر عتيا، ومن يعد منهم شابا فإن أعمارهم تراوح بين الاربعينيات والخمسينيات، وبالقطع فإن الكثير منهم اتجه عمليا وجهات مغايرة، بعيدا عن الفلاحة، وربما عن القرية ذاتها.

لكن ماذا عن أبناء من تشبثوا بالأرض، ومهنة الأجداد والآباء؟

هل يمكن وصف هؤلاء بشباب الفلاحين؟

الواقع يشى باجابة مؤسفة، إن لم تكن محزنة، فأبناء واحفاد فلاحى مصر فى أغلبهم ابتعدوا عن نهج اسلافهم، اختاروا هجر الأرض، منهم من هاجر بعيدا عن الوطن بحثا عن المال فقط، بل إن بعضهم خرج مقررا ألا يعود! وفريق اختار أن يهجر قريته إلى مدينة قريبة أو بعيدة، لا يهم ماذا يعمل؟ وكيف يعيش؟ وكأن «نداهة» قد سلبته ارادته ليعيش فى الأغلب على الهامش، بدلا من أن يتمسك بالأرض وبمهنة الأسرة اجيال وراء أجيال!

الأدهى أن يبقى أبناء الجيل الأخير فى القرية دونما اقتراب من الزراعة، مفضلين قيادة توك توك، أو العمل فى مقهى أو سايبر، أو العمل كبائعين متجولين لتوفير ثمن السجائر والمشاريب، ثم لا أفق لمستقبل يعيد ارتباطهم بالأرض وفلاحتها!

نادرا ما تجد بين شباب الريف اليوم من تستطيع وصفه بـ «فلاح» أى محترف الفلاحة، هذا الصنف الذى يمكن أن تطلق عليه مسمى «شباب الفلاحين»، بات كالعملة النادرة!

قد يثمن من يقرأ هذه السطور تلك الرؤية بالقاتمة، لكنها تبقى مؤكدة للمشهد الأكثر عمومية، الذى يسود فى ريفنا.. ذلك المشهد أظنه أحد أخطر مظاهر المشكلة الزراعية، ومأزق الريف بميراثه العريق.. الصورة العامة لريفنا أصبحت تنذر بالخطر، ولابد من البحث عن عناصر جذب تعيد شباب الريف إلى الارتباط بأرضه، واختيار زراعتها وفلاحتها، منها التدريب على الآليات الحديثة للزراعة، وتوفير فرص للصناعات الريفية، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة، والتكامل فيما بينها، دفعا ودعما لفكرة الريف المنتج.

عندئذ سوف نشهد فعليا عودة مسمى شباب الفلاحين، ومحو الفجوة بينهم وبين قراهم وأرضهم ومهنة الفلاحة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة